وزارة المهدى أعدته وتأجل إصداره لحين تشكيل البرلمان.. ويسرى على الوقائع من 1981 إلى 2014 الاعتراف بالجرائم والكشف عن المشاركين فيها شرط العفو إحالة وقائع الفساد السياسى والجرائم الجنائية للنائب العام.. والإدارية لمجلس الوزراءحصلت «الشروق» على أول مشروع رسمى لقانون العدالة الانتقالية الذى أعدته وزارة الشئون النيابية والعدالة الانتقالية فى عهد الوزير السابق المستشار محمد أمين المهدى، الذى لم ير النور بسبب صدور دستور 2014 وما نص عليه من تفويض مجلس النواب القادم بوضع خطة لتطبيق العدالة الانتقالية وإنشاء مفوضية خاصة لها، مما ارتأت معه حكومتا حازم الببلاوى وإبراهيم محلب السابقتين تأجيل رفع هذا المشروع إلى الرئاسة تمهيدا لإصداره. قالت مصادر حكومية مطلعة إنه كان من المخطط تسليم هذا المشروع إلى مجلس النواب فور انتخابه ليكون نواة لمناقشاتها حول المفوضية الجديدة، مؤكدة أنه «يقوم على فكرة تمصير نظام العدالة الانتقالية المتبع فى العديد من دول العالم، ودراسة وتحليل الأسباب التى أدت إلى وقوع انتهاكات اجتماعية وسياسية تضررت منها فئات وشرائح عريضة من الشعب المصرى منذ 1981 إلى 2014، والعمل على منع تكرارها، بعد اعتراف المذنبين بارتكابها، ومن ثم مساءلتهم أو العفو عنهم وفقا لضوابط محددة». وتحدد المواد الأولى من القانون تعريفا للعدالة الانتقالية بأنها «منهج يهدف إلى ضمان الالتزام بكشف ممارسات أنظمة سابقة تضمنت انتهاكا لحقوق وحريات المواطن المقررة دستورا وقانونا، وتنظيم وسائل محاسبة المسئولين عن ذلك جنائيا أو تأديبيا أو سياسيا حسب الأحوال مع بيان طرق تعويض المضارين أفرادا أو جماعات أو أقاليم أو محافظات وصولا إلى تصالح مجتمعى، كما تعمل على دراسة وتحليل الأسباب التى أدت إلى وقوع تلك الانتهاكات أو يسرت ذلك، واقتراح والعمل على تطبيق التدابير التى تحول دون تكرار حدوثها مع ما قد يتطلبه ذلك من تعديلات تشريعية أو إصلاحات مؤسسية تحقق متطلبات التنمية المستدامة والإدارة الرشيدة». وينص على أن «تسرى أحكام هذا القانون على الوقائع ذات الصلة التى وقعت من نوفمبر سنة 1981 وحتى تاريخ انتخاب مجلس النواب 2014». وينظم المشروع على إنشاء هيئة مستقلة تسمى مفوضية العدالة والمصالحة تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة، يكون مقرها فى نطاق منطقة القاهرة الكبرى ويجوز أن تنشئ فروعا لها فى محافظات أخرى، وتعتبر أموال المفوضية أموالا عامة، وتخصص لها موازنة مستقلة تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات. وتهدف إلى تحقيق عدة أهداف هى: كشف حقيقة ما يكون قد وقع من انتهاكات جسيمة للحقوق والحريات خلال الفترة المحددة لاختصاص المفوضية، والعمل على محاسبة المسئول أو المسئولين عن الانتهاكات على النحو الذى ينظمه القانون، واقتراح طرق تعويض المضارين أو تقرير التعويضات المناسبة الفردية أو الجماعية المادية أو المعنوية للمضارين تحقيقا لمفهوم المواطنة. وكذلك دراسة وتقييم عمل الأجهزة أو المؤسسات التى تتحقق مسئوليتها عن الانتهاكات، واقتراح ما يلزم من تشريعات أو إجراءات تضمن الالتزام باحترام الحقوق والحريات، واقتراح التشريعات والتدابير التى تدعيم الوحدة الوطنية والتوافق المجتمعى وصولا لمصالحة وطنية تعتبر مفترضا أوليا للتقدم الديمقراطى. ويلزم المشروع المفوضية بالالتزام بالحياد والشفافية، وتحقيق المساءلة فى إطار من المساواة أمام القانون، وعدم التمييز بين المضارين وضمان معاملتهم معاملة كريمة، وضمان حماية خاصة للمضارين أو الشهود وعائلاتهم، وتوثيق البيانات والمعلومات فى سجلات خاصة تكون جزءا من الأرشيف الوطنى. وللمفوضية اتخاذ ما يلزم فى هذا الشأن ومن ذلك إنشاء قاعدة بيانات تدرج بها جميع المعلومات التى تتوصل إليها المفوضية. ووفقا للمادة 10 يتولى إدارة المفوضية مجلس أعلى يتكون من رئيس ونائبين، أحد الثلاثة على الأقل من السيدات، بالإضافة إلى 8 أعضاء آخرين من بينهم سيدتان على الأقل، يختارهم مجلس الوزراء بعد أخذ رأى مجلس النواب، لمدة خمس سنوات، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية، ويراعى فى التشكيل تمثيل مختلف طوائف المجتمع وعلى الأخص الشباب دون 35 عاما، ويؤدى رئيس وأعضاء المجلس الأعلى قسما أمام رئيس الجمهورية نصه «أقسم بالله العظيم أن احترم الدستور والقانون وأن أمارس عملى بالصدق والأمانة والحياد». وتحدد المادة 15 خمسة شروط فى رئيس وأعضاء المفوضية هى أن يكون مصريا لم يحمل أو أى من والديه أو أبناؤه جنسية أخرى غير المصرية، وأن يكون متمتعا بكامل حقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية والوطنية أو أعفى من أدائها، وأن يكون من المشهود لهم الاهتمام بالقضايا الوطنية، وألا يكون صاحب منصب قيادى فى حزب أو يكشف بآرائه السياسية انحيازا واضحا. وتنص المادة 14 على تمتع المجلس الأعلى بالاستقلال التام فى مباشرة عمله، وألا يتدخل أحد أو أى جهة حكومية فى أعمال المفوضية، ويتفرغ رئيس وأعضاء المجلس الأعلى تفرغا كاملا، فلا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة حرة أثناء مدة تعيينهم بالمفوضية، كما تنص المادة 17 على تمتعهم بحصانة ضد الإجراءات الجنائية فلا يجوز القبض عليهم فى غير حالة التلبس إلا بعد الحصول على موافقة ثلثى أعضاء مجلس النواب، وفى حالات التلبس أو صدور الإذن بالقبض أو بالتحقيق الجنائى تسقط العضوية بحكم القانون، ويجب استكمال التشكيل خلال 15 يوما. وتتيح المادة 20 لهذا المجلس إنشاء لجان محايدة لتقصى حقائق الموضوعات التى تدخل فى اختصاص المفوضية فى إطار السياسة العامة التى تضعها، وعلى رأسها الفتنة الطائفية والمناطق العشوائية أو المناطق الجغرافية المهمشة، ويكون لهذه اللجان تلقى البلاغات عن الانتهاكات المدعى بها، والاتصال بالمبلغين والمضارين والشهود وبالمسئولين الحاليين أو السابقين واستدعاء من ترى ضرورة لذلك، تحرير ما يلزم من محاضر لإثبات الأقوال، وعقد جلسات استماع، والانتقال إلى أماكن والمعاينة، وطلب ما يلزم من بيانات أو مستندات من مختلف أجهزة الدولة أو الأشخاص المعنيين، على أن يكون لأعضاء هذه اللجان صفة الضبطية القضائية. ويجيز المشروع للجان تقصى الحقائق إصدار توصيات باتخاذ إصلاحات مؤسسية، توافى الجهة المعنية بها، بعد موافقة المجلس الأعلى للمفوضية، وكذلك التواصل مع الإعلام إذا تطلبت ظروف الحال ملاءمة إطلاع الرأى العام على سير العمل باللجنة، ويتم ذلك عن طريق رئيس اللجنة أو من ينيبه من أعضائها. ثم تلزم المادة 26 لجان تقصى الحقائق بتقديم تقرير بنتائج أعمالها إلى المجلس الأعلى لاعتمادها أو يكلفها باستكمال التحقيق، على أن تحفظ جميع التقارير فى الأرشيف الوطنى، كما يتم نشر التقارير المعتمدة على النحو الذى يقرره المجلس الأعلى، أو إرجاء ذلك مؤقتا مراعاة لظروف الصالح العام، وفى جميع الأحوال عند انتهاء عمل المفوضية يجب نشر جميع التقارير فضلا عن حفظها فى الأرشيف الوطنى. ويفرد القانون فصلا كاملا بعنوان «فى المحاسبة: عفو ومساءلة» لسرد كيفية التعامل مع الحالات عقب رصدها، حيث تنص المادة 29 على أنه «فى سبيل تصالح مجتمعى، يكون للمفوضية أن تنتهج مختلف الوسائل الملائمة التى تؤدى إلى تحقيق ذلك، فيكون لها اقتراح المضى فى المساءلة الجنائية أو الإدارية أو السياسية حسب الأحوال، أو اقتراح العفو، بالشروط وللاعتبارات التى تقدرها للتجاوز عن أخطاء الماضى والتيسير لتضامن مجتمعى لازم للمستقبل». ويكون للمفوضية فى سبيل تحقيق المساءلة عن انتهاكات الحقوق والحريات أن تحيل الوقائع التى تنطوى على شبهة ارتكاب جريمة جنائية إلى النيابة العامة مشفوعة بما يتوافر من بيانات أو معلومات توفرت لديها، وكذلك إحالة الوقائع التى تنطوى على مخالفات إدارية أو مالية إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يلزم بتقديم المسئولين للمحاكمة التأديبية، والمبادرة بالقيام بإصلاحات إدارية ومالية. أما الوقائع التى تتعلق بفساد سياسى، فتلتزم المفوضية بإحالتها أيضا إلى النيابة العامة لتحرك الدعوى فيها وفقا لقانون الإفساد السياسى. وتجيز المادة 30 أيضا للمفوضية اقتراح العفو بشرط أن يكون المذنب قد أدلى باعتراف كامل بحقيقة الوقائع وبهوية الأشخاص الذين شاركوه فى المخالفة، على أن يصدر العفو قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، كما يلتزم المجلس الأعلى للمفوضية بوضع ضوابط وإجراءات اقتراح العفو بما يتفق مع سياسة المفوضية وما يتطلبه صالح المجتمع. ويسرد المشروع فى الفصل الخامس وسائل جبر الأضرار والتغلب على مشاكل الماضى وانتهاكاته، حيث تلزم المادة 32 المفوضية بالعمل على تعويض المضارين، سواء كانوا أفرادا أو مجموعات أو أقاليم أو محافظات بالتعويض المناسب الجابر لمختلف الأضرار المادية والأدبية. وبموجب المادة 33 تنشأ بالمفوضية وحدة خاصة برئاسة رئيس المجلس الأعلى وعضوية اثنين من الأعضاء وممثلين للجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة المالية، تعرض عليها توصيات لجان تقصى الحقائق للنظر فى تقرير ما قد يلزم من تعويض للمضارين كما وكيفا، ويتم إبلاغ رئيس الوزراء بالتوصيات الصادرة فى هذا الشأن، وعليه أن يحيلها إلى مجلس النواب للموافقة عليها. وتلزم المادة 34 إدارات المحافظات التى عانت أو جماعة محددة من ساكنيها من انتهاكات للحقوق والحريات، أن توافى الوحدة الخاصة بما تقترحه من تعويضات، وتفصل الوحدة فى هذه المقترحات فى ضوء المعايير المقررة وبما يحقق المعاملة المتكافئة بين مختلف المحافظات.