هل قدر السوريين أن يدفعوا المزيد من أجل الأوكرانيين؟ هل قدر ملايين السوريين، ضحايا الصراع الشرس المستمر في بلاده أن يتحملوا مزيدًا من المعاناة على خلفية الأزمة الأوكرانية؟ السؤال طرحته اليوم الجمعة صحيفة "لوموند" الفرنسية وأجابت: "الإجابة للأسف: نعم"، وأضافت "في الواقع فإن العداء بين موسكووواشنطن بخصوص الأحداث في كييف سيكون له تأثيرات أخرى على سوريا". تقول الصحيفة: "اليوم الجمعة، وقبل يومين من الاستفتاء على انضمام القرم إلى موسكو يقابل وزير الخارجية الأمريكية جون كيري نظيره الروسي سيرجي لافروف في لندن، يعرف الرجلان جيدًا أن قضية التصويت على القرم لم تترك أي شك في تكرار واشنطن الحديث عن العقوبات ضد روسيا، وأن تتخذ موسكو إجراءات انتقامية (هذا ما أعلن من الجانبين)". وباستثناء معجزة سياسية دبلوماسية، فإن مؤشر العداء الروسي الأمريكي سيرتفع، وبالطبع من الممكن أن يتأثر الصراع السوري؛ حيث تخوض الدولتان حربًا بالوكالة، نتيجة هذه المواجهة، ربما يكون هذا هو الحال بالفعل، في 18 فبراير عندما اشتعل الوضع في كييف، اتهم جون كيري الروس بمضاعفة تدخلهم في سوريا، كما اتهمهم بعرقلة أي إمكانية لحل دبلوماسي عن طريق ضخ مزيد من الأسلحة لنظام بشار الأسد. وهنا يثاررسؤال آخر: هل يمكن أن يكون توقف الاتفاق بين أمريكاوروسيا على نزع السلاح الكيماوي السوري منذ 3 شهور مجرد صدفة؟ بشار الأسد يكسب نقاطا تقول "لوموند" إن كل ما نشاهده حاليًّا يشبه تمامًا ما كان في زمن الحرب الباردة، حيث تتوقف تسوية الصراعات الإقليمية المتورطة بها موسكووواشنطن على تطور العلاقات بين الكرملين والبيت الأبيض، وبالمناسبة فإنها الآن متجمدة بين باراك أوباما وفلاديمير بوتين. على الجبهة السورية كما في أوكرانيا، تقف الولاياتالمتحدةوروسيا في معسكرين متعارضين، وبالطبع فإن غالبية المراقبين لا يتخيلون أنه يمكن للمأساة السورية أن تنتهي دون اتفاق أمريكي روسي، وحتى اللحظة فإن الروس ما زالوا يقفون عقبة في سبيل هذا الحل. في مؤتمر السلام بجنيف، الذي عقد الشهر الماضي، ترك الروس ممثلو دمشق يعرقلون أي حوار مع المعارضة، وفي الأممالمتحدة منع الكرملين إدانة النظام. وثمة من يراهن بقوة على أن الخلاف حول أوكرانيا يؤكد تعقيد روسيا الوضع في سوريا، وبالتالي يكسب بشار الأسد المتمتع بحماية موسكو نقاطًا. وفي يونيو، من المنتظر أن ينظم انتخابات "صورية" حيث سيُعلَن رئيسًا لفترة جديدة. لقد أعطى الأسد للحرب الشكل الذي يريده: إنها المواجهة بين آخر "معاقل العلمانية" في المنطقة وتمرد يقوده "الجهاديون السنة". وهو ما يجعل الحل على الأرض صعبًا جدًّا. إلا أن كل هذا لا يخفي الحقيقة في سوريا، وهي أن نظامًا وأن رجلًا واقع تمامًا في يد "رعاته الخارجيين"، وبهذا ليس لدى بشار الأسد أي هامش للمناورة سوى ما يوافق عليه هؤلاء الرعاة. بهذا المعنى ومع استمرار مأساتهم، فإن السوريين هم أيضًا أسرى الموقف في كييف أو سيباستوبول.