إبراهيم عيسى: إزاحة تنظيم جماعة الإخوان أمنيًا واجب وطني    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 27 يونيو 2024    كوريا الشمالية تختبر بنجاح صاروخا متعدد الرؤوس الحربية    اعتقال قائد الجيش البوليفي بعد محاولة انقلاب    علشان الهري، لهذا السبب الزمالك لم يمنع من المشاركة في الكونفدرالية (فيديو)    بحار أسطوري ونجم "قراصنة الكاريبي"، سمكة قرش تقتل راكب أمواج محترفا في هوليوود (صور)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟ أمين الفتوى يجيب    حبس عامل قتل آخر في مصنع بالقطامية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    كندا تحارب السيارات الصينية    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    حقوقيون: حملة «حياة كريمة» لترشيد استهلاك الكهرباء تتكامل مع خطط الحكومة    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخر ما كتب علاء عبدالفتاح قبل إطلاق سراحه: «بلد ليسينكو»
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 03 - 2014

"بوابة الشروق تقدم عرضًا لمقال كتب الناشط علاء عبدالفتاح في محبسه بسجن ليمان طره في 9 مارس الجاري، يتحدث فيه عن العالِم النصاب "ليسينكو" الذي ظهر في الاتحاد السوفيتي، بعهد ستالين، وادعى قدرته على تحقيق انجازات زراعية كُبرى، وقامت الدولة بقمع أي معارض لما روجه من أساطير، ويُسقط علاء هذه الواقعة على الواقع الحالي بمصر.
يُذكر أن علاء قد حصل اليوم على قرار بإخلاء سبيله على ذمة قضية التظاهر أمام مجلس الشورى، بكفالة 10 آلاف جنيه، وتم تأجيل الجلسة إلى 6 أبريل القادم.
بدأ علاء مقاله بشرح الأجواء التي سبقت ظهور ليسينكو:
"في مطلع ثلاثينات القرن الماضي تسببت سياسات ستالين في مجاعة رهيبة في مناطق واسعة من الاتحاد السوفييتي، وخصوصا أوكرانيا، راح ضحيتها ملايين الأرواح أغلبهم - ويا للعجب- من الفلاحين المسئولين عن زراعة القمح.
دار جدل واسع من وقتها إلى اليوم حول طبيعة المجاعة، هل ساهمت عوامل طبيعية في تفاقمها؟ هل كانت بسبب سوء سياسات الإنتاج أم التوزيع؟ هل كانت نتيجة ضرورية لسياسات "الاصلاح" الزراعي نفسها أم لفرضها بالقوة رغم مقاومة ورفض الفلاحين؟
وصل الجدل لدرجة اقتناع قطاع من الأوكرانيين أن المجاعة كانت بسبب سياسة تجويع مقصودة، ومجزرة جماعية لضمان خضوع أوكرانيا تماما.
الثابت والمؤكد أن هذه السياسات لاقت معارضة قوية من داخل الحزب الشيوعي الحاكم وخارجه، وأن المجاعة لم تكن مفاجئة للمعارضين على اختلاف مشاربهم بين سياسيين وخبراء وفلاحين.
الثابت أيضا انشغال ستالين وقتها بتصفية معارضيه ورفاقه السابقين في الثورة البلشفية وأي منافس مستقبلي له. لذا كانت الأدوات الرئيسية المستخدمة في مواجهة المجاعة هي القمع والبروباجاندا.
في هذا السياق ظهر ليسينكو كأداة مثالية للروباجاندا، ابن البروليتارية الكادحة المولود في أرياف أوكرانيا الذي علم نفسه علوم الأحياء والزراعة والوراثة، دون الاعتماد على المؤسسات الأكاديمية الموروثة عن البرجوازية وعهد القيصر. قُدم ليسينكو للمجتمع السوفيتي على أنه بطل الثورة القادر على صنع المعجزات، وزراعة الحبوب خارج مواسمها، ومضاعفة إنتاجية الأرض بقوة إخلاصه للثورة، وولائه للحزب الحاكم.
ارتفع نجم ليسينكو سريعا بتوجيه من السلطة، لم يهتم ستالين بتفاصيل تافهة كصحة الأبحاث ودقة التجارب، ولا مدى التزام ليسينكو بالمعايير العلمية. لم يقلقه إجماع علماء عصره على أن ليسينكو جاهل أو دجال، فقد كانت مشكلة ستالين سياسية، تنحصر في كيفية إقناع شعبه بتحمل المجاعة والتعايش مع العوز والخضوع للسلطة. لن يفيده العلم، لكن قد تفيده أسطورة ليسينكو."
ثم تحدث علاء عن مسيرة صعود ليسينكو بدعم كامل من الدولة: "صار ليسينكو أهم علماء السوفييت، وأسست الدولة مراكز بحثية ومجلات علمية مخصصة لليسينكوية. قوبل معارضي ليسينكو بالتشويه والترهيب والحرمان من الوظائف والترقيات، حتى وصل الأمر في ذروة سلطة ليسينكو لإصدار قانون يجرم نقد نظرياته، أو إجراء أي تجارب من شأنها إثبات عدم صحتها.
بحجة مواجهة مؤامرات الغرب الرأسمالي وطابورهم الخامس من العلماء ضعاف النفوس البرجوازيين، أُهدرت أهم مبادئ البحث العلمي، تساوي العلماء والأبحاث وخضوع كل النتائج والنظريات للتشكيك والتجريب والتمحيص والمراجعة والمناقشة."
وتابع علاء:
"ظهر ليسينكو في قلب نظام ديكتاتوري يسعى لبناء دولة عظمى وإمبراطورية تسيطر على نصف الكوكب، فعطل فيها العلم كثيرا ورسخ السلطوية فيها كثيرا، حتى أن من فضحوه وهدموا أسطورته بعد رفع الحظر على نقده، انتهى بهم الحال في المعتقلات والمنفى لاحقاً بسبب تصورهم أن رفع الحظر عن النقد العلمي لخرافات ليسينكو يعني أن الحظر رفع عن النقد السياسي لانتهاكات "اللي مشغل ليسينكو". فما بالكم بليسينكو يظهر في قلب نظام عسكري بائس جل طموحه الحفاظ على دولة التبعية والإفقار والفساد؟"
ثم انتقل علاء للحديث عن جهاز القوات المسلحة لعلاج الإيدز وفيرس سي معتبرًا إياه صورة عصرية من ليسينكو:
"في السجن كل مصادر المعلومات ميري إلا الصحف اليومية. حرمت من حضور الحفل الساخر على الانترنت وفاتتني "إيفيهات الكفتة" ولكني صبرت نفسي بتخيل ما سأقرأه في صحف الصباح من نقد جاد وفضح مهني وهدم علمي لهذه المسخرة، فلا هذا زمن ليسينكو ولا المؤتمر الصحفي الهزيل ينفع كبروباجاندا مقنعة.
جائت الصحف خاوية من أي نقد ولم يكلف السادة الصحفيون أنفسهم عناء الاتصال بأي مصادر أصلا. نشرت خزعبلات ليسينكو كما هي. صبرت نفسي فكتاب الرأي يرسلون مقالاتهم مبكرا ولم تسنح لهم فرصة الرد على المؤتمر الصحفي بعد. في اليوم الثاني كان عامود خالد منتصر بجريدة الوطن الصوت الوحيد المشكك بأدب بدا لي مبالغ فيه، في اليوم الثالث انضم له عصام حجي مصرحاً أخيراً أن الأمرفضيحة كبيرة، ومع هذا نشرت الوطن فقط تصريحاته وتجاهلتها باقي الجرائد. وهكذا تتابعت الأيام بلا نقد ولا فضح ولا كشف إلا لخيانة عصام حجي وسفالة شباب الإنترنت.
تغير الأمر بعد يوم الجمعة ( فهمت لاحقاً أن هذا أثر حلقة باسم يوسف) وإن ظلت الأصوات المعارضة ملتزمة بالأدب الجم والتردد والإصرار على أن جهاز الكشف حلال لكن جهاز العلاج يحتاج لأبحاث أكثر، والمؤتمر يحتاج لإخراج أفضل. وإلى أن نشر باسم يوسف مقاله في الشروق لم يجرؤ أحد على نشر حقيقة أن كل كلام ليسينكو تخاريف ودجل رغم أن المسخرة واضحة لأي خريج ثانوية عامة علمي."
وقال علاء إن الظاهرة متكررة في أكثر من مجال بمصر حاليًا، تشمل القضاء والداخلية وغيرها.
"ألم يصرح ليسينكو الداخلية بنهاية الإرهاب "واللي عايز يقرب يجرب" فانفجرت مديرية العاصمة؟ انتقدته بعض الصحف على استحياء لأن ضباطه لم يتحققوا من هوية المعتقلين قبل تعذيبهم، ولكن نادراً ما تجرأ أحد على الجهر بأن الأمن قائم عليه "كفتجية".
وليسينكو مُصر على وجود فحم نظيف، وليسينكو آخر مُصر على عدم وجود انفلونزا الخنازير، وليسينكو يدَّعي تطبيق الحد الأقصى للدخول. أما سد النهضة فمن كثافة فَتْي ليسينكو فقدت الأمل في الوصول لمعلومة واحدة واضحة عن حجم الخطر وخطط مواجهته.
أتصور أن الانترنت غارق في رسائل فضح كل ليسينكو لذا قد لا يلاحظ أغلبكم غيابها عن الجرائد."
وأشار علاء إلى أن المشكلة تتعلق أيضًا بالسلطة التي تدعم هذه الظاهرة:
"الخوف إذا من ليسينكو الكبير، الصاعد نجمه رغم فشله، المُصر على الفتي في كل شئ حتى لو خارج مجاله، رغم جهله البين بأغلب الأشياء بما فيها مجاله. مع ذلك يتغنى الجميع بعبقريته، ابن المؤسسة القادر على المعجزات، من تصك له القوانين ويقمع ويخرس ويشوه منافسيه ومعارضيه والمشككين في أسطورته. من يروج له بهيستيريا للتغطية على كوارث "اللي مشغلينه" وجرائمهم.
لا يلهيكم ليسينكو صغير عن ليسينكو كبير، ولا يلهيكم ليسينكو حتى الكبير عن من صدّره ليحمي سلطويته. لم تنتهي السلطوية في روسيا بافتضاح أمر ليسينكو ولا انتهت بموت ستالين ولا انتهت حتى بسقوط الاتحاد السوفييتي، فالسلطوية لا تكمن في فرد مهما وصلت سطوته وإنما تكمن في بنيان الدولة ومؤسساتها نفسها."
وتابع علاء: "صعود ليسينكو من قلب كل مؤسسة سيادية في الفترة الحالية ليس تعبيرا عن عجز في تسويق جوهر جيد لكن مظلوم لتلك المؤسسات، بل هو إشارة لأن جوهر المؤسسات هو الفساد والإفلاس والفشل. أي سمعة طيبة تتمتع بها المؤسسة أكذوبة. لم تصدر لنا تلك المؤسسات عبر تاريخها إلا طابور طويل من أشباه ليسينكو ليغطوا على الفشل والقهر والاستهتار بالأرواح واستباحة الكرامة واستعذاب التبعية واحتراف الخذلان."
وأنهى علاء مقاله بالتأكيد على أهمية فضح هذه الظاهرة بكافة جوانبها:
"معهم حق، فضح ليسينكو يهدم هيبة الدولة، ويشوه سمعة مؤسساتها لأنه بكل بساطة يكشف جوهرها الفاسد. إذا كان همك هو إصلاح سمعة المؤسسات وترميم هيبة الدولة شاركهم محاولة إنتاج ليسينكو شيك ومودرن لا يسهل فضحه، أما لو كان همك إصلاح جوهر الدولة وحقيقة مؤسساتها فلا تكتفي بفضح ليسينكو وركز مع "اللي مشغله".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.