انتقال تبعية القصور من «الآثار» إلى المحليات يهدد بزوالها.. والهيئة رفضت اتخاذ إجراءات أمام تحويل عدد من القصور ذات الطابع الأثرى لملكيتها ومنها مستشفى حميات قنا واستراحة الملك فاروق حطام وركام وكلاب ضالة.. هى وريثة قصر مكرم باشا عبيد، الذى يعد أحد أهم القصور ذات الطراز المعمارى التاريخى بمحافظة قنا.. وقف القصر صامدا أمام كل عمليات التشويه والتخريب، رغم انهيار أجزاء منه، حيث نشبت به النيران كما أغرق بالمياه، ليصبح شاهدا على الإهمال الجسيم والعمدى، فى مواجهة محاولات طمس الهوية والتراث المعمارى من قبل بعض المستثمرين ورجال الأعمال، الذين سعوا إلى تحويله لأبراج سكنية. صرح تاريخى ضخم يرثى له، يعود عمره لحقبة الأربعينيات من القرن الماضى، يعد من القصور المعمارية والتاريخية، لما يحتويه من رسوم وزخارف حيث تم بناؤه على الطراز الأوروبى، لم يتم تسجيله بهيئة الآثار مثل غيره من الأمكنة ذات الطراز التاريخى والمعمارى، مثل مستشفى حميات قنا واستراحة الملك فاروق، والحمام التركى والوكالة الأثرية. «انتهى زمن القصور التاريخية فى قنا، وتحول معظمها لعمارات وأبراج سكنية لرجال أعمال، وأخرى مهملة تسكنها الأشباح».. كلمات بسيطة عبر بها مصدر سابق بهيئة الآثار، رفض ذكر اسمه، عما آلت إليه القصور والمبانى التاريخية، لافتا إلى وجود الكثير من المبانى الأثرية التى هدمت مثل الوكالة الأثرية المتكاملة بمدينة قفط وأخرى بمدينة قنا، رغم أنهما يعودان للعصر العثمانى، وأخرى مهددة بالهدم كالحمام التركى فى قنا، والذى يعود بناؤه لمحمد بك أبوالدهب، ويعد من الآثار التاريخية. كان قصر مكرم عبيد، المملوك لعائلة مكرم باشا عبيد، أحد وزراء مصر السابقين وأحد زعماء الحركة الوطنية، قد تعرّض إلى انهيار أجزاء منه ومن أسواره فى أغسطس الماضى، بعد إشعال مجهولين النيران به ثم إغراقه فى المياه من أجل هدمه، وكشفت تحقيقات النيابة حينذاك وجود شبهة جنائية بعد العثور على جراكن بنزين داخل القصر. وكان يستخدم القصر المتواجد فى محيط مديرية أمن قنا، والمقام على مساحة لا تقل عن 700 متر، حتى وقت قريب كمقر لمدرسة سيدى عمر الابتدائية، وهو من القصور ذات الطابع المعمارى على الطراز الأوروبى، ورغم أنه المثال الوحيد الباقى فى الصعيد من التراث التاريخى، ورغم كثرة المطالب بجعله متحفا إقليميا خاصا لقربه من مديرية الأمن، إلا أن ذلك قوبل بالرفض، وبحسب المصادر الأثرية فإنه يحتوى على رسوم وزخارف، وتوجد به تفاصيل معمارية مميزة مثل البرافانات، والأعمدة ذات الطراز الكورنثى والمداخل الرخامية، أما السلم الرئيسى فهو على الطراز «المروحى» مزين بزخارف خشبية على طراز «الركوكو» و«الباروك»، وأسقف القصر المعلقة تحتوى على زخارف ورسوم، ويعد القصر أحد ثلاثة مبان مملوكة لأسرة مكرم عبيد فى قنا، ومنها مبنى سفينة دوس، ومبنى آخر ملاصق له، وكاتدرائية مارمرقس. ورغم تسجيل القصر فى عام 99، ضمن المبانى ذات الطراز المميز التى يجب أن تحافظ عليها الدولة، وفق حصر منطقة آثار قنا، إلا أن ملاك القصر الجدد من بعض رجال الأعمال الذين ترددت أنباء بشرائهم للقصر بقيمة مبلغ 10 ملايين جنيه حسبما أكدت المصادر، طعنوا على القرار، وانتهى النزاع القضائى مع وزارة التربية والتعليم التى استأجرت القصر منذ سنوات طويلة، وبين الملاك الجدد، الذين اشتروا القصر التاريخى من ورثة مكرم عبيد. وأوضحت المصادر أنه تم رفع عدة تقارير لهيئة الآثار قبل سنوات، تطالب بتحويل عدد من الأماكن والقصور ذات الطابع الأثرى والطراز المعمارى لملكية هيئة الآثار، ومنها قصر مكرم عبيد ومستشفى حميات قنا واستراحة الملك فاروق، التى كانت تستخدم كمقر لكلية التربية التابعة لجامعة جنوب الوادى، ولكن الهيئة رفضت اتخاذ أى إجراءات لتسجيلها، مما يهدد بهدمها فى أى وقت حين تؤول ملكيتها للأفراد. الكثير من التساؤلات تدور حول ملف المبانى الأثرية والمبانى ذات الطراز المعمارى المميز، والتى أصبحت عرضة للبيع، لكى تهدم وتستبدل بأبراج سكنية، خاصة بعدما تحولت تبعيتها للمحليات ومجلس المدينة، ففى مدينة نجع حمادى وتحديدا على الشاطئ الغربى لنهر النيل يوجد قصر الأمير يوسف كمال، أحد أبناء أسرة محمد على، والذى يعد أحد أهم المعالم الأثرية، وتتوسطه حديقة تبلغ مساحتها 4 أفدنة على الأقل، ويعود تشييده إلى القرن ال19، حيث أشرف على بنائه المهندس أنطونيو لاشياك، أبرز المهندسين المعماريين الذين قدموا إلى مصر وقتها، ويحتوى القصر على مجموعة معمارية متكاملة، ومبانيه من تحف ولوحات، ويتكون من 3 طوابق وقبو وهو يجمع بين الطراز الأوروبى والاسلامى ويعد تحفة معمارية. وطبقا للمصادر الأثرية تم تشييد السلاملك «قصر الاستقبال» بالطوب الآجر والمنحور على هيئة أشرطة متعاقبة باللونين الأسود والأحمر، ويتكون من 3 قاعات ويحوى تحفا يعود تاريخها إلى عصور إسلامية مختلفة، أهمها العصر العثمانى، إضافة إلى الحرملك وقاعة طعام، ورغم تسجيل القصر ضمن هيئة الآثار فى عام 1988، وصدور قرار من اللجنة الدائمة للآثار القبطية فى 2007، بتحويل القصر إلى متحف اقليمى فإنه لم يتحول لمتحف أو مزار سياحى حتى الآن، فهو مغلق دائما وعلى احدى واجهاته لافتة مدون عليها «ممنوع الاقتراب من القصر»، ورغم ما أصابه من اهمال عصف ببعض أجزاء السور الذى كان يحيطه من الخارج، إلا أن القصر أصبح فى حاجة ماسة إلى مشروع ترميمى متكامل لكى يفتح أبوابه للمواطنين.