«كدواني وفرحات» يتفقان على تنسيق الجهود لتفعيل المبادرة الرئاسية «بداية»    اليوم.. الحوار الوطني يجتمع لمناقشة الدعم    الأنبا توما يترأس القداس الإلهي لأبناء الأقباط الكاثوليك بدبي    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 30 سبتمبر    وزير الإسكان يعلن تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والمحال والأراضي بالمدن الجديدة    وزير الإنتاج الحربي يبحث التعاون المشترك مع سفير كوت ديفوار    النقل: وصول الدفعة الأولى من أوناش محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط تمهيدا لافتتاحها    محمود محيي الدين: تحقيق الاستدامة والاستقرار للقطاع المالي يسهم في تقليل تكلفة الديون    صالون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين يفتح نقاشا موسعا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي    وزير قطاع الأعمال العام يجتمع برؤساء شركات القابضة للتشييد لمتابعة مؤشرات الأداء وموقف المشروعات    استهداف للنازحين بقطاع غزة.. وبيروت في مرمى القصف الإسرائيلي    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    صباح الكورة.. آخر تطورات الحالة الصحية لكهربا وموقف الزمالك من تجديد عقد جوميز    ناصر ماهر: قادرون على التتويج بالدوري.. وكنا نريد مواجهة الأهلي لولا قرار الإدارة    المرور تحرر 28 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    غدا.. الجنايات تستكمل محاكمة متهم بالاتجار في النقد الأجنبي    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بالحوامدية    احتفالا بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر.. وزير الثقافة يعلن فتح جميع المتاحف والمسارح مجانا    طبيب: 30% من أمراض القلب يمكن تجنب الإصابة بها تماما    فيتامينات يجب عدم الإفراط في تناولها أثناء الحمل    مع إرجاء تشييعه ودفنه .. بدء الحداد الرسمى فى لبنان لمدة 3 أيام علي رحيل حسن نصر الله    أسعار الدواجن تنخفض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    أمطار وحرارة واضطراب الملاحة.. توقعات طقس خلال الساعات المقبلة    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 14574 قضية سرقة كهرباء ومخالفة شروط التعاقد خلال 24 ساعة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاعين الخاص والعام.. هل سيتم ترحيلها؟    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    اقرأ في «أيقونة»| بعد واقعة مؤمن زكريا.. هل السحر موجود؟    عقب مباراة الوصل| أهلي جدة يستقر على إقالة يايسله    وزير الثقافة يعلن فتح جميع المتاحف والمسارح مجاناً وخصم 50% احتفالاً بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    «الرعاية الصحية»: إجراء 20 عملية زراعة قوقعة لأطفال الصعيد بمستشفى الكرنك الدولي    الصحة اللبنانية: استشهاد 4 وإصابة 4 آخرين جراء العدوان الإسرائيلي على منطقة الكولا    تفاصيل إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بأكتوبر    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    موعد عرض الحلقة 13 من مسلسل برغم القانون بطولة إيمان العاصي    مين فين ؟    كرمة سامي في اليوم العالمي للترجمة: نحرص على تأكيد ريادة مصر ثقافيا    إعلام إسرائيلي: متظاهرون مطالبون بصفقة تبادل يقتربون من منزل نتنياهو    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    بوليتيكو: أمريكا تعزز وجودها العسكري بالشرق الأوسط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    صحف خليجية: حل القضية الفلسطينية مفتاح بناء السلام بالمنطقة    آخر تطورات أزمة سد النهضة وموقف مصر    وزارة العمل تُطلق مبادرة «سلامتك تهمنا»    الحرس الثوري الإيراني: اغتيال حسن نصر الله سيحدث تغييرا تاريخيا    جثتان و12 مصابا.. ننشر الصور الأولى لحادث تصادم سيارة نقل وأخرى ميكروباص بأسيوط    اصطدام «توكتوك» بتريلا ومصرع سائقه في المنوفية    من مدرسة البوليس بثكنات عابدين إلى «جامعة عصرية متكاملة».. «أكاديمية الشرطة» صرح علمى أمنى شامخ    موظف أمام «الأسرة»: «مراتى عايزة 4 آلاف جنيه شهريًا للكوافير»    الحوثيون باليمن: مقتل وإصابة 37شخصا في قصف إسرائيلي بالحديدة    الأهلي يلجأ للطب النفسي بعد خسارة السوبر الأفريقي (تفاصيل)    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناخب الاستراتيجى فى مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 10 - 2015

انشغلت شاشات التليفزيونات المصرية المختلفة بعرض آراء ما يطلق عليهم خبراء استراتيجيين فى القضايا المختلفة سواء تلك، التى تتعلق بالشأن المحلى أو القضايا الدولية. ويطلق بعض هؤلاء الخبراء سهامهم وسمومهم غير مبالين بأى معايير علمية أو معرفية أو أخلاقية، وبالطبع مثَل موسم الانتخابات البرلمانية المصرية، والذى بدأ الأسبوع الماضى الفرصة ليزداد ظهور هؤلاء الخبراء وتتضاعف معدلات ظهورهم على الشاشات المختلفة.
ويسىء بعض هؤلاء الخبراء أولا لأنفسهم، ويسيئون ثانيا للمؤسسات التى انتموا إليها وعملوا بها يوما ما، وهذه المؤسسات فى معظمها أجهزة سيادية أو جهات عسكرية أو أمنية. وتبارى بعض الخبراء الاستراتيجيون فى تفسير ما شهدته المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية خاصة عزوف قطاعات كبيرة من الناخبين عن التصويت. وأنتقد الخبراء الناخبين والمواطنين المصريين، اتهموهم بالكسل، أو بالانشغال فى مشاهدة أفلام خليعة أو قضائهم ساعات فى تدخين الشيشة.
إلا أن هذه التفسيرات لم تقترب من جوهر المشكلة المتمثل فى كون الناخب المصرى يعد «ناخبا استراتيجيا» له حساباته التى قد لا يفهمها هؤلاء ممن لا يستحقون لا لقب خبراء ولا صفة استراتيجيين.
•••
أصبح المواطن المصرى ناخبا استراتيجيا لا تؤثر فيه دعوات الترهيب أو الترغيب. ولم تستطيع القيادة السياسية ولا النخبة التى تدعمها من ناحية، ولا الأحزاب السياسية الموجودة حاليا على الساحة من ناحية أخرى أن تخدعه. ولم يلبى الناخب المصرى نداء الرئيس السيسى الذى طالب جميع المصريين رجالا ونساء بالتصويت، مؤكدا أن مجلس النواب القادم يعكس أمام العالم أجمع إرادة المصريين فى استكمال خريطة الطريق. وخص السيسى الشباب المصرى، قائلاً: «أدعو المصريين إلى الاحتشاد فى الانتخابات البرلمانية من أجل مستقبل أفضل، أدعو شباب مصر ليكون فى طليعة يوم الاقتراع لحسم الأمر لصالح الوطن». من جانبهم قام رجال الدين الإسلامى والمسيحى بحث المواطنين على المشاركة فى الانتخابات. وخرج الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، يحذر فى فتوى له من مقاطعة الانتخابات، مؤكدا أن من يمتنع عن أداء صوته الانتخابى يكون آثما شرعا. وذكر الدكتور عبدالله النجار، عضو مجلس البحوث الإسلامية، أن المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب 2015 واختيار نواب البرلمان واجب شرعى مثله مثل فرض الصلاة، وأن تاركه كمن ترك تأدية صلاته الواجبة عليه. من ناحيته دعا البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الناخبين المصريين للمشاركة، قائلاً: «إحنا بنركز على تشجيع كل مصرى مسلم أو مسيحى أن يشارك فى الانتخابات.. صوتك أمانة وقوة».
•••
لم يتوقع الناخب الاستراتيجى إلا الاكتساح الكبير للمرشحين المؤيدين للرئيس السيسى، وأدرك كذلك أن من يطلق عليهم مرشحين مستقلين الآن سينضمون لأحد الائتلافات المؤيدة للرئيس والمسيطرة على المجلس لاحقا. وعلى الرغم من وجود حزب النور السلفى وسط قوائم المشاركين، إلا أنه أيضا حزبا مؤيدا للرئيس السيسى، ولا يمثل معارضة.
وعلى الرغم من امتلاك البرلمان المقبل صلاحيات أوسع من كل ما سبقه من مؤسسات تشريعية من حيث وضع سياسات الدولة والموازنة، وتمتعه بصلاحية الموافقة أو الاعتراض على أى رئيس وزراء يعينه الرئيس، وكذلك إمكانية الموافقة على اقتراح بسحب الثقة من الرئيس نفسه بأغلبية ثلثى الأعضاء، فإن الناخب الاستراتيجى فضل أن يبتعد عن عملية التصويت، وهو ما جعل هذه الانتخابات تعد من الأقل من حيث نسب المشاركة.
•••
أدرك الناخب الاستراتيجى أن واقعا جديدا يشير إلى عدم وجود معارضة حقيقية فعالة للنظام السياسى الذى يسيطر عليه الرئيس. أدرك كذلك أن أهم أدوار البرلمان الجديد سيتمثل فى الموافقة التلقائية على سياسات الرئيس وعلى أكثر من 300 مرسوم رئاسى أدار بها السيسى ومن قبله عدلى منصور البلاد فى ظل عدم وجود برلمان منذ الثالث من يوليو 2013. وخلال مقابلة صحفية لرئيس قائمة تحالف (فى حب مصر) اللواء سامح سيف اليزل، وردا على سؤال حول نص الدستور على ضرورة أن يوافق البرلمان على القوانين التى سنها الرئيس أو يرفضها فى غضون أسبوعين فقط من بدء انعقاده، قال اليزل: «أنا شايف أن هذا مستحيل.. 15 يوما ل300 قانون.. صعب. وأنا وجهة نظرى أننا نوافق على القوانين، ثم نناقشها بعد ذلك«! ولم يحتاج الناخب الاستراتيجى لأكثر من هذا الحوار ليتأكد من قيمة وأهمية البرلمان المقبل».
•••
أدرك الناخب الاستراتيجى أن السياسة الحقيقية تغييب عن مصر، وأن التمتع بحياة سياسية مزدهرة ذات انتخابات حرة لا تُقصى أحد ولا تُعرف نتائجها مسبقا، أصبح بمثابة أحلام. جاءت انتخابات برلمان 2015 فى ظل تراجع غير مسبوق فى سجلات حريات التعبير وحريات التجمع وحريات الاعتراض. ويدرك الناخب الاستراتيجى أن مخرجات هذه الانتخابات لن تحيد عن برلمان مستأنس أمنيا يضم ائتلافات مؤيدة للسيسى سواء من المستقلين أو من المؤيدين، إضافة للجزر الصغيرة من الأحزاب الكارتونية الباقية، إضافة لوجوه فاسدة من عهد الرئيس السابق مبارك.
•••
يدرك الناخب الاستراتيجى أن مشاركته فى ثورة 25 يناير هدفت بالأساس ليس لإسقاط الرئيس السابق حسنى مبارك فقط، بل هدفت لتغيير نمط العلاقة المنظمة بين الحاكمين والمحكومين، وآمن الناخب الاستراتيجى أن الانتخابات الجارية لا تخدم هدفه النبيل، بل تهدف لضمان سيطرة نمط كارثى على الحكم من خلال وجوه قديمة ثار الشعب عليها، وذلك من خلال آلية انتخابية مُتحكم فيها ولا تمثل كل المصريين. لم يقاطع الناخب الاستراتيجى المصرى استجابة لنداءات وجهتها عدد من القوى السياسية وبعض الأحزاب القريبة من جماعة الإخوان المسلمين، بل تعامل مع الانتخابات من خلال إحساسه بعدم جدواها بغض النظر عن الأسباب والتفاصيل، والتى ينشغل بالتنظير فيها هؤلاء من يطلق عليهم «خبراء استراتيجيين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.