«هنا القاهرة»، عبارة خالدة سمعها سكان القاهرة ومصر لأول مرة عام 1933، بصوت المواطن جرجس حبشى، أحد أصحاب الاذاعات الأهلية. حبشى يذكره التاريخ بإنجاز آخر، هو اكتشاف المطرب والملحن الصاعد فريد الأطرش، كما أكدها حبشى فى حواره مع مجلة المصور فى 16 يناير عام 1959. وفى 29 يونيو 1934 أغلقت الدولة عشرات الإذاعات الأهلية، لينطلق فى الخامسة والنصف مساء يوم الخميس، الحادى والثلاثين من مايو عام 1934 صوت أحمد سالم أول مذيع رسمى للمحطة الحكومية، قائلا «هنا القاهرة»، لكن باسم الدولة المصرية هذه المرة. أصوات الإذاعات الأهلية لم تذهب هباء، فقد عادت ذكرى اختفائها الثمانين فى صورة يوم للتدوين، وعن حق البث، على «هاشتاج على_الهوا على موقع تويتر». المبادرة جاءت من برنامج «استقلالية الإعلام» بمركز دعم لتقنية المعلومات بالتعاون مع راديو حريتنا، وراديو مدينة البط، وراديو ترام، وراديو جرامافون، وبالتزامن مع احتفال الاذاعة المصرية بالعيد الثمانين على انشائها. الهدف من إحياء الذكرى الثمانين لإغلاق الإذاعات الأهلية، مبادرة من مركز دعم لتقنية المعلومات لفتح النقاش حول احتكار الدولة للبث عبر الموجات، والحق فى البث بما يتوافق مع مبادئ الحق فى حرية التعبير. فى الثانية عشرة من ظهر أمس الأول كتب خالد عبدالحميد، «بعيدا عن السياسة اللى بيحب الإذاعة وتاريخها وحواديتها فى شوية شباب هيكتبوا على هاشتاج «على الهوا شاركوهم وخلونا نفصل شوية». ليرد عليه أحمد خير، قائلا: من 80 سنة بالتمام والكمال الحكومة جرّمت وأوقفت الإذاعات الأهلية، زى ما حكومات دلوقتى نفسها تقفل الشبكات الاجتماعية. وغرد احمد كامل قائلا: لما الحكومة قررت تقفل الراديوهات الأهلية استخدمت نفس السبب اللى بيه بتتوقف القنوات دلوقتى «الثوابت المجتمعية» وابتذال المحتوى. لكن هذه الأسباب حقيقية فى رأى حمدى الكنيسى رئيس الاذاعة المصرية الأسبق. «الإذاعات الأهلية كانت متخبطة وتحول مادتها من مجرد وسيلة اعلامية إلى خناقات ومهاترات، خاصة أن دائرة البث كانت صغيرة، لا تتجاوز الحى الذى تبث منه الإذاعة». إحياء ذكرى الاذاعات الاهلية فى رأى الكنيسى أمر طبيعى، «لأنها كانت مجرد بداية وإشارة إلى إمكانية وجود الاعلام الاذاعى، ليأتى بعدها تدخل الدولة الذى يجب ان نتذكره باهتمام». التدوين من أجل ذكرى الاذاعات استمر حتى أمس بعد أن كتب مركز دعم لتقنية المعلومات، أن «فيه حاجات كتير عشان نوصل لإعلام مستقل ومهنى ومنها فتح المجال لأشكال مختلفة من أشكال الملكية». وكتب احمد، «تحجيم حق البث كان لاحكام سيطرة الأنظمة على السياسات, ولكن الإنترنت هدم المبدأ من أساسه، ورغم ذلك مازال الراديو أداة إعلامية مهمة». وهو ما يختلف معه حمدى الكنيسى، الذى بدأ عمله بالإذاعة عام 1963 «حاليا فيه عدد من الاذاعات الخاصة اللى اعتقد أنها تحقق قدرا من النجاح والشعبية، وفيه منافسة قوية بين الاذاعات الرسيمة والخاصة». ويرجو رئيس الاذاعة الاسبق، «الاذاعات الخاصة الحالية الا ترتكب اخطاء الاذاعات الاهلية التى توقفت واندثرت، وأن تلتزم الدقة فى نقل الخبر». بالرغم من المنافسة الشرسة من جانب التليفزيون والفضائيات والانترنت يرى الكنيسى أن «الاذاعة مازالت لها خصائص وامكانات تنفرد بها والدليل ان وكالات الاعلان تساهم فى عمل الاذاعة، لأنها مصدر ثقافة لا تقدمه الوسائل الاخرى».