استمتع سكان دونيتسك، معقل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، مساء أمس، بأول ليلة من دون قصف بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ورغم ذلك يساورهم الشك في إمكانية صمود الاتفاق. ويسكن اندري اندريفيتش (77 عاما) في منطقة تعرضت لقصف مدفعي طوال ثمانية أشهر وتقع بين المطار وسكك الحديد في المدينة.. ويقول "لا أعتقد أن وقف إطلاق النار سيحترم لفترة طويلة. ولكن من الجيد أن تمر أيام عدة، هذا سيسمح لنا بإصلاح واستعادة المياه والغاز والكهرباء. إن منزلنا محروم من هذا كله منذ بدء القصف في 12 يناير". ويروي أن السوق الواقعة مقابل سكك الحديد في دونيتسك تشهد صباح الأحد زحمة وحركة غير مسبوقة مقارنة مع الأشهر الماضية. أما بائعة الكعك ايرينا (55 عاما) فتقول بسعادة "هناك زبائن عشرة مرات أكثر من العادة. وكأننا عدنا تقريبا إلى ما قبل الحرب". وتفضل ايرينا أن تفكر بإيجابية، أي بنهاية المعارك والاستمتاع بالسلام، ولكن رغم ذلك تجد نفسها تعيش في الشكوك. وتروي "نأمل دائما لأننا لا نستطيع العيش من دون أمل. ولكن إذا فكرنا في الأمر قليلا، سنجد أنه من الصعب أن يطول هذا (وقف إطلاق النار) طويلا". وتنبري قريبتها نتاليا اليكسندروفنا (50 عاما)، بائعة الطعام قائلة "انتظرنا وقف إطلاق النار كما ننتظر عادة عند منتصف الليل السنة الجديدة". وتتابع "تعب السكان هنا كثيرا من القصف اليومي حتى وصل بهم الأمر إلى الشك بأن يتحسن الوضع يوما ما". أما في ثاني أهم معاقل الانفصاليين، في "جمهورية لوجانسك"، يبدو وقف إطلاق النار، صامدا بشكل عام رغم اإعلان عن مقتل مدنيين اثنين في منطقة خاضعة لسيطرة كييف. وأعلنت السلطات الأوكرانية، الأحد، أن مدنيين قتلا عقب دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منتصيف الليل، لكن المعارك توقفت عمليا. وقال الحاكم الموالي لكييف في منطقة لوجانسك، غينادي موسكال "بُعيد منتصف الليل أصابت قاذفات صواريخ متعددة الرؤوس وسط قرية بوباسما" ما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين. وأكدت مصادر عسكرية أن وقف إطلاق النار صامد في "ماريوبول" المرفأ الواقع على بحر آزوف، كما في ديبالتسيفي التي تبعد 65 كيلومترا شمال شرق دونيتسك. وبدأ الجنود في ديبالتسيفي مرتاحين من وقف المعارك بل إنهم يستمتعون ويلعبون كرة القدم، وفق أحد مراسلي وكالة فرانس برس. وأوضحت السلطات الأوكرانية أن المعارك توقفت على خط الجبهة بأكمله تقريبا بعد الساعة الثالثة ولا تسجل سوى بعض المواجهات المحدودة.. وأكد متحدث باسم القوات الأوكرانية أن المتمردين "قلصوا نشاطاتهم إلى حد كبير" بعد منتصف الليل. وسبقت وقف إطلاق النار معارك طاحنة ديبالتسيفي، المفصل الرئيسي لشبكة سكك الحديد، وتبادل قصف مدفعي أودى بحياة ثلاثة أشخاص في وسط دونيتسك. وكما السكان، يشكك الجنود أيضا في إمكانية استمرار اتفاق وقف إطلاق النار. ويقول جندي آخر "هناك أمل ولكنه يبقى قليلا". وكانت الاشتباكات العنيفة التي سبقت وقف إطلاق النار عززت المخاوف من انهياره كما حدث في المرات السابقة. ويمهل الاتفاق الذي أبرم الخميس الماضي في مينسك بعد ليلة من المفاوضات بين قادة أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، كييف والمتمردين يومين بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لبدء سحب الأسلحة الثقيلة من خط الجبهة.