مع دخول الحملات الانتخابية البريطانية يومها الثالث، يعتبر الاقتصاد ومستقبل علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، محورى الصراع والعنصرين الأساسيين اللذين يحددان نتيجة الانتخابات العامة في السابع من مايو المقبل، وتعد هذه العلاقة، قضية شائكة محورية في الانتخابات المقبلة. ويعتمد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بشكل كبير على النتائج الإيجابية التي سجلها الاقتصاد من تراجع في معدلات التضخم وانخفاض البطالة. وللمرة الأولى خلال أكثر من نصف قرن، توقفت الأسعار في بريطانيا عن الارتفاع مع هبوط مؤشر التضخم في البلاد إلى صفر. كما أعلن مكتب الإحصائيات الوطني في شهر فبراير الماضي تراجع معدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى أدنى مستوى في أكثر من ست سنوات. وقال رئيس الوزراء عند إعلانه انطلاق الحملات الانتخابية "بريطانيا الآن تسير في الطريق الصحيح ، حيث كانت تقف على حافة الهاوية بعد 13 عاما من حكم حزب العمال"، عندما تسلم مقاليد الحكم عام 2010. وأضاف موجها حديثه للناخبين "بوسعكم أن تختاروا بين اقتصاد ينمو ، وبين الفوضى الاقتصادية التي سيأتي بها اد مليباند زعيم العمال". وفي المقابل، حذر اد مليباند زعيم العمال ، في كلمة أمام حشد من أنصاره في لندن ، من "أن إعادة انتخاب كاميرون كرئيس للوزراء سيعرض الأعمال في بريطانيا لعامين من الفوضى ، وأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمثل أكبر تهديد للأعمال في البلاد". وقال " لن يكون هناك شيء أسوأ لبلادنا أو لأعمال التصدير الضخمة من لعب ألعاب سياسية بعضويتنا في الاتحاد الأوروبي.. لذا لن أفعل ذلك". ويتهم زعيم المعارضة ، رئيس الوزراء بأن إنجازاته الاقتصادية، لا يشعر بها المواطن البريطاني، وأن السياسات التقشفية هي سياسة عامة لحزب المحافظين".. متعهدا بأن حكومة حزبه القادمة ستضع نهاية لهذا التقشف. ويتفق الحزب القومي الإسكتلندي مع حزب العمال، على أن استمرار المحافظين في الحكومة يعني استمرارا " لمعاناة المواطن ، وللسياسات التقشفية". ودعت الوزيرة الأولى في إسكتلندا وزعيمة الحزب القومي نيكولا ستورجيون، يوم الاثنين الماضي، الناخبين الإسكتلنديين إلى التصويت لصالح حزبها لإنهاء الإجراءات التقشفية. وقالت " يمكننا أن نحقق نهاية للإجراءات التقشفية ، التي ينفذها حزب المحافظين ، والتي تسببت في الكثير من الضرر في مجتمعاتنا وتراجع اقتصادنا". وتعرض رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، لضغط كبير من الجناح اليميني في حزبه، الذين يريدون الخروج من الاتحاد الأوروبي بسبب تصويت الناخبين في بعض الدوائر لصالح حزب الاستقلال اليميني المعارض للتوجه الأوروبي في انتخابات البرلمان الأوروبي، إضافة الى تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى بريطانيا من الاتحاد، ما يمثل للبعض تهديدا اقتصاديا وثقافيا. وناشد كاميرون يوم الجمعة الماضي، الناخبين البريطانيين منحه تفويضا لإصلاح الاتحاد الأوروبى وإعادة التفاوض على شروط عضوية بريطانيا في التكتل. وقال كاميرون لدى وصوله إلى المجلس الأوروبي في بروكسل للمرة الأخيرة قبل الانتخابات العامة، إن الناخبين يواجهون خيارا كبيرا بشأن علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، عندما يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في السابع من مايو القادم. وأضاف زعيم المحافظين " هذه آخر مرة سأدخل فيها هذه الأبواب (الاتحاد الأوروبى) قبل السابع من مايو، أريد أن أعود إلى هنا بتفويض واضح جدا لإصلاح هذه المنظمة، لإعادة التفاوض على موقف بريطانيا في داخله وعقد استفتاء على البقاء أو الخروج من الاتحاد بنهاية العام 2017". ويعارض حزبا العمال والديمقراطيين الأحرار (الشريك في الائتلاف الحكومي) والحزب القومي الإسكتلندي، فكرة انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي، مؤكدين أن انسحاب بريطانيا من التكتل يمثل "انهيارا اقتصاديا وسياسيا" للبلاد. ووعد زعيم حزب العمال البريطاني، إد مليباند، ببقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن مستقبل البلاد يبقى في التكتل الأوروبي. وقال مليباند " سأكون واضحا بأن مستقبل بريطانيا على المدى الطويل يقع داخل الاتحاد الأوروبي وليس خارجه، خلال السنوات الخمس الماضية أصبح مكاننا في الاتحاد الأوروبي غير آمن.. ديفيد كاميرون قال إنه سيقود حملة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، والآن لا يستبعد أن يقود حملة للمغادرة". من جانبه، حذر نائب رئيس الوزراء البريطاني، وزعيم الديمقراطيين الأحرار، نيك كليج، الناخبين البريطانيين من أنهم يخاطرون بالانتعاش الاقتصادي الذي تشهده البلاد ويضعون فرص العمل على المحك، إذا لم يصوتوا لصالح حزبه المدافع عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. ويعتبر زعيم حزب الاستقلال، نايجل فاراج، هو الوحيد بين زعماء الأحزاب الذي يعلن بكل صراحة رغبته في ترك الاتحاد الأوروبي، متهما بروكسل بالتدخل في سياسات بريطانيا ورسم سياسات الدول الأعضاء، وفتح الحدود، ما سمح لعشرات الآلاف بالهجرة إليها. واشترط فاراج على كاميرون إجراء استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الجاري، إذا أراد الحصول على دعم حزبه بعد الانتخابات. واتهم فاراج كاميرون بعدم الوفاء بوعده في تقليل معدلات الهجرة من دول الاتحاد الأوروبي، مدعيا بأنه يستطيع خفض معدلات الهجرة إلى 30 ألف مهاجر سنويا.