تتجه القاهرة إلى خفض سقف مطالبها من مجلس الأمن الدولي بعد إعلان القوى الغربية بشكل ضمني رفضها دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى تدخل دولي في ليبيا وتأكيدها أن الحل السياسي هو الأفضل حاليا. طالب «السيسي» الثلاثاء في مقابلة بثتها إذاعة أوروبا 1 الفرنسية، بتدخل دولي في ليبيا معتبرا ردا على سؤال أنه "ليس هناك خيار أخر" لإخراج ليبيا من الفوضي التي تسودها منذ إسقاط نظام معمر القذافي في العام 2011، وحمل ضمنا الدول الغربية التي تدخلت في ليبيا مسؤولية هذه الفوضى قائلا إن "أصدقاءنا الأوروبيين لن يتمموا المهمة" في هذا البلد. وقال مسؤولون مصريون طلبوا عدم ذكر أسمائهم لفرانس برس، إن "الدبلوماسية المصرية تدرك موازين القوى الدولية لذلك فإنها لن تطلب تضمين مشروع القرار الذي سيعرض على مجلس الأمن بعد ظهر الأربعاء الدعوة لتدخل دولي في ليبيا. وفي موقف واضح، بدا ردا على الرئيس المصري، أكدت حكومات الدول الأوروبية الكبرى والولاياتالمتحدة في بيان مشترك مساء الثلاثاء ضرورة إيجاد "حل سياسي" في ليبيا من دون أي إشارة إلى احتمال تدخل عسكري في حال فشلت الجهود من أجل تسوية سياسية. وقال البيان، الذي صدر في روما إن "اغتيال21 مواطنا مصريا في ليبيا بصورة وحشية بأيدي إرهابيين ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية يؤكد مجددا الضرورة الملحة لحل سياسي للنزاع". وأضاف البيان أن "الإرهاب يطال جميع الليبيين ولا يمكن لأي فصيل أن يتصدى وحده للتحديات التي تواجه البلاد". واعتبرت الولاياتالمتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وايطاليا، واسبانيا، أن تشكيل حكومة وحدة وطنية "يشكل الأمل الأفضل بالنسبة إلى الليبيين". ولفت البيان، إلى أن برناردينو ليون الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا سيدعو في الأيام المقبلة إلى سلسلة اجتماعات بهدف التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، مؤكدا أن أولئك الذين لن يشاركوا في عملية المصالحة هذه سيتم استبعادهم "من الحل السياسي في ليبيا". وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم الأربعاء، إن "مصر تريد قرارا من مجلس الأمن يرفع الحظر المفروض على إمدادات السلاح للحكومة الليبية المعترف بها دوليا ومقرها طبرق، كما تريد أن يفتح مجلس الأمن المجال أمام دول المنطقة لدعم هذه الحكومة". ولم يشر بيان الخارجية المصرية إلى أن مصر طلبت تضمين مشروع قرار مجلس الأمن دعوة للتدخل الدولي في ليبيا. وأضاف البيان، أن شكري أكد ضرورة "إضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته إزاء الوضع المتدهور فى ليبيا بِما فى ذلك النظر فى إمكانية رفع القيود المفروضة على تزويد الحكومة الليبية بصفتها السلطة الشرعية بالأسلحة والموارد اللازمة لإستعادة الإستقرار والتصدي للارهاب". وتابع البيان، أن شكري، الذي "التقى الثلاثاء سفراء الصين، الرئيس الحالي لمجلس الأمن، وفرنسا وروسيا والولاياتالمتحدة وبريطانيا واسبانيا، وماليزيا، وتشيلي وانغولا" في مجلس الأمن، طلب كذلك "تضمين قرار مجلس الأمن إجراءات مناسبة لمنع وصول الأسلحة بصورة غير شرعية للجماعات المسلحة والإرهابية". وشدد الوزير المصري، خلال اللقاءات على "إتاحة الفرصة للدول الإقليمية الراغبة فى دعم جهود الحكومة الليبية لفرض سلطتها واستعادة الاستقرار وأداء المهام الموكلة اليها كأي حكومة شرعية منتخبة"، بحسب البيان. وأبدى شكري، وفق البيان، دعم مصر ل "جهود الحل السياسي برعاية الأممالمتحدة" ولكنه شدد على أن لا يشمل هذا الحل إلا "الأطراف الليبية التى تنبذ العنف والإرهاب وتلتزم بذلك". وتعترض القاهرة على مساواة حكومة طبرق بالميلشيات الليبية والمجموعات المسلحة الأخرى في البلاد. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية بدر عبد العاطي لفرانس برس "لا يعقل أن يتم حظر تصدير السلاح إلى الحكومة الليبية المعترف بها دوليا ومعاملتها على قدم المساواة مع المجموعات المسلحة والمبليشيات الأخرى، فهذه حكومة جاءت بانتخابات حرة". كما لا تتفهم السلطات المصرية كذلك أسباب تردد الدول الغربية في تمديد نطاق عمل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلى ليبيا. وقال عبد العاطي، إن "التحرك المصري في الأممالمتحدة يهدف كذلك إلى مطالبة التحالف الدولي ضد داعش بعدم الكيل بمكيالين، فلا يعقل التعامل مع داعش في سوريا والعراق بقوة وحزم في حين يتم غض الطرف عن داعش في ليبيا". وتعتبر السلطات المصرية، أن وجود تنظيم داعش في ليبيا، على حدودها الغربية، تهديدا مباشرا لأمنها القومي خصوصا أن جماعة أنصار بيت المقدس التي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش متواجدة في شمال سيناء في الشمال الشرقي للبلاد. وكانت القاهرة بدأت تحركا سريعا في الأممالمتحدة وطلبت عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن حول ليبيا بعد إعلان تنظيم داعش في هذا البلد إعدام ا2 رهينة مصريا مسيحيا، في شريط فيديو تضمن مشاهد مروعة أثارت غضبا واسعا في مصر. وقبل أن يبدأ تحركه الدبلوماسي، أرسل الرئيس عبد الفتاح السيسي المقاتلات المصرية لقصف مواقع تنظيم داعش في ليبيا بعد بضع ساعات فقط من نشر هذا الشريط.