السيسي يضع إكليل زهور على قبري السادات وناصر بمناسبة الذكرى ال51 لنصر أكتوبر    «حماية المنافسة» يبحث التعاون مع المفوضية الأوروبية لمكافحة الممارسات الاحتكارية    المحكمة الدستورية العليا تقضي بعدم دستورية فرض المحافظ ضرائب محلية    الإطفاء الإسرائيلية: منحدرات صفد تحترق بفعل الصواريخ اللبنانية، ونكافح لإنقاذ البلدات المجاورة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 19 مليون جنيه خلال 24 ساعة    العثور على كنز من مجوهرات فضية وعملات معدنية عربية بكمية كبيرة في روسيا    محافظ الدقهلية: انتصار أكتوبر سيظل علامة مضيئة في التاريخ    خبير تربوي عن اليوم العالمي للمعلم: الجندي الحقيقي في ميدان التعليم    لليوم الخامس .. التموين تواصل صرف مقررات أكتوبر بالأسعار الجديدة    تدشين مشروع رأس الحكمة انطلاقة قوية للاقتصاد المصري    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    وزير البترول يناقش مع رئيس شركة توتال توسع أنشطتها الاستكشافية بمصر    محافظ أسيوط يتفقد مزرعتي بني مر وأبنوب الحمام لمتابعة سير العمل    170 ألف طلب، رئيس الوزراء يتابع حصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال سبتمبر    جيش الاحتلال ينذر أهالي مخيمي البريج والنصيرات بإخلاء منازلهم تمهيدا لعملية عسكرية    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفًا للحوثيين في اليمن    3 مستشفيات تخرج عن الخدمة في جنوب لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل    الصين تجلي أكثر من 200 من رعاياها من لبنان    وكيل قندوسي يدافع عنه: "لم يهاجم الأهلي ولماذا اسم هذان على شكوى ضده؟"    كلاتنبرج: لم يُطلب مني محاباة الأهلي والزمالك تحكيميا .. وحدوث هذا الأمر كارثي    بروزوفيتش ينتظر الظهور الأول مع بيولي في النصر    أشرف صبحي ومحافظ الغربية يتفقدان المنشآت الشبابية والرياضية بكفر الزيات    خاص- محامي أتشمبونج: فيفا سيخطر الزمالك بايقاف القيد    انتصار أكتوبر.. ملحمة بطولية سجلها المصريون بصفحات التاريخ    أجواء باردة وتراجع للحرارة.. الأرصاد تعلن حالة الطقس وتحذير للمواطنين    الكاوتش انفجر.. 13 مصابا في حادث ميكروباص بالمنوفية    في 24 ساعة.. شرطة التموين تضُبط 7 طن دقيق أبيض بلدي مدعم    ضبط قائد سيارة اصطدم بعامل تسبب في وفاته بمدينة نصر    8 وفيات و10 مصابين.. أسماء ضحايا انقلاب ميكروباص بطريق قنا- سوهاج    خبير تربوي: سيناء تشهد طفرة تعليمية والدولة تهتم بتأهيل الطلاب لسوق العمل    تعرضت لذبحة صدرية.. الحالة الصحية ل نشوى مصطفى بعد دخولها المستشفى    10 خطوات لتعويد الطفل الاعتماد على نفسه    «عشان متتصدمش».. 3 معلومات يجب معرفتها قبل مشاهدة فيلم جوكر 2    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    للتغلب على التحديات.. «الصحة» تبحث وضع حلول سريعة لتوافر الأدوية    نشوى مصطفى تكشف تفاصيل تعرضها لذبحة صدرية    بعد إصابة نشوى مصطفى- هكذا يمكنك الوقاية من الذبحة صدرية    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    أنشيلوتي يحسم قراره بشأن مشاركة جولر أمام فياريال    محاكم الأسبوع، أبرزها إمام عاشور وأزمة شيرين عبدالوهاب مع روتانا    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    تعديل تركيب قطارات الوجه البحري: تحسينات جديدة لخدمة الركاب    "ثقافة مطروح " تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    أرسنال يخشى المفاجآت أمام ساوثهامبتون فى الدوري الإنجليزي    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    إياد سكرية: صمت حزب الله عن نفى أو تأكيد مقتل هاشم صفي الدين تكتيكى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    البابا تواضروس الثاني يجتمع بمجلس معهد الدراسات القبطية    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الشباب فى الانضمام إلى «داعش»
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 10 - 2014

ربما كانت المعلومات عن تنظيم «الدولة الإسلامية»، الدارج عنه حتى الآن اسم «داعش»، كثيرة لدى أجهزة الاستخبارات العربية والأجنبية، ولكنها بقيت نادرة عند المحللين ومراكز البحث.
الفرضيات عن التنظيم وعدد مقاتليه وسرعة تقدمه على الأرض فى العراق وسوريا متعددة، تتفاوت البينات على مدى سلامة كل منها. يوجد شبه اتفاق على أن تفتيت المجتمع السياسى العراقى إلى مكوناته العرقية والطائفية والمذهبية، وتسريح الجيش العراقى، والسياسة التمييزية المتبعة فى العقد الأخير كانت كلها عوامل ساعدت على ظهور «داعش» ونموها.
ولكن ثمة سؤالا لم يلقَ ما يستحقه من الاهتمام فى بلادنا العربية، ولقى الاهتمام لدى المتابعين فى البلدان الأوروبية ولكن حيّرتهم الإجابة عنه. ما الذى يدفع الشباب إلى الانضمام إلى داعش؟ والمقصود بالشباب هنا ليس الذين أنشأوا التنظيم، وإنما أولئك الذين خفّوا إلى مواقع «الجهاد» من العراق وسوريا نفسهما، ومن بلدان عربية، من بينها مصر، ومن بلدان أوروبية عديدة.
لم تجر دراسات ولم توزع استبيانات للتعرف على الخصائص الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية للشباب المنضم إلى «داعش»، ولكن رشحت معلومات تمكننا من طرح فرضيات جادة بشأن هذا الانضمام.
التنظيم يبدو أنه استفاد فى فترة نشأته من تبرعات من أشخاص ميسورين فى بعض بلدان الخليج، ولكنه صار تنظيما غنيا باستغلال «نجاحاته» فى الترويج لنفسه وفى حشد مزيد من التبرعات، ثم باستيلائه على حقول نفط وبفرض الرسوم على النشاط الاقتصادى فى المناطق التى استولى عليها. موارد «داعش» مكّنته من أن يدفع بسخاء لشباب فى العراق وسوريا محروم من فرص العمل، ومن مصادر الدخل بفعل الصراع والمواجهات الدامية والتمييز فى هذين البلدين المكلومين.
ولكن لماذا ينخرط الشباب من مصر أو من تونس أو من الجزائر فى تنظيم بمثل دموية «داعش» وعدميته؟ البطالة والفقر والتهميش الاجتماعى، ولا شك فى ذلك، أسباب للنقمة على المجتمع وللتطرف فى اعتناق الأفكار التبسيطية والأيديولوجية لتفسير هذه الأسباب وغيرها، ولوصف أدوية العلاج منها. العاطل عن العمل، أو ذاك الذى يمارس عملا هامشيا، أو على مستوى وظيفى أقل من ذلك الذى أعده له تعليمه، لا ينتقل مباشرة إلى صفوف العنف والعدمية وإنما هو يمر عبر الأفكار المتطرفة والمطلقة المعروضة وحدها فى سوق الفكر والممولة بسخاء منذ عشرات السنين. منذ سنوات عديدة وطويلة، يتواتر الحديث عن أن البطالة «قنبلة موقوتة»، وخاصة بطالة المتعلمين، والرجاء أن تكون قد اتضحت الآن صحة هذا الحديث.
غير أن البطالة والفقر وحدهما ليسا كافيين لتفسير انضمام الشباب «لداعش». ثمة شباب من طبقات اجتماعية ميسورة، يتمتع بكل ما يتيحه العصر من مزايا التقدم العلمى والتكنولوجى، انضم أيضا إلى «داعش» وهو يحارب فى صفوفها. الإنسان لا يبحث فى الحياة عن الخبز وحده، وهو لا يكتفى به. الشباب، وغير الشباب، لابد أن يشارك فى تحديد وجهة المجتمع الذى يعيش فيه وفى إدارة شئونه. استبعاد الشباب من تحمل مسئولية مجتمعاتهم ومن المشاركة فى توجيهها وفى إدارتها، هو تشجيع ضمنى لهم على الخروج على هذه المجتمعات، بل وعلى محاربتها. بانضمامه ل«داعش»، ولمثيلاتها، يشعر الشباب بأنه يشترك فى توجيه دفة المجتمعات إلى غير دففها الفاشلة الحالية. لا ينتبه الشباب إلى أن هذه وجهة لا تؤدى إلى أى مرفأ إنما إلى أعماق الأرض والفناء. ولكن كيف له أن ينتبه؟ القيود مفروضة على الأفكار عن الوجهات الأخرى، وعلى تطور هذه الأفكار، وعلى التنظيم الضرورى لنموها وانتشارها.
•••
فى البلدان الأوروبية ثار السؤال عن أسباب انضمام شباب ينحدر من الهجرة العربية والإسلامية، أو شباب من أصول أوروبية صرف تحوّل إلى الإسلام، أسباب انضمام هذا الشباب إلى «داعش» وسفره إلى العراق وسوريا «للجهاد» فيهما. هذا الشباب من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وغيرها. السؤال يزيد من أهميته التخوّف من أن يعود هذا الشباب الأوروبى بعد ذلك إلى بلاده ليكون «داعش» فى كل منها، يمارس العنف ويحارب مجتمعاتها. مثلما هى الحال فى البلدان العربية، العامل الاقتصادى مهم ولكنه ليس كافيا للتفسير. القارة الأوروبية تمر بأزمة اقتصادية ممتدة لا ريب فيها. ولكن حدة هذه الأزمة تتراوح بين البلدان، وليس هناك ما يدلّ على أن عدد المنضمين إلى «داعش»، أو نسبتهم، أعلى فى حالة البلدان الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية أو حيث ترتفع نسبة البطالة ارتفاعا ملموسا.
الأزمة الاقتصادية من أسباب صعود قوى اليمين الأوروبى المتطرف بخطابه المتمحور حول كراهية الأجانب، ومعاداة الهجرة والمهاجرين، وإشاعة الخوف من الإسلام، وهى كلها مما يؤدى إلى تطرف مضاد للمقصودين بهذا الخطاب، إلى حدّ خروجهم من المجتمع الذى يعيشون فيه، وعليه. ولكن، ألا يمكن أن تكون الأزمة الاقتصادية قد كشفت، مجرد الكشف، عن علل أعمق؟ هل تصل الأسباب إلى قصور النظام التعليمى والثقافى، والاجتماعى عامة، فى البلدان الأوروبية عن استيعاب كامل الشباب المنحدر من أصول عربية وإسلامية، بل وبعض الشباب ذى الأصول الأوروبية البحتة؟ هل اهتزتّ قيم الأنظمة الاجتماعية والسياسية لهذه البلدان، ومثُلُها؟ هل أدّى تلاشى الأفكار والسياسات التى كانت تعرضها فى الماضى الأحزاب الشيوعية والاشتراكية إلى توحد فى الأفكار المعروضة، بحيث انتفت التعددية الفكرية الحقيقية، وإن بقيت التعددية التنظيمية؟ هل كان من نتيجة ذلك بروز التمايزات العرقية والثقافية والعنصرية، وهى تمايزات مطلقة الطابع، بديلا عن التمايزات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما أدى بالضرورة إلى شعور بالغربة بين جانب من الأقليات؟
•••
أسباب الانضمام إلى «داعش» ومثيلاتها من التنظيمات المتطرفة، ليست هى نفسها فى البلدان العربية، من جانب، وفى البلدان الأوروبية، من من جانب آخر، بل هى تتباين ما بين بلد عربى وآخر، ومن طبقة اجتماعية إلى أخرى. ومع ذلك، فإنه فضلا عن المجال المفتوح منذ عقود لأفكار التطرف، ثمة خيطان يربطان بين هذه الأسباب، وهما انتفاء التعدد والأفكار المطلقة.
تعدد الأفكار وثراؤها وحرية تطويرها والتشديد على طابعها النسبى تخلق البيئة التى يغرق فيها التطرف ويذوب أثره العدمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.