"الكحكة في إيد اليتيم عجبة".. هذا المثل يصف حال "الأرزقية" في شوارع القاهرة هذه الأيام، ففي الوقت الذي يأتي الصيف مكشرًا عن درجة حرارته العالية، لا حل أمام الباعة سوى مواجهته والوقوف إلى جوار بضائعهم لكسب لقمة العيش. "بوابة الشروق" حاولت رصد أحوال الأرزقية في الشارع وكيف يقومون بعملهم في ظل هذه الموجة الحارة، خصوصًا بعد تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من التعرض المباشر لأشعة الشمس، وتوقعات بارتفاع درجات الحرارة مجددًا. تحت الشجرة "عبد لله" طالب جامعي ينتهي من امتحانه ظهرًا فيكون على موعد مع عربته في شارع قصر العيني، والتي يبيع عليها أطعمة متنوعة للمارة. يقول "عبد الله" إنه في وقت الذروة يتركها ويقف عند أقرب شجرة منه، وإذا ما أتى زبون يذهب فيبيع له. ويشير إلى أن فترة الظهر لا يقبل الكثير من الناس على الشراء، ورغم ذلك فهو يفضل التواجد على أمل أن يحصل على بعض الجنيهات. "الصيف جاي صعب السنة دي وشوية كده هشتري شمسية"، خرجت هذه الكلمات من عبد الله قبل أن يقاطعه أحدهم "سندوتش بيض من فضلك". «خدوا مني الشمسية» "كنت حاطط هنا تندة (شمسية) والبلدية بتاعة الحي خدوها".. هذا ما قاله "محمود" وهو جالس أمام كشك سجائر، يقول إنه مرخص، ولكن وضع أي شيء أمامه ممنوع حتى لو كانت "شمسية". كشك محمود الذي ليس له سقف، دفعه لوضع غطاء من القماش يستظل به من الشمس، "لما اشتريت شمسية وجات البلدية خدتها فمرضتش أجيب تاني". وعلى الرغم من وجود ثلاجة إلى جواره بها زجاجات مياه معدنية ومشروبات غازية، فإنه يفضل بيعها ويحتفظ بزجاجة إلى جواره يذهب ويملأها من صنبور مياه بالقرب منه "بوفر تمن المية". "ده وقت العصير" كمال، شاب ثلاثيني، اشتكى هو أيضًا من تعدي بلدية الحي عليه لمصادرة عربته التي يبيع عليها عصير برتقال للمارة. كمال الذي يرى أن عمله يزدهر في الصيف، يضطر لتحمل أشعة الشمس "عايزين ناكل عيش ما ينفعش أقعد وأسيب العربية". "كولدير مية" وبينما يجلس أيمن وأمامه عربة عليها خبز في شارع جانبي من القصر العيني، يجلس إلى جواره طفله وهو يقطم بعض المثلجات، قائلًا: "لم الشمس بتشد قوي بقعد هناك"، مشيرًا بيديه إلى مدخل مبنى مجاور له. أيمن الذي يبدو في العقد الثالث من عمره، يرى أنه لا بديل أمامه سوى الوقوف تحت الشمس طوال النهار، مكتفيًا بقبعة فوق رأسه علها تقيه من أشعة الشمس، "أنا مش موظف أنا أرزقي على باب الله، وفاتح بيت ومعايا عيال لو منزلتش مش هناكل ولا نشرب". ويشير إلى "كولدير" مياه بالقرب منه على أنه المنقذ له في هذا الجو الشديد الحرارة. «درة مشوي» الوضع مختلف مع عم محمد، رجل خمسيني احمر وجهه من أشعة الشمس والفحم الذي ينفث فيه ليشوي عليه الذرة. "ما بعتش كتير النهارده من الحر، الناس بتطلع جري على بيوتها" يقول قبل أن يؤكد أنه إذا قرر أن يجلس يومًا في منزله بسبب ارتفاع درجة الحرارة فلن يجد ما يأكله. ويرى أن تعنت الحي مع الباعة أصبح الآن كما كان في عهد "مبارك": "هيحبسونا زي عصر مبارك، ما هو راجع تاني"، مشيرًا إلى أنه لا يهمه العمل على الرصيف بقدر أن تبتعد عنه الشرطة "بيجوا ويخدونا من الشارع ويعملولنا محضر إشغال طريق بألف جنيه ونص".