بعد تزايد حالات القتل بين الصحفيين خلال تغطيتهم لأحداث العنف الأخيرة، قررت وزارة الداخلية منح نقابة الصحفيين 100 سترة واقية من الرصاص، ليرتديها الصحفيون خلال تغطيتهم للاشتباكات. لكن إلى أي مدى قد تحمي تلك السترات حياة الصحفيين، خاصة أن بعض الاشتباكات في مصر تتحول إلى ما يشبه «حرب شوارع»، كما أن إصابات الصحفيين التي أودت بحياتهم كانت طلقات مباشرة في الرأس. وتشبه السترات التي حصلت عليها نقابة الصحفيين، زي القوات المسلحة بشكل كبير، مكتوب عليها بخط واضح كلمة «صحافة». كلمة «صحافة» تعرض للخطر شيماء أبو الخير، عضو لجنة حماية الصحفيين الدوليين، أثنت على فكرة السترات الواقية من الرصاص، "خاصة أن وتيرة العنف في الأحداث الأخيرة تتصاعد بشكل كبير، لكن هناك شيء خطير أن تكتب كلمة «صحافة» على تلك السترات؛ لأن ذلك سيميز الصحفي في موقع الأحداث"، على حد قولها. وأضافت أبو الخير ل«بوابة الشروق»: "إن الصحفيين الذين ينزلون للتغطيات الخطيرة، يجب أن يكون عندهم خبرة في التغطية الميدانية، فليس كافيًا أن يكون حاصلًا على تدريب على السلامة المهنية فقط، بل يجب أن يمتلك الخبرة الصحفية التي تجعله كفئًا لتغطية تلك الأحداث الخطيرة، فتفادي خطر الإصابة خبرة يكتسبها الصحفي من خلال الممارسة المهنية". "كما أن الصحفيين يجب أن يعملوا في مجموعات، وأن يتعرفوا على بعضهم، وألا يقفوا مع أي طرف، سواء الشرطة أو المتظاهرين". واعتبرت أبو الخير، تصريح وزير الداخلية السابق بأن "يقف الصحفيون خلف قوات الأمن" «خطير للغاية»؛ لأن ذلك قد يجعلهم أهدافًا للمتظاهرين. تغيير لون السترات الواقية قال خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن "الصحفيين لن يعملوا بالسترات التي حصلت عليها النقابة من القوات المسلحة بشكلها الحالي، فالقوات المسلحة أعطت النقابة من المتواجد في مخازنها، إلا أن مجلس النقابة اتخذ قرارًا في اجتماعه الأخير، بتغطية تلك السترات بلون آخر ويكتب عليها «press»". وأوضح البلشي ل«بوابة الشروق»، أن "النقابة ستترك حرية اختيار ارتداء تلك السترات للصحفيين، بحسب تقديرهم للموقف، فهي تميز شكل الصحفي، وتعطي حماية لمن يحمل كاميرا على الأقل، وتضمن إجراءات محاسبة من يستهدف الصحفيين ولا يسهل لهم عملهم، سواء الشرطة أو المتظاهرين". وأضاف أن "السترات وحدها ليست كافية لحماية الصحفيين، وإنما هي جزء من حل عام وشامل، وتظل محاولة للتعامل مع ظروف صعبة يعمل فيها الصحفيون». لم توزع السترات على الصحفيين أو المؤسسات الصحفية حتى الآن، إلا أنه بعد نشر صورتها أبدى عدد من المراسلين الميدانيين بعض التحفظات عليها. السترات مخالفة لاتفاقية «جنيف» أحمد طارق، صحفي ميداني، يعمل في وكالة أنباء الشرق الأوسط، يرفض فكرة العمل بالسترات الواقية للرصاص، التي تم منحها لنقابة الصحفيين. ويوضح طارق أسباب رفضه: "لأن هذه السترات مخالفة للبنود التي جاءت بها اتفاقية جنيف الخاصة بالعمل الصحفي، والتي نصت على أن تكون السترات الواقية من الرصاص التي يرتديها الصحفيون، تكون مميزة بلون أزرق سماوي، ولا تشبه أي من السترات التي يرتديها أيٍ من أطراف النزاع على أرض الاشتباكات، وهو ما لا يتحقق في السترات التي سلمتها القوات المسلحة لنقابة الصحفيين حتى الآن". ويواصل طارق: "في العرف الدولي تلك السترات يكون لها ضمان، وعدد معين من سنوات الخدمة، وتأمين على الصحفي الذي يرتديها، وفي مصر لا يوجد تأمين على الصحفيين، فكيف سيتم التعامل مع تلك السترات، كما أن القانون يمنع استيرادها والعمل بها بدون ترخيص من السلطات المختصة، فهل ستعطي وزارة الداخلية تصاريح للصحفيين بحمل تلك السترات؟". أما عمرو صلاح الدين، المصور الصحفي بوكالة الأنباء الصينية، فيقول: "خلال فترة عملنا كنا نتعرض لمضايقات من الأمن بسبب أدوات الحماية، من خوذ وماسكات، وألقي القبض عليَّ مرتين بسبب الخوذة والقناع الذين أرتديهما". ويرفض صلاح، العمل بالسترات الواقية، موضحًا أن "السترات التي تم توزيعها تطابق السترات التي يرتديها جنود الجيش المصري، والجيش طرف رئيسي في الصراع السياسي الدائر في مصر حاليًّا". ويرى أنه "لا يمكن لصحفي يعمل بموضوعية في الميدان وهو يرتدي هذه السترة ويقف في صفوف المتظاهرين، وبالتالي فارتداؤها يفرض على الصحفي أن يقوم بالتغطية من طرف واحد، وهو طرف الجيش أو الشرطة أو مواطنيهم الشرفاء، وعليه فالمشهد الذي يفترض أن أقوم بنقله سأنقله منقوصًا مبتورًا مشوهًا أعور". وتابع صلاح: "معظم الجرائد لا توفر للصحفيين أدوات حماية للصحفيين حتى الوكالة التي أعمل بها كمراسل للحروب لا تؤمن على حياتي، والوضع اختلف من بعد 3 يوليو، فالتعامل مع التظاهرات أصبح بالذخيرة الحية، وأصبح من الواجب على مجالس التحرير في الصحف أن ترسل صحفييها إجباريًّا لحضور تدريبات على السلامة المهنية، وألا تدفع بمصور جديد إلا مع مصور قديم لديه خبرة في تغطية الاشتباكات، ليتعلم من خبرته".