في أول يوم دراسة بالجامعات: وزير التعليم العالي يتفقد جامعة حلوان    تراجع ملحوظ في أسعار الذهب في مصر: ضغوط اقتصادية تؤثر على السوق    محافظ الجيزة يوجه بتبسيط الإجراءات والتسهيل على المتقدمين للتصالح في مخالفات البناء    إطلاق رشقات صاروخية من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي في إسرائيل    الجيش الإسرائيلي يعلن استدعاء 3 كتائب احتياطية لتعزيز الدفاع في القيادة المركزية    مراسل القاهرة الإخبارية: اللبنانيون لم يذوقوا النوم الساعات الماضية    أخبار الأهلي : أول قرار للخطيب بعد خسارة الأهلي لقب السوبر الأفريقي    ليفربول يخطط لضم نجم دورتموند في صيف 2025    الأرصاد: انخفاض جديد بدرجات الحرارة في هذا الموعد    رئيس مياه القناة: انطلاق استعدادات استقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    إصابة 3 أشخاص في حادث على طريق العريش الدولي بالإسماعيلية    لمياء فهمي تطمئن الجمهور على حالتها الصحية بعد تعرضها لحادث سير    "وزير الدولة للإنتاج الحربي" يترأس مجلس إدارة المركز الطبي التخصصي    بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة النووية الثانية بالضبعة (صور)    تعرف على موعد حفلات تخرج دفعات جديدة من كلية الشرطة والأكاديمية العسكرية    الهند تحذر:استمرار باكستان في الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة    رئيس جامعة أسيوط يشهد تحية العلم في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    جمهور الزمالك يهاجم إمام عاشور واللاعب يرد (صور)    أسعار الدواجن ترتفع اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    4 نوفمبر المقبل .. وزارة الإسكان تشرح للمواطنين مزايا التصالح على المباني المخالفة    سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    تجديد حبس عاطلين متهمين ب سرقة سيارة في الشروق    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    بأوتبيس نهري.. تحرك عاجل من محافظ أسيوط بعد فيديوهات تلاميذ المراكب    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    تداول 47 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    3 أفلام سورية بمهرجان ليبيا السينمائي الدولي للأفلام القصيرة    بسبب طليقته.. سعد الصغير أمام القضاء اليوم    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي يجب الالتزام به    حفيد عبد الناصر: الزعيم يعيش فى قلب كل مصرى    وزارة الصحة: إرسال قافلة طبية لدولة الصومال لتقديم الخدمات الطبية    رئيس الرعاية الصحية يلتقي عددًا من رؤساء الشركات لبحث سبل التعاون    مجسمات لأحصنة جامحة.. محافظ الشرقية يكرم الفائزين في مسابقة أدب الخيل    التفاصيل الكاملة لحفل أحمد سعد بمهرجان الموسيقى العربية    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل دولة مارقة لا تكترث للقرارات الدولية    وزارة العمل تستعرض أهم الملفات أمام رئيس مجلس الوزراء.. وتعاون مع "التعليم" في مجالات التدريب المهني    4 شهداء في قصف للاحتلال وسط قطاع غزة    عقوبات الخطيب على لاعبي الأهلي بعد خسارة السوبر؟.. عادل عبدالرحمن يجيب    حدث ليلًا.. حزب الله يشعل النيران في إسرائيل وروسيا تهدد باستخدام النووي (فيديو)    عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    جوميز: الزمالك ناد كبير ونسعى دائمًا للفوز    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    زيزو: قرار استمراري مع الزمالك الأفضل في حياتي    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    أنغام تبدع خلال حفلها بدبي ورد فعل مفاجئ منها للجمهور (فيديو وصور)    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مواجهة داعش العرب يرجعون إلى «ما قبل الدولة»
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 02 - 2015

ما إن يستقر يقين أبناء هذه الأرض على انتمائهم إليها واستحقاقهم شرف هويتها العربية، حتى يخرج لهم، من حيث لا يتوقعون، من يجادلهم، عبر النقاش السياسى الملوث بنبرة طائفية، حول أصولهم وفروعهم، ويفرض عليهم أن يختاروا بين الهويات الدينية والسياسية التى تتداخل فيهم: هل انتماؤهم كيانى جغرافى، أم إنسانى تاريخى، أم مستقبلى مفتوح على العصر؟
هل اللبنانى فينيقى فعلا؟ وهل كان فى التاريخ وحده الفينيقى من أبناء هذا «الساحل السورى»؟! وهل المصرى فرعونى، مجرد متحدر من سلالة الفراعنة أم هو نتاج حقبات تاريخية تداخلت فيها «قوميات» و«أعراق» حتى صار ما صار عليه مع غلبة واضحة للإسلام كدين وللعربية كلغة تؤسس لهوية؟ وهل الفلسطينى كنعانى مقطوع الصلة بالفينيقى فى لبنان وسوريا وبالقبائل العربية فى البيداء الممتدة ما بين ساحل البحر الأحمر وعمق الجزيرة العربية، مرورا ببادية الشام التى تتضمن شرق الأردن وتخترق العراق وصولا إلى اليمن عبر الحجاز؟ وأين السريانى فى السورى والأشورى الكلدانى ثم الكردى فيه كما فى العراق، فضلا عن القبائل العربية التى جاءته قبل الفتح، ثم تدفقت عليه بعده؟ وهل الجزائرى والمغربى بأكثريتهما من البربر، وهل البربر غير العرب أم أنهم منهم فى الأصل، لا سيما إذا ما استذكرنا أن مشاهير فى الثورة والفكر والإبداع الثقافى وعلى امتداد القرنين الذين، كانوا من دعاة العروبة، بل ومن أعلامها، إنما يتحدرون من البربر؟! ثم أليس فى الليبى خليط من القبائل العربية والبربر والتبو؟!
•••
بعد الأنساب والأعراق، جاءت الدعوات والحركات الفكرية السياسية، فى القرن الأخير، لتزيد الأمور تعقيدا: هل اللبنانى هو ابن جبل لبنان وحده، أم أن لبنان بجبله وسهوله وسواحله وطن واحد بهوية واحدة، عربية بالضرورة السياسية والواقع الجغرافي؟! وهل سوريا بالهوية السياسية الحالية هى بعض بلاد الشام التى مزقتها معاهدة سايكس بيكو إربا، عشية اندثار السلطنة العثمانية، فصارت دولا عدة بعضها لبنانى والبعض الآخر سورى والبعض الآخر الفلسطينى صار «إسرائيل» والبعض الرابع صار المملكة الأردنية الهاشمية وما تبقى من سوريا الطبيعية صار العراق؟!
بمعنى آخر: من هم أبناء هذه الأقطار، التى كانت بعض أرض الخلافة العربية الإسلامية، ثم صارت ولايات فى الدولة الأموية أو الدولة العباسية أو الفاطمية قبل أن يأخذها المماليك ثم ترثها عنهم السلطنة العثمانية؟! ألم ينصهروا جميعا وعبر روابط التاريخ والجغرافيا والدين، واللغة بوصفها الوجدان ولسانه، على امتداد ألف وأربعمئة سنة، حتى باتوا أمة واحدة؟!
وهل انوجدت أمم دول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، ومن قبلها فرنسا وألمانيا وسائر جهات أوروبا، على قواعد أخرى غير التاريخ المشترك (وأحيانا بلا ماض، كالنموذج الأمريكى) واللغة والدين كعنصر مكوّن للأكثرية؟
وهل انفصال هذه الأقطار العربية بعضها عن بعض، والصراعات بينها على الحدود التى كثيرا ما أوصلت إلى حالة من القطيعة والمخاصمة تقارب الحرب، إلا واحدة من نتائج التدخل الأجنبى الذى رسم الخرائط وأقام الحدود السياسية التى قسمت القبيلة الواحدة والعائلة الواحدة إلى «مواطنين» فى أكثر من دولة؟!
أين الحدود بين لبنان وسوريا؟ وبين سوريا والأردن الذى كان بعضها، وبين سوريا والعراق، والعراق والكويت، ومصر وليبيا، وليبيا وتونس، وتونس والجزائر، والجزائر والمغرب، وبين مصر والسودان، والسودان وليبيا... من قررها وفى أية ظروف وهل كان للناس فى تلك الأقطار جميعا رأيهم فى حدود الدول التى وُزعوا عليها بالأمر الأجنبى؟!
ربما... ولكنه يتجدد الآن بحثا عن حدود جديدة بين مشاريع الدول التى يجرى الحديث حولها، فى ظل تفجر الأوضاع فى كل من سوريا والعراق، أساسا، فى المشرق، والسودان وليبيا فى الجانب الأفريقى... بينما تعلو أصوات قيادات فى أوساط البربر فى الجزائر تنادى بانفصالهم عن العرب فيها لتكون لهم «دولتهم»!
فأما فى المشرق العربى فقد تجاوز الأمر الأحاديث إلى بروز مشاريع سياسية تحمل الشعار الدينى وتنادى بالخلافة فى دولة مبتدعة تجمع «العراق وبلاد الشام».. أو ليس هذا هو المضمون السياسى لدعوة «داعش»؟
•••
بالمقابل تعلو أصوات منادية بإعادة تقسيم اليمن على قاعدة طائفية قبلية، لا سيما بعد «انتفاضة الحوثيين»، وارتفاع أصوات «الجنوبيين» الذى جدد الحنين إلى ماضى «السلطنات» عبر تقسيم المقسم واستقلال المحافظات والأقاليم فى «دول» بحيث يصير اليمن عشر دول أو أكثر.
أما الوجه الآخر للصورة فيعكس تعاظم القلق عند القادة والمسئولين عن الأمن فى دول الجزيرة والخليج، التى يجمعها «اتحاد» ما زالت تتعثر ولادته الكاملة كجسم سياسى اقتصادى تشد كيانه روابط القربى والمصالح، وتباعد بين أطرافه الطموحات الشخصية المرتكزة إلى قواعد قبلية وعشائرية.
تكفى مجريات الحوادث فى البحرين لتجسم حجم هذا القلق مقابل الشعور بالأمان الذى كان يفترض أن ينشره مجلس التعاون الخليجى، الذى يضم فى عضويته بعض أغنى دول العالم، لا سيما إذا قورن حجم الثروة بأعداد «المواطنين» فيها. ومعروف أن بين أسباب تفاقم الخلاف بين قطر والبحرين، على سبيل المثال، أن كلا من السلطتين فى هاتين الدولتين الصغيرتين جدا تتهم الأخرى بأنها «تشترى» مواطنين من بدو سوريا والعراق، بينما «تستأجر» تحت عنوان التدريب، بعض ضباط الجيش الأردنى.. وكثيرا ما وصلت حدود «الشراء» أو «الاستئجار» إلى بعض أنحاء الباكستان وأفغانستان، بوهم أن جامع الدين هو مصدر الحماية!
•••
إلى أين من هنا؟
وكيف ومتى ينتهى الاضطراب السياسى الأمنى فى العديد من الأقطار العربية، والذى يهدد فى حالات عديدة الكيانات السياسية القائمة... وبعضها بدأ يفقد، بالفعل، صورة «الدولة»، وبالتحديد كجامع وموحد لمختلف فئات الشعب على قاعدة توافق وطنى بين مسلماته البديهية وحدة الهوية، كعنوان لوحدة المصير فى عالم مضطرب؟
المؤكد أن ملايين العرب، فى أقطار عديدة من بلادهم الواسعة، يعيشون قلقا ممضا على المستقبل، وهم يموتون ألف مرة فى اليوم نتيجة الخوف على حياتهم ومصير أجيالهم الآتية فى ظل هواجس الحرب الأهلية التى تهب رياحها عاتية على بلادهم منذرة بسوء المصير، ولا أسباب للحماية وتجاوز العاصفة.
هل هو التاريخ يعيد نفسه، وينساق العرب مرغمين بقوة العجز إلى مستعمريهم القدامى طالبين منهم العودة بجيوش احتلالهم، وإعادة رسم خرائط جديدة لبلادهم؟
إن تجربة المواجهة مع «داعش» فى العراق أساسا، وقبله ومعه فى سوريا، تنذر بوجود مشروع لإعادة صياغة هذين الكيانين السياسيين... خصوصا مع زهو الأكراد ومفاخرتهم بأنهم لوحدهم ومن دون الدولة العراقية، بل ومن خارجها إلى حد كبير قد استطاعوا الانتصار على «داعش».
وقد بات اسم «داعش» مرجعية سياسية لدعوات انفصالية كثيرة تتردد فى أكثر من قطر عربى.
ولا ينفع أن يزعم أى مسئول عربى أن بلاده بعيدة أو محصنة أو محمية جدا بثروتها والمستفيدين الكبار فى العالم من هذه الثروة؟
من هو المعنى بحماية المستقبل العربى الذى ينذر الحاضر بأن يعيد هذه الأمة قرنا أو يزيد إلى الخلف... حتى لا نقول: إلى الاندثار؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.