رغم أنها حليف استراتيجي للسعودية يفرض الوضع الباكستاني غموضا حول المشاركة في التحالف العربي ضد الحوثيين الزيديين الشيعة في اليمن ومحاولة مراعاة صديقها السعودي الداعي إلى الحرب وجاره الإيراني الرافض لهذا التدخل. وتقدم باكستان البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي يملك السلاح النووي وأحد أهم البلدان في العتاد العسكري، منذ زمن طويل خبرة عسكرية للسعودية مقابل الحصول على النفط بسعر جيد ومساعدة مالية لا غنى عنها لاقتصادها الضعيف. وقامت باكستان في ستينات القرن الماضي بتدريب طيارين لسلاح الجو السعودي. وفي الثمانينات مولت السعودية "مجاهدين" متمركزين في باكستان للتصدي للغزو السوفياتي في افغانستان. وفي 1990 شاركت باكستان في حرب الخليج لحماية صديقها السعودي من احتمال عدوان للعراق. واليوم يزور الجنرالات الباكستانيون ورئيس الوزراء نواز شريف بشكل منتظم المملكة، وكانت الرياض تنتظر دعما لا لبس فيه من اسلام اباد عندما ذكرت باكستان بين حلفائها في التحالف الذي يقصف مواقع الحوثيين في اليمن. لكن رد اسلام اباد لم يات واضحا بعد. فقد أكدت باكستان رسميا استعدادها للدفاع "باي ثمن" عن حليفها السعودي في وجه اي تهديد ل"وحدة وسلامة أراضيه" لكنها قالت في الوقت نفسه انها لا تريد تغذية نزاع من شأنه ان يؤدي إلى تفاقم التوترات الحادة أصلا على أراضيها بين المسلمين الشيعة والسنة. وتضم باكستان البلد المسلم العملاق مع تعداد سكاني يقدر بمئتي مليون نسمة، حوالى 80% من السنة و20% من الشيعة ما يجعلها ثاني بلد للاسلام الشيعي بعد إيران جارها الذي تتهمه السعودية بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن. وإن كان السنة والشيعة يعيشون عموما في وئام في باكستان فان التوتر بين المذهبين يبقى حادا في بعض المناطق وقد غذته في السنوات الاخيرة هجمات طائفية قام بها خصوصا المتمردون السنة الطالبان ضد المدنيين الشيعة. ولفت رفعت حسين الخبير العسكري الباكستاني المعروف بقربه من الجيش إلى أن "باكستان تعرف جيدا أن الأمر يتعلق بنزاع قبلي في اليمن حتى وإن اتخذ بعدا (مذهبيا) بين السنة والشيعة، لكنها لا تريد تعقيد الأمور أكثر من خلال الدخول في هذا النزاع بدون ترو". وتسعى إسلام آباد إلى إيجاد طريقة ل"نزع فتيل التوترات". وهذا ما أكده رئيس الوزراء نواز شريف هذا الأسبوع بقوله إنه يريد الاضطلاع بدور دبلوماسي لحل الأزمة في اليمن، في وقت يعارض فيه العديد من المعلقين في البلاد إرسال قوات لتغذية نزاع مشكوك فيه. لكن هل يملك الباكستانيون فعلا الوسائل لرفض طلب للسعودية؟.. "هذا هو السؤال بالتحديد. فهم لا يسمحون لأنفسهم بالقول "لا" لأنهم مدينون جدا للسعوديين" كما أجاب الجنرال السابق طلعت مسعود مشيرا أيضا إلى أن إسلام آباد قد "تتريث بغية انتزاع تنازلات مالية أو أخرى من الرياض". واعتبرت المحللة العسكرية عائشة صديق "أن الجيش الباكستاني لم يرفض مطلقا حتى الآن مساعدة السعودية" مضيفة "لكنني أعتقد أنهم سيسعون للوصول إلى اتفاق باقل ضجة ممكنة". لذلك قد تكتفي باكستان برأي محليين بتدريب عسكريين سعوديين بدون أن تجتاز الحدود اليمنية، وهو أمر "غير ضروري" في الوقت الحاضر بحسب الرياض- أو حتى إرسال مرتزقة من جنود سابقين ما زالوا قادرين على القيام بهذا النوع من المهمات على سبيل المثال. وفي رد على معلومات صحافية أشارت إلى انتشار فعلي لجنود باكستانيين في السعودية لكن بدون الإعلان عنه رسميا، أكد الجيش أن 292 جنديا باكستانيا موجودين فعلا على الأراضي السعودية لكن من أجل "تدريب مشترك" مقرر منذ زمن طويل. وأكد المتحدث باسم الجيش "أنه ليس انتشار عملاني". وإذا كانت باكستان صادقة في رغبتها بعدم التدخل في اليمن، فهي تجازف برأي المحلل الباكستاني عمير جواد بمعاقبتها من قبل السعودية وحتى الولاياتالمتحدة. وفي نهاية المطاف "فإن اعتماد باكستان على النفط والمال السعودي والمساعدة الأميركية قد يشكل ضغطا عليها" بحسب قوله.