تعرضت الهدنة التي أعلنت قبل يومين بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا للخطر مساء الاثنين، مع اندلاع القتال على مشارف مركز استراتيجي لخطط السكك الحديدية، وتكرار عدد من الخروقات، ما يعرض الاتفاق للبدء بسحب الأسلحة الثقيلة من الجبهة للخطر. ودعا الاتحاد الأوروبي، الذي دعم الجهود الجديدة للسلام والتي أثمرت التوصل إلى الاتفاق بعد وساطة صعبة لكل من فرنسا وألمانيا، الطرفين إلى "وقف إطلاق النار". في موازاة ذلك نشر الاتحاد الأوروبي لائحة جديدة بأسماء أشخاص وكيانات تشملهم العقوبات لاتهامهم بالضلوع في النزاع الدائر في أوكرانيا، بينهم مساعدان لوزير الدفاع الروسي. وتوعدت روسيا من جهتها بالرد "المناسب" واصفة العقوبات بأنها "غير متماسكة وغير منطقية". وتشمل العقوبات أيضا عددا من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك المعلنتين من جانب واحد وكذلك وحدات متمردة. وفي الإجمال أضيفت إلى اللائحة 19 شخصية جديدة و9 كيانات وباتت تضم 151 إسما و37 كيانا. وعبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل الاثنين عن "قلقهم" إزاء القتال المستمر بعد وقف إطلاق النار في مدينة ديبالتسيفي شرق أوكرانيا، كما أعلن قصر الاليزيه. وقالت الرئاسة الفرنسية، إن هولاند وميركل وبوروشنكو الذين تحدثوا هاتفيا "عبروا أيضا عن رغبتهم في تسهيل وصول مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من أجل تطبيق وقف إطلاق النار". وتبادل مسؤولون من حكومة كييف والانفصاليين الاتهامات بشأن الهجمات المتواصلة التي حالت دون سحب الدبابات والصواريخ والمدفعية من خط الجبهة في شرق أوكرانيا قرب مدينتي دونيتسك ولوجانسك اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون. ومن المفترض أن يبدأ سحب الأسلحة الثقيلة منتصف ليل الاثنين. ووقعت أسوأ أعمال عنف حول بلدة ديبالتسيفي، التي تعد مركزا مهما للمواصلات بين دونيتسك ولوجانسك، حيث يحاصر الانفصاليون المجهزون بأسلحة ثقيلة آلاف الجنود الحكوميين. وقالت المسؤولة في بلدية ديبالتسيفي ناتاليا كرابوتا التي أجليت من المدينة لوكالة فرانس برس، إن نحو خمسة آلاف مدني محاصرون في ديبالتسيفي حيث توقفت حتى إمدادات الطعام والماء بسبب الأعمال العسكرية. وقالت "إن النهار كان هادئا عموما أمس لكن اليوم تجددت (المعارك) وتسمع الانفجارات بشكل مستمر. ولا يستطيع الناس الخروج بسبب إطلاق النار على الطريق وهم محرومون من الخبز والمياه". ولم يتمكن فريق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المكلف بمراقبة وقف إطلاق النار من دخول المدينة بسبب العنف المتواصل. وقال الناطق باسم هيئة أركان الجيش الأوكراني فلاديسلاف سيليزنيوف "من غير الوارد في الوقت الحاضر سحب الأسلحة الثقيلة. كيف يمكن سحب الأسلحة إن كان المتمردون يحاولون مهاجمتنا بدبابات ويطلقون النار علينا بشكل مستمر؟". كما نقلت وكالة الأنباء التابعة للمتمردين عن المسؤول العسكري الانفصالي ادوارد باسورين "أن سحب الأسلحة الثقيلة لا يمكن إنجازه إلا وفق بعض الشروط وخصوصا بعد وقف إطلاق النار بشكل كامل". واتهمت كييف الانفصاليين الساعين للسيطرة على ديبالتسيفي بإطلاق النار 112 مرة في خلال أربع وعشرين ساعة على المواقع الأوكرانية، منها 90 مرة على ديبالتسيفي وقرى مجاورة على ما أعلن ناطق عسكري أوكراني آخر هو اناتولي ستيلماخ. وأضاف أن القصف أدى إلى مقتل خمسة جنود وإصابة 25 آخرين. وقال إن المتمردين الذين قصفوا مؤخرا المدينة بقاذفات الصواريخ المتعددة "تلقوا الأمر بالاستيلاء على ديبالتسيفي بأي ثمن"، مضيفا "أن جنودنا لم يطلقوا النار سوى في حالة الرد" على كل أنحاء خط الجبهة. وفي ظل هذه التطورات، دعا وزير الخارجية الأوكراني بافلو كلميكين من صوفيا إلى التطبيق الكامل لاتفاقات السلام الموقعة في مينسك والرامية إلى إنهاء النزاع الذي أوقع أكثر من 5500 قتيل في خلال عشرة أشهر. وقال الوزير "من الضروري الآن وقف إطلاق النار وسحب المدفعية الثقيلة والبدء بتبادل الأسرى، بشكل يسمح بوصول المساعدة الإنسانية إلى الناس ويمكننا من البدء مجددا بالعملية السياسية". وصرحت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية مايا كوجييانكيتش في بروكسل أنه رغم أن الهدنة تعتبر "صامدة" بشكل كبير، إلا أنه "من الضروري تطبيق وقف إطلاق النار بشكل تام". وأكدت المستشارة الألمانية انجلا ميركل ذلك، إلا أنها أقرت بأن "الوضع هش". وأضافت في برلين "لقد قلت دائما أنه لا يوجد ضمان بأن جهودنا ستنجح. وهذا مسار صعب للغاية". وتوسطت ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في التوصل إلى الاتفاق الخميس الماضي والذي مهد لوقف إطلاق النار. والهدف النهائي لاتفاق السلام هو إنهاء النزاع المستمر منذ عشرة أشهر والذي أسفر عن مقتل أكثر من 5600 شخص، طبقا للأمم المتحدة.