جامعة الزقازيق تعلن انتظام الدراسة بجميع الكليات (صور)    السيسي يدعو مجلس النواب للانعقاد بداية أكتوبر - نص القرار    كيف تتأثر أسواق الذهب عالميا باغتيال حسن نصر الله؟    إقبال كبيرة من أهالي الإسماعيلية على شادر لحوم حياة كريمة.. أسعار منافسة    «القاهرة الإخبارية»: الشارع اللبناني يعيش صدمة كبيرة بعد اغتيال حسن نصر الله    كيف علق أبو عبيدة على استشهاد حسن نصر الله؟    فيفا يعاقب إيميليانو مارتينيز حارس الأرجنتين بالإيقاف مباراتين في تصفيات المونديال    تجديد حبس التيك توكر "وحش الكون" بتهمة نشر فيديوهات مخلة    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    «وكيل صحة الشرقية» يطمئن على الحالات المصابة ب«النزلات المعوية»    نتيجة المدينة الجامعية جامعة الأزهر 2025.. الرابط والموعد وخطوات الاستعلام    الحكم على سعد الصغير في اتهامه بسب طليقته، 26 أكتوبر    بسبب أحداث لبنان وغزة.. أيمن زيدان يعتذر عن تكريم الإسكندرية السينمائي    تشييع جنازة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي (صور)    زوج شيماء سيف يهنئها بفوز الزمالك: "أنتِ وش السعد"    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    دفاع طليقة سعد الصغير يقدم فيديوهات تثبت جريمته بتهمة السب والقذف    رئيس «الرعاية الصحية» يلتقي الرئيس المؤسس لمجموعة أكيوميد ACCUMED العالمية    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    شبورة كثيفة ونشاط رياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    الحوار الوطني يواصل تلقي المقترحات والتصورات بشأن قضية الدعم    رئيس جامعة بنها: مصر محاطة ب كُرة من اللهب    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع تكتيكي بالذخيرة الحية بالجيش الثالث الميداني    "قالوا عليا مجنون".. مالك وادي دجلة يعلق على مباراة السوبر الأفريقي    بالصور- رئيس الوزراء يتفقد أعمال تطوير مطار سانت كاترين الدولي    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    رئيس الوزراء يزور منطقة وادي الدير بمدينة سانت كاترين    ما حكم كشف قَدَم المرأة في الصلاة؟.. تعرف على رأي الإفتاء    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    «تربية رياضية كفر الشيخ» تحصل على الاعتماد من «الضمان والجودة»    زراعة الشرقية: التصدى لأى حالة تعد على الأرض الزراعية    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    الإسكان تكشف الاستعدادات فصل الشتاء بالمدن الجديدة    إحالة شخصين للجنايات بتهمة خطف فتاة لطلب فدية بالمطرية    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 41586 شهيدا و96210 مصابين    القاهرة الإخبارية: نتنياهو وافق على اغتيال حسن نصر الله قبل كلمته بالأمم المتحدة    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    وزير الشباب والرياضة يفتتح أعمال تطوير الملعب الخماسي بمركز شباب «أحمد عرابى» في الزقازيق    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    أول قرار من كولر تجاه لاعبي الأهلي بعد العودة من السعودية    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    توافد العشرات على ضريح عبد الناصر فى ذكرى رحيله ال 54    أوستن: لا علم للولايات المتحدة بيما يجري بالضاحية الجنوبية لبيروت    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أول رد فعل من حزب الله بعد استهداف مقر القيادة المركزية للحزب    "ظهور محتمل لمحمد عبدالمنعم".. مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة لا تعرف الفراغ
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2014

فى تنحية السياسة مشروع أزمات مستحكمة تحجب فرص التماسك الوطنى الواسع فى أية حرب طويلة مع الإرهاب.
الصراخ يعلو حيث يجب أن تكون العقول فى موضعها تدرك مواطن الخطر وتقدر على مواجهته.
القلق المفرط لا يصنع تماسكا وطنيا والصراخ الإعلامى يطرح نفسه بديلا عن السياسة.
هذه مأساة تشكك فى مستقبل الحريات العامة وتنذر بتوترات عميقة قد تقلب الموازين الحالية كلها.
لا حوارات لها قيمتها تساعد على بلورة التفاهمات العامة ولا رؤى لها أثرها فى التماسك الداخلى.
السياسة تراجعت بصورة تقارب التقاعد كأن شيئا شاخ وتآكلت حيويته.
وهذه مأساة أخرى تعترض مصر فى لحظة يتقرر فيها مصيرها لعقود طويلة مقبلة.
تغيب السياسة حيث يجب أن تحضر فى إدارة الدولة، فلا مؤسساتها الدستورية استكملت ولا نظامها الجديد حسم اختيار فريقه الرئاسى ولا استقرت خياراته الرئيسية.
كل شىء معلق على فراغ
غير أن السلطة لا تعرف الفراغ وأى كلام آخر يناهض الحقائق بقسوة.
فى تأخر الحسم دعوة مفتوحة للماضى أن يتقدم ويتوحش وأن يعلن عن نفسه فى بعض أجهزة الدولة وفى بعض وسائل الإعلام.
الفراغ فى السلطة يغرى الماضى بتطويع الرئاسة الجديدة لمقتضى مصالحه.
لماذا يحاول الماضى الذى دحره شعبه أن يعود الآن؟
ببساطة لأن نظاما جديدا لم يتأسس بعد، فالرئيس لا يلخص النظام، لا هنا ولا فى أى مكان آخر.
ولماذا يضغط رجال الأعمال بمطالبهم كأنها شروط ملزمة لزواج جديد بين السلطة والثروة؟
بوضوح لأن أى نظام لم تستقر قواعده وخياراته فهو ضعيف مهما كانت قوة عضلاته الأمنية.
وهناك من يطلب ابتزازا لمصالح كبرى قبل أن يكتسب النظام الجديد أسباب قوته.
فى كل يوم يمضى دون حسم فى الرؤى والخيارات تتآكل شعبية رئيس راهن عليه شعبه وينفسح المجال واسعا أمام احتمالات الاضطراب السياسى تحت ظلال المخاوف من عودة الماضى بسياساته ووجوهه وغسل سمعته والتشهير بيناير على نحو لا يحتمله الضمير العام.
هذه بوادر أزمة مفصلية تأخذ من البلد تماسكه وتسبغ فى الوقت نفسه شرعية على جماعة الإخوان المسلمين تفتقدها بفداحة.
أزمات الشرعية غير المستبعدة مما لا يمكن تجاوزه بغير حسم الخيارات الكبرى بلا تباطؤ إضافى وسد ثغرات الفراغ السياسى بما يتسق مع الدستور والتزاماته.
أمام الخطر الداهم فإن النظام الجديد لابد أن يعلن عن نفسه وينحاز إلى شعبه ويؤسس شرعيته على قواعد دستورية تنص بوضوح على وحدة «يناير ويونيو».
من أول متطلبات تأكيد الشرعية ورسوخها على أرض صلبة إعادة اعتبار العمل السياسى وفق قواعد واضحة تبدأ وتنتهى بإنفاذ الدستور وقيمه الرئيسية، فالدساتير لا تصنع لكى توضع فى الأرشيف.
فى تعطيل الدستور دعوة للماضى أن يطل على المشهد المحتقن مرة بقوة النفوذ والمال ومرة أخرى بقوة العنف والإرهاب.
كلاهما يفسح المجال للآخر على نحو مثير.
الذين لم يتعلموا شيئا من يناير التى أطاحت نظاما أوغل فى الفساد يمهدون لعودة الذين لم يتعلموا شيئا من يونيو التى أطاحت نظاما آخر أوغل فى التمكين.
المعادلة صحيحة على وجهها الآخر
الفساد يبرر للإرهاب والإرهاب يُمكن للفساد.
ما بين ركام النظامين تتقوض الرهانات الكبرى، فلا دولة حديثة ديمقراطية ولا عدل اجتماعى ولا شىء آخر مما دفع المصريين أثمانا باهظة للحصول عليه.
إزالة الركام من أمام حركة المستقبل مهمة سياسية لا مفر منها لسلامة المجتمع وضمان أمنه وسط كتل النار المتحركة فى المنطقة.
أية إنجازات ممكنة فى مشروعات كبرى قد يتبدد أثرها بلا خيارات اجتماعية تسندها.
كان تأميم قناة السويس ملهما بذاته فى بلد ارتهن مصيره بالكامل منذ حفرها لمصالح الدول الكبرى لكنه اكتسب زخمه مع بناء السد العالى وأوسع عملية تصنيع فى التاريخ المصرى وعدالة اجتماعية غير مسبوقة أكسبت الطبقات المهمشة من فلاحين وعمال حقوقها فى الثروة الوطنية والصحة والتعليم والخدمات الأساسية.
لم يكن الإعلام بطل التحولات ولا الفن صانعها الأول.
أنت لا تقنع إلا بما هو مقنع وأنت لا تلهم إلا بما هو ملهم.
كل ما هو مصطنع لا يقدر على البقاء فى اختبار الزمن.
لا حكم بلا طبقة سياسية ولا إنجاز يلهم بلا عدل اجتماعى ولا مواجهة حازمة مع الإرهاب بلا استراتيجية تضمن القدرة على ضرب مراكزه وتفكيك خلاياه بلا إخلال بطبيعة الدولة المدنية الحديثة.
الحزم مع الإرهاب مسألة حياة أو موت لا تهاون فيها لكنها لا تعنى أبدا طريقا معبدا لعودة الدولة الأمنية والعصف بالأجيال الجديدة وتقويض الأساس الدستورى للحكم نفسه.
الموازين السياسية العامة لابد أن تكون واضحة ومعلنة وأن يكون التوافق حولها واسعا وعريضا، وهذا وحده ما يضمن أن يتقوى التماسك الداخلى أيا كانت مستويات الإرهاب ودرجة خطورته.
بتعبير الرئيس فإنه واثق من دحر الإرهاب طالما كان الشعب مصطفا وراء جيشه وشرطته.
فكرة الاصطفاف الوطنى مسألة سياسية تصنعها التفاهمات بين قوى المجتمع الحية لا الصرخات من فوق منابر الإعلام تسب وتشتم دون تبين للتداعيات الخطيرة على الروح العامة فى لحظة حرجة.
المعضلة الحقيقية أنه ليست هناك أحزاب تتواجد فى الشارع وتؤثر فيه لديها برامج معلنة وكوادر مدربة وآلات انتخابية قادرة على خوض معركة البرلمان المقبلة.
أشباه الأحزاب من تبعات تجريف السياسة على عهد «حسنى مبارك» غير أن الإجهاز عليها قضية أخرى تفضى إلى إضعاف مناعة الدولة فى مواجهة إرهاب يتوحش.
فى غياب أية حوارات بين الرئاسة والأحزاب وجهان للحقيقة، الأول، أن صورتها العامة لا تشجع على حوار ومستوى الأداء يزكى اعتقادا بأن مصالحها تتصدر حساباتها.
بحسب معلومات مؤكدة فإن الرئيس يكاد أن يكون فقد ثقته فى الأحزاب كلها.
والثانى، أن الأحزاب من ضرورات أى بناء سياسى حديث، فلا ديمقراطية بلا تعددية ولا تعددية بلا أحزاب، ومهما كانت الانتقادات صحيحة لمستوى الأداء الحزبى فإنه لا غنى عن الحوار معها وفتح المجال العام طبيعيا وصحيا لبناء نخب جديدة وأحزاب أكثر قدرة، وهذه مسألة وقت ومسألة مستقبل.
الوسائل السياسية أقرب إلى مواد البناء التى تضمن تماسك الجدار الوطنى أو إلى مستلزمات الجسور التى تضمن سلامتها من ضغط الحركة فوقها.
التهاون فى مواصفات البناء يهدم جدرانها والتصلب فى تصميم الجسور يفضى إلى انهيارها.
فى السياسة تتبدى فرص التفاهمات الواسعة التى تغلق أبواب القلق من عودة الدولة الأمنية وسياسات الماضى ووجوهه وتؤكد الحزم الضرورى فى الحرب مع الإرهاب التى قد تطول.
الحسم تأخر بقدر ما تعطلت السياسة.. وهذا وقت لزوم ما يلزم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.