عجز الموازنة المصرية غير قابل للاستمرار. مع مرور الوقت فإن العجز البالغ الآن حوالى 350 مليار جنيه (بدون الإيرادات غير المتكررة)، والذى يمثل حوالى 18% من الناتج المحلى الإجمالى سوف يتفاقم، وساعتها لن يكون رفع دعم الطاقة (البالغ الآن حوالى 150 مليار جنيه) إجراء كافىا. لذا يجب اتخاذ مجموعة إجراءات فورا: أول هذه الإجراءات هى الموافقة الفورية على زيادة استثنائية لضريبة الدخل بنسبة 5% للأفراد، التى تزيد دخولهم على مليون جنيه سنويا. هذا الإجراء ليس فقط مهما من ناحية زيادة الحصيلة الضريبية، ولكنه مهم أيضا من ناحية إنها إشارة واضحة لتحيزات طبقية مختلفة، وأن الأغنياء هم الذين سيتحملون العبء الأكبر فى المرحلة المقبلة. ثانى هذه الإجراءات هو تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى. هذا الإجراء هو أم الضرائب. فمن غير المعقول الاستمرار فى نظام دعم فاسد يزيد الأغنياء غنى، ولا يصل إلى الطبقات المستحقة له. فالذى يحدث الآن إنه كلما زاد الاستهلاك (وهو دليل رفاهية) زاد الدعم. ثالث هذه الإجراءات هو تطبيق نظام الضريبة العقارية، وهى نوع من أنواع ضريبة الثروة. والسبب وراء عدم تطبيقها حتى الآن هو مقاومة «الكثير» من الناس لأن يعرف «الكل» حجم الثروة العقارية الخاصة بهم، فذلك يفتح الحديث عن كيفية الحصول عليها. بوضوح أيضا أنا ضد الضريبة على الثروة لأنها تفترض أن كل الناس لم تدفع ضرائبها. فماذا عن الناس الذين دفعوا.. هل نحاسبهم مرتين؟ رابع هذه الإجراءات وأقلها تفضيلا هى رفع ضريبة المبيعات بنسبة 2%. هذا الإجراء له آثار تضخمية فى سنة التطبيق، ويضع عبئا إضافىا على الفقراء. خامس هذه الإجراءات هى زيادة الحصيلة الضريبية عن طريق ملاحقة كل المتهربين. فمثلا أصحاب المهن الحرة شريحة كبيرة من الناس وأغلبهم لا يدفع ضرائبه. مجموع هذه الإجراءات يخفض عجز الموازنة بحوالى 140 مليار جنيه، وهو أضعف الإيمان. بالطبع هناك إجراءات إضافية كثيرة لتشجيع الاستثمار وزيادة الحصيلة فى المستقبل. صارحوا الشعب بالحقائق. سوف ترتفع أسعار كل المنتجات وكل الخدمات. ولكن يجب وضع شبكة حماية لمن هم تحت خط الفقر (وإحدى هذه الوسائل الدعم النقدى) فهم لن يتحملوا أعباء إضافية. لقد وصلنا إلى نهاية الطريق، فالنظام الاقتصادى الحالى منخفض الكفاءة، وقد سقط وحان وقت دفنه بأقل الخسائر لصالح نظام اقتصادى جديد أكثر كفاءة يولد الآن بعملية قيصرية متعثرة.