أكد الدكتور أحمد زكريا أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس أن الدكتور طه حسين طبع على الأدب ولكن السياسة كانت تجره إليها بين الحين والآخر، وكان يكتب مقالات سياسية لا يوقع عليها بينما أسلوبه المعروف لم يكن فى حاجه إلى اسم صاحبه. وقال فى ندوة «طه حسين.. شخصية المعرض»، على هامش معرض القاهرة للكتاب بحضور الكاتب سمير مرقص، إن عميد الأدب العربى انتقد فى تلك المقالات الزعيم سعد زغلول وديكتاتورية الأغلبية، وهو ما جعل سعد باشا يطلب فيما بعد تحويله إلى النيابة ولكن طه حسين لم يرد على أسئلة وكيل النيابة فما كان من الأخير إلا أن يخلى سبيله. وفى عام 1925 انتقلت الجامعة إلى وزارة المعارف ونص عقد انتقال الجامعة إلى أن يظل الدكتور طه حسين أستاذ الأدب العربى أستاذا بالجامعة المصرية وفى هذه الفترة ألقى دروسه فى الجامعة، وبدأ يكتب فى الأدب العربى والجاهلى وقادته محاضراته إلى إعداد كتاب حول الشعر الجاهلى واتهم فيه أنه نفى معلومات وردت بالقرآن وثارت ثورة عليه وقيل إن الجامعة تطبع كتابا لملحد ونال هجوما عنيفا من الأزهر والصحافة. وفى هذا العام كان يحكم مصر حزبا الأحرار الدستوريين والاتحاد وكان طه محسوبا على الأول، وفى سنة 26 تم تشكيل وزارة ائتلافية وأثيرت الأزمة وتعرض عدلى يكن للحرج وذهبت الصحافة وسألت سعد زغلول كيف تسمحون لملحد بالتدريس فى الجامة فأجاب «هب أن رجلا مجنونا يهزى فهل للإسلام من شىء»! يتمنى الدكتور أحمد زكريا أن يقرأ الإعلاميون هذه المقالات ليعرفوا كيف استطاع كتابة النقد السياسى بهذا الأسلوب البديع حتى أسقط الوزارة. وتحدث الدكتور مصطفى لبيب عن الباع الطويل لطه حسين فى التنوير السياسى وهكذا بشرت كتابات طه حسين بالثورة والإصلاح وكان له دور فى الأدب السياسى وهو الأدب الذى لا ينطوى على نزعة ذاتية ويتمحور على طموحات المجتمع كما جاء فى كتبه «شجرة البؤس» و«دعاء الكروان» وما يعانية المجتمع والتنبيه لخطورة الفقر كأساس للجريمة. كما استثار الوعى العام وحرية التفكير والإبداع فضلا عن دوره الريادى فى وزارة المعارف ويرجع إليه الفضل فى مشروع ال1000 كتاب الاول. ويصف طه حسين بالنجم الساطع فى حياتنا الثقافية والعربية والنموذج النادر المثال والشخصية الفذة التى تتحدى الإعاقة لما وصل اليه من بصيرة ورؤية وثقافة وعلم بإصرار وصلابة وبطولة وتحدى كل ما يحد من قدراته وشهدنا كثيرا ممن قرظوه وقالوا انه البصير ونحن جوقة العميان. ويضيف: طه حسين فى البداية كان طالبا أزهريا ضاق بمناهج الأزهر وتصادف أن افتتحت الجامعة الاهلية 1908 فالتحق بالدفعة الأولى وحظى بالتلمذة على يد عدد من كبار المستشرقين الإيطاليين وكلهم من الذين استخدمتهم الجامعة الأهلية لكى يعطوا دروسا للطلاب وكان لهم التأثير البالغ لأنهم لاحظوا أنه طالب واعد ومختلف عن كل رفقائه. وهو أول من حصل على شهادة الدكتوراه فيها. أما عن اختيار طه حسين لأبى العلاء وهو أكبر شعراء العرب فى التاريخ فلأنه كان كفيفا مثله وكان من كبار مفكرى الحضارة الإسلامية فرأى فى شخصية أبى العلاء شخصية يحتذى بها. وذكر د. لبيب أن طه حسين يؤمن بقيم الثقافتين التراثية والفكر الغربى، وله فى حياتنا الثقافية مكانة رفيعة أما كتابه فى الشعر الجاهلى فهو مما يثير فيه المشكلات وكان حريصا على أن ينبذ روح التقليد ويزكى روح النقد وعدم التسليم الاعمى للأفكار وهو ليس كتابا فى الدين ولكنه كتاب فى الأدب، وطه حسين يفجر قضية خطيرة ان القرآن كتاب فى الدين وليس فى التاريخ وما يرد فيه على سبيل العظة. نحن مع مفكر يمارس حقه فى التفكير كفريضة إسلامية كما قال العقاد.