أملنا الرئيسى فى مصر هو تشغيل الناس فى وظائف مستديمة. تشغيل الناس فى شركات مستمرة التعثر كما هو الحال حاليا بالنسبة لشركات قطاع الأعمال العام ليس حلا. إما أن نصلحها وإما أن نقفلها. أمريكا بها أعلى نسبة إفلاس شركات فى العالم وهذا هو سر ديناميكية الاقتصاد الأمريكى. الشركات الناجحة تستمر والشركات الفاشلة تختفى وتولد بدل منها أخرى تتسم بالكفاءة. من ناحية أخرى العالم كله يقف بجانب شركاته المتعثرة مؤقتا. والكلمة المفتاح هنا هى «مؤقتا»، وأبلغ مثال على ذلك هو ما قامت به حكومة أمريكا من مساعدة لشركات السيارات الثلاث جنرال موتورز وفورد وكرايسلر. وأغلب بنوكها وشركة التأمين AIG وشركات التمويل العقارى فانى ماى وفريدى ماك (Fannie Mae and Freddie Mac) أثناء الأزمة المالية فى 2008. فالولايات المتحدة استثمرت فى برامج حماية التعثر الأول والثانى (TARP 2 وTARP 1) حوالى تريليون دولار لحماية هذه الشركات من الإفلاس. وعند تحسين الأوضاع الاقتصادية فى العالم باعت هذه الأسهم بالربح. ولكن الشرط هنا أن يكون التعثر مؤقتا وليس هيكليا دائما. مرة أخرى إما أن نصلح هذه الشركات وإما أن نقفلها. يجب أن نبذل أقصى جهد لانتشال هذه الشركات من التعثر لأن ديناميكية الاقتصاد المصرى أقل كثيرا جدا من ديناميكية الاقتصاد الأمريكى وليس بالضرورة فى مصر أن تجد شركات جديدة تنشأ بدلا من التى تختفى. استمرار الشركات فى الخسارة لفترات طويلة غير مقبول. لا يوجد شركة فى العالم تستحق البقاء لو استمرت فى الخسارة لفترة طويلة. نحن ملوك العالم فى خداع النفس. فتارة نحن نحتفظ بشركات تحت دعاوى أن الحكومة لا تريد إصلاح الشركة الفلانية حتى تبيعها لرجل الأعمال الفلانى بتراب الفلوس، وتارة لأنها لا تريد إصلاحها حتى يستمر رجل الأعمال العلانى فى توريد المواد الخام... إلخ. وللأسف فإن الكثيرين يصدقون هذا الهراء. هناك بعض الشركات تستحق الإصلاح وأخرى لا مفر من إغلاقها. الواقع أن هذه الشركات تخسر لأنها محملة بأعداد مرتفعة من العاملين، ولأن كفاءة التشغيل متدنية لقلة الاستثمارات الجديدة منذ فترات طويلة لعدم وجود تمويل نتيجة تحقيق خسائر، ولأن الإدارة فى هذه الشركات ضعيفة بسبب نظام ترقيات فاشل يعاقب المبدع ويرفع البيروقراطى، ولأن توالى الخسارة يمول بقروض تستحق عليها فوائد، ولأن كثيرا من هذه الشركات أنشئت لتشغيل ناس بدون وجود جدوى حقيقية من إنشائها (ولا داعى لذكر أمثلة محرجة)، ولأنه فى بعض الأحوال القليلة فإن الحكومة تحمل هذه الشركات بالدعم الذى تريد توصيله للناس وهذا خطأ بدلا من تحمله مباشرة عن طريق الموازنة العامة للدولة وهذا هو الصواب (برجاء مراجعة ست مقالات نشرت سابقا عن الهيئات الاقتصادية للدولة). أنا وأنت وأخوك وأختك وأبناؤك ندفع الثمن كل يوم. هذه الخسائر فى الهيئات الاقتصادية ترفع عجز الموازنة وتؤدى فى النهاية إلى تضخم فى الأسعار. كل مرة تزيد أسعار الخضار أو اللبن أو الفول أو الشاى (ولا أقول اللحمة لأنها أصبحت فى غير متناول الناس) فكر فى الدعم وفكر فى عدم كفاءة الحكومة ومؤسسات الدولة وشركات قطاع الأعمال العام. بالإضافة إلى أسباب كثيرة أخرى. قليلو المعرفة منا هم من لا يرون ذلك وذلك معقول. ونحن بإهمال التعليم السبب فى ذلك. والضعفاء منا هم من يرون ذلك ويتركونه يستمر لأن «ما لهمش دعوة» وذلك مقبول. نحن بعدم حماية من يقول الحقيقة من بطش رؤسائهم فى هذه المؤسسات السبب فى ذلك. والسفلاء منا هم من يرونه ويدافعون عنه لأغراض التربح أو لأغراض انتخابية أو لأغراض أيديولوجية وذلك غير مقبول. نحن بعدم فضح هذه الممارسات وتوضيح الحقائق السبب فى ذلك. المصالح الخاصة يجب محاربتها. كل عام وأنتم بخير موسم الانتخابات البرلمانية بدأ.