لجأت واشنطن للعقوبات الدولية فى محاولة لإثناء موسكو عن سياستها فى أوكرانيا، بعد أن حقق ذلك السلاح الذى يقف وراءه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكى (أوفاك)، فى دفع طهران للتفاوض بشأن برنامجها النووى، وهو ما وصفته وكالة رويترز فى وقت سابق ب«بداية الحروب المالية العالمية». الإرهاصات الأولى لذلك السلاح المالى، ظهرت مع بداية الحرب العالمية الثانية، والغزو الألمانى للنرويج عام 1940، حيث استحدثت الولاياتالمتحدة العقوبات المالية كطريقة لمنع استخدام برلين أصول النقد والأوراق المالية للبلدان التى احتلهتا، وكانت الآلية الاساسية التى استخدمتها هى مكتب مراقبة الأموال الخارجية «إف.إف.سى». وفى ديسمبر 1950، وبعد دخول الصين الحرب الكورية، أعلن الرئيس الأمريكى هارى ترومان حالة طوارئ وطنية وأمر بتجميد جميع الأصول الصينية والكورية الشمالية الخاضعة لسلطة الولاياتالمتحدة، كما أمر بإنشاء مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية «أوفاك» ليكون وريثا لمكتب مراقبة الأموال الخارجية الذى توقف عن العمل، بحسب موقع وزارة الخزانة الأمريكية. مهمة المكتب الجديد، تلخصت فى فرض وإدارة العقوبات الاقتصادية والتجارية كجزء من منظومة مالية واسعة تعمل لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والأمن القومى للولايات المتحدة ضد «الدول والأنظمة الأجنبية المعادية، والمنظمات الراعية الإرهاب وتجار المخدرات الدوليين». ويدير اوفاك برامج واشنطن العقابية، باعتبارها إحدى وسائل الحرب الحديثة، ليحيل حياة النظم والافراد المستهدفة جحيما مما يضطرها الى اتباع نهج اكثر اتساقا مع الولاياتالمتحدة عبر تبنى قوانين أو تشريعات اصلاحية أو التوقف عن تبنى سياسات تعتبرها واشنطن سيئة السمعة. ويعمل المكتب بموجب «سلطات الطوارئ الوطنية الرئاسية»، وكذلك السلطة التى تمنحها تشريعات امريكية محددة، لفرض ضوابط على المعاملات وتجميد الأصول. والعديد من العقوبات التى يفرضها المكتب تتم بعد توصيات تصدرها الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الاخرى. ويدير اوفاك حاليا عددا من برامج العقوبات أهمها العقوبات على النظام الإيرانى والسورى والكوبى. وتندرج تلك العقوبات ضمن فئتين اما عقوبات شاملة وإما انتقائية، وتتدرج من مصادرة او تجميد الأصول المالية وحتى القيود التجارية على افراد بعينهم أو انظمة الدول الاخرى، وفقا لموقع «ورلد كومبيليانس». تلك العقوبات حققت نجاحا فى الملف الإيراني، بعد أن سلكت طهران طريق التفاوض حول برنامجها النووى، تحت وطأة المعاناة الاقتصادية التى تعيشها جراء العقوبات التى يفرضها أوفاك، وبدأت واشنطن استخدام نفس السلاح ضد مقربين من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى محاولة لإثناء روسيا عن موقفها الرافض للتغيرات السياسية فى أوكرانيا بعد الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش فى فبراير الماضى.