"فجأة اختفت ولم أعرف أين ذهبت، حتى سمعت صوتها من شباك غرفتي تبكي أعلى مئذنة المسجد المقابل لي، ولا تستطيع النزول". الكلمات السابقة قالتها "روزان – 29 عامًا" عن قطة مقيمة أمام منزلها الواقع على كورنيش مصر القديمة مع مجموعة من القطط الأخرى، تعتني بهم وتطعمهم 3 مرات يوميًا، حتى اختفت يوم 25 يناير الماضي، ولم تستطع إنقاذها "لأن المكان عالي ومفيش سلم بيوصل له"، على حد قولها. اتجهت روزان بعدما علمت بمكان القطة، التي لا تعرف حتى الآن كيف صعدت إليه، إلى خادم المسجد الفرنساوي المقابل للعمارة التي تسكن بها أن يحاول إخراجها من هذا المكان المحبوسة به. أضافت: "الراجل كان متعاون جدا وطلع عشان يوصل لمكانها الموضوع في مخاطرة لأن المئذنة قديمة جدًا ومهجورة من زمان وعشان يوصل لسلمها بيطلع عن طريق سلم خشب على سطح المسجد وياخد السلم يطلع بيه لمكان أعلى برده، وبعدين يوصل لبداية سلم المئذنة والمكان هناك مخيف شوية لأن السلم متهالك". لكن رغم كل محاولاته لم ينجح في الوصول إلى القطة لأن مكانها كان أعلى من آخر نقطة يمكن أن يصل لها، وفجأة اختفت القطة ثانية فظن خادم المسجد أنها استطاعت النزول من نفس الطريقة التي صعدت بها، وفقًا ل"روزان"، التي واصلت حديثها مضيفة: "للأسف الصدمة علي نص الليل رجعت تاني تعيط.. حاولت أحدف لها أكل لكن موصلهاش.. القطة كانت في وضع مأساوي". في صباح اليوم التالي (26 يناير)، كتبت روزان على إحدى صفحات فرق إنقاذ الحيوانات، تطلب مساعدة لإنقاذ القطة، التي لم تأكل أو تشرب أي شئ منذ صعودها للمئذنة، فاقترح أحد المشتركين في الصفحة على روزان أن تتصل ب"المطافئ" أو الحماية المدينة. كانت روزان على يقين أن هذا الاقتراح "مضحك" وأن المطافئ لا يمكن أن تأتي، قائلة: "كنت متصورة أنهم هيقولوا عليا مجنونة وهيقفلوا في وشي"، لكن إحدى المشتركات أكدت أنها كلمتهم من قبل وأنقذوا قطة إلا أن روزان لم تصدق أيضًا. ألو.. المطافي الساعة ال11 مساء، والقطة تبكي أعلى المئذنة، فلم تجد روزان حلا غير الاتصال بالمطافئ، فلن تخسر شيئًا من التجربة، "لم يرد أحد على الهاتف في المرة الأولى، وفي المرة الثانية جاء الرد من أول جرس"، ودار الحوار التالي، الذي تحكيه روزان: روزان: من فضلك أنا عندي مشكلة، في قطة محبوسة في مئذنة المسجد اللي جنب البيت، فأنا عاوزة أعرف هو أنتوا ممكن تيجو؟ المطافئ: هي طلعت إزاي؟ روزان: مش عارفة طلعت إزاي، بس هو انتوا ممكن بجد تيجوا؟ المطافئ: طبعا يا فندم.. بس هي أكيد في مكان طلعت منه. روزان: مش عارفة بصراحة، بس هي من إمبارح كده، بقلها يومين، وبتعيط ومش عارفة تنزل وبحاول أحدف لها أكل مش بيوصل. المطافئ: يومين من غير أكل!.. لا حول ولا قوة إلا بالله، إزاي كده يا فندم وإزاي متكلميناش كل ده. روزان: أنا عمري ما تخيلت أن انتوا ممكن تيجوا.. هو أنتوا بجد هتيجوا؟ المطافئ: يافندم هنيجي.. يا فندم دي روح ولازم نلحقها، دي مأكلتش ولا شربت بقلها يومين. كانت روزان مندهشة من رد الفعل الذي جاء على غير توقعها، وسألها على عنوان المسجد، واستفسر عن طول بوابة المسجد وإذا كان مفتوحا في هذا الوقت المتأخر من الليل. بعد أقل من 20 دقيقة، بحسب ما ورد في رواية روزان، رن جرس هاتفها ليبلغها الشخص نفسه أن القوات وصلت تحت المنزل "وتمت عملية إنقاذ القطة بنجاح". روزان.. عشق القطط روزان محسن، خريجة كلية الحاسبات والمعلومات، وتعمل كمهندسة برمجيات، عاشقة للحيوانات، وتحديدًا القطط بدرجة جعلتها تربي 3 قطط في منزلها، وحوالي 5 قطط أمام باب شقتها، ومجموعة أخرى في مدخل العمارة التي تقيم بها القطط الموجودة في محيط المسجد المقابل لها، إضافة إلى "عصفور" تعتني به في منزلها. ورثت روزان الاهتمام بالحيوانات عن والدها، وأول تعامل معهم كان من خلال كلاب الحراسة في بيتهم، حتى وصلت إلى مرحلة الإعدادية فطلبت من والدها أن تشتري قطة، ومن هنا بدأت التعرف على عالمهم الخاص، حتى اقتنت القطط الثلاث وهم "لي لي (أنثى) – ميشو ومشمش (ذكران)". تعرضت روزان للكثير من التعليقات الساخرة بسبب اهتمامها المبالغ بهذه القطط، وحاولت أن تقنع سكان عمارتها بالسمح للقطط بأن تقيم أمام منزلها وفي مدخل العمارة. تحكي روزان ل"الشروق" عن شخصية القطط قائلة: "القطط يعرفون صاحبهم، ومن يحن عليهم ويطعمهم، وعكس ما هو شائع عن أن القطط غدارة، فهم عندما يشعرون بالأمان في مكان لا يتركوه، ولا تأذي من يتعامل معهم برفق". وتضيف: "كل قط له شخصية مثل البشر، فهناك القط الكسول وآخر شقي وهكذا، كما أن القطط تتعلم اسمها وتحفظه بالتعود وتستجيب بعد ذلك لمن ينادي عليها باسمها، والأسماء الأسهل بالنسبة لهم هي التي تتكون من حروف متشابهة". تقول روزان إن الحيوانات في مصر تتعرض للكثير من الانتهاكات، قائلة: "احنا ماعندناش ثقافة أن الحيوان روح مثلنا"، مؤكدة أنها طوال الوقت ترى في الشارع أطفال أو كبار يتعاملون مع الحيوانات بالضرب أو إلقاء أي شىء عليهم، "ولكن بحاول على قدر استطاعتي أفهمهم كيف يتعاملون معهم برفق".