تثير أعمال العنف الأخيرة، التي استهدفت الأقليات المسلمة الصوفية والشيعية القلق في أفغانستان، التي تواجه أصلا تمرد طالبان الشرس، إضافة إلى اضطرابات إثنية متكررة. وفي مسجد بهادوريا الصوفي في كابول، بات المؤمنون يتجمعون حول زعيمهم الجديد عبد الوحيد بهادوري نجل الزعيم الذي اغتيل في هجوم مسلح نادر ضد هذه الطائفة في السابع من مارس. ومنذ الهجوم يتولى عناصر من الشرطة الحراسة أمام هذا المسجد، حيث فتح مسلحون النار في ساعة الصلاة، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة خمسة آخرين على الأقل بجروح، بحسب الحصيلة الرسمية، فيما تحدث شهود عيان عن سقوط أحد عشر قتيلا. ودق الهجوم، ناقوس الخطر في أماكن مختلفة مرتبطة بهذه المجموعة في كابول، حيث أغلقت أبوابها أو انتزعت اللافتات التي تشير إليها. وقال الزعيم الجديد لمسجد بهادوريا الشاب بهادوري البالغ من العمر 28 عاما: "لم نشهد مطلقا مثل هذا الهجوم على الصوفيين في الماضي، إنها المرة الأولى على الإطلاق". وتابع: "والدي كان زعيما روحيا، كان صوفيا ولم يكن ضالعا في السياسة كما لم يكن له أعداء"، موضحا أنه مسؤول عن اتباع يقدر عددهم بحوالي خمسة آلاف. وأكد: "لا نعلم من فعل ذلك، ليس لدينا أعداء. لا أعرف الدوافع الكامنة وراء هذا الهجوم". وقال سامي جان أحد أنصار الزعيم المغدور: "اتباعنا يتولون أمننا، فالحكومة لم تقم بحمايتنا مطلقا. ربما تعمد أحد استهداف الصوفيين والأقليات الأخرى للتحريض على العنف الطائفي في البلاد". وفضلا عن الصوفيين، عاود المتطرفون استهداف أفراد من الأقلية المسلمة الشيعية. ففي 24 فبراير خطف مسلحون ملثمون نحو ثلاثين شيعيا من اتنية الهزارة التي يمكن التعرف على افرادها محليا من ملامحهم الاسيوية فيما كانوا يتنقلون في حافلة في وسط افغانستان. وفي كابول، تجمع الخميس عشرات الأشخاص لمطالبة الحكومة بتكثيف عمليات البحث من أجل العثور على المخطوفين الشيعة من الهزارة وتحريرهم. وقال نعمة الله (28 عاما) الذي يحتجز والده مع المخطفوين رهائن، "إن على الحكومة الأفغانية أن تستخدم كل الوسائل المتوافرة لتحرير الرهائن بأسرع وقت ممكن". وشككت حميدة بناهي الذي خطف ابن عمها بإرادة السلطات في تحرير الرهائن. وقالت بغضب: "ماذا فعلت الحكومة للإفراج عن أقربائنا؟ لا شيء. ليس لدينا أي أخبار منهم. فلو كانوا كوريين أو إيطاليين لكان تم تبادلهم وتحريرهم". واعتبر محمد محقق أحد زعماء الهزارة الشيعة، أن اختطاف 30 من أفرادهم يعد مؤامرة "لتحويل أفغانستان إلى وزيرستان" المنطقة القبلية بشمال غرب باكستان التي تستخدم قاعدة خلفية لفصائل طالبان ومجموعات أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة. لكن تنظيم القاعدة لا يشغل الأذهان في أفغانستان في هذه الأيام، بل المخاوف من تقدم تنظيم داعش وأجندته المعادية للشيعة في المنطقة.