سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الذكرى الثانية ل«مجزرة بورسعيد».. المحرض ما زال مجهولاً مسئول أمنى في شهادته للمحكمة: تعليمات الداخلية كانت تقتصر على تأمين اللاعبين والجهاز الفني وليس الجمهور..
سقطت أسطورة المتعة الكروية، واختفت أضواء المنافسة من ملاعب مصر.. فها هو العام الثانى يحل على أبشع مجزرة شهدتها الملاعب المصرية والعالمية، حيث انطفأت أضواء ملعب بورسعيد ليسقط عشرات القتلى من أعضاء ألتراس أهلاوى فى المدرج الشرقى لاستاد المصرى، فى مشهد فيه الكثير من الإهمال والتقصير والمؤامرة. رغم مرور عامين على المجزرة، فإن آثارها مازالت تحوم حول مسابقة الدورى العام، حيث يستمر غياب الجماهير عن ملاعب الكرة بأوامر من وزارة الداخلية، وهو القرار الذى تحاول روابط الألتراس كسره باقتحام المباريات لفترة زمنية قصيرة، ورفع لافتات تطالب بإلغاء القرار، باعتبار أن «الكرة للجماهير». عدم الكشف عن ممولى المجزرة.. حقيقة إقحام الألتراس فى السياسة.. التمسك بحقهم فى تشجيع الأهلى، عناوين تلخص أحداث 365 يوما مرت علىّ العام الثانى من المجزرة، ورصدتها «الشروق» بالتفاصيل.. 730 يوما مرت على مجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها 74 شهيدا من شباب ألتراس أهلاوى، ورغم صدور أحكام ضد المتهمين، تراوحت بين الإعدام والسجن المشدد والبراءة لبعضهم، فإن المحرض على الجريمة لا يزال مجهولا. «التذاكر المُجمعة»، هو الخيط الأهم الذى سارت وراءه النيابة العامة للوصول إلى الجماهير التى تواجدت بنسبة تزيد على عدد المدرج، لكن التحريات أثبتت أن معظم التذاكر تم شراءها بشكل فردى، رغم تواجد بعض الأفراد فى «تراك الملعب» حاملين أسلحة بيضاء، بعد دخولهم فى غفلة عن اللجان الشعبية المسئولة عن تأمين المباراة. محامى أهالى شهداء مجزرة بورسعيد محمد رشوان، نقل ل«الشروق» بعض اعترافات من أدلوا بشهادتهم فى الجلسة الأخيرة للقضية التى انعقدت فى 18 ديسمبر الماضى، واستمعت خلالها محكمة جنايات بورسعيد بمقر أكاديمية الشرطة، إلى شهود الإثبات فى نظر قضية إعادة إجراءات محاكمة 11 متهما، كانوا هاربين وصدرت ضدهم أحكام، حيث شمل الاتهام 73 شخصا بينهم 9 قيادات أمنية، و3 من مسئولى النادى المصرى، وباقى المتهمين من ألتراس النادى المصرى. وأوضح رشوان أن أقوال العميد محمد هشام رمضان، من قوات الأمن المركزى (قطاع القناة)، الذى كان معينا وقت المباراة مشرفا على خدمات قوات الأمن المركزى، تدين تقصير وزارة الداخلية فى تأمين المباراة والجمهور، حيث أشار رمضان إلى أن التعليمات التى تلقاها من الوزارة ومدير أمن بورسعيد كانت تأمين وحماية اللاعبين والجهاز الفنى فقط، دون المطالبة بحماية الجمهور. وعند سؤال محامى الشهداء لمشرف قوات الأمن، حول السبب وراء عدم وجود أى تعليمات لحماية جماهير الأهلى خلال المباراة، جاء رد العميد: «معرفش اسألوا قيادات الداخلية»، ثم استدرك قائلا إن بعض جمهور الأهلى أراد افتعال المشاكل قبل نهاية المباراة بعد هزيمته، وألقى الشماريخ والصواريخ، مما أصاب بعض أفراد القوة شمل لواء و2 ضباط و7 جنود، ثم صدرت بعدها تعليمات مدير الأمن المركزى لمنطقه القناة وقتها اللواء عبدالعزيز فهمى، بالسيطرة على الحكام واللاعبين وإخراجهم خارج الملعب فى أمان، دون التطرق إلى وضع الجماهير التى كانت قد اقتحمت الملعب باتجاه جمهور الأهلى. لكن شهادة مدير استاد بورسعيد والمسئول الفنى عن تجهيزه محمد يونس، بأنه طالب مهندس الكهرباء والإذاعة الداخلية بالاستاد توفيق ملكان، الصادر ضده حكم بالسجن المشدد 15 عاما، بعدم إطفاء الأنوار للاحتفال بالفوز، إلا أنه فوجئ برد ملكان، بأن العميد هشام رمضان بالأمن المركزى هو من أمر بإطفاء الأنوار. وقال محامى الشهداء أنه يملك محادثة خاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعى قبل أيام من وقوع المجزرة، بين شاب من ألتراس المصرى وعضو ألتراس أهلاوى، خلال محاولة الأخير شراء الشماريخ من تاجر بورسعيدى، حيث إن المحافظتين الشهيرتين بتلك الصناعة، هما السويس وبورسعيد، وأنهم فشلوا فى شرائها من السويس لذا لجأوا إلى بورسعيد. وأضاف: «تلك المحادثة تكشف النية المبيتة لدى بعض أعضاء ألتراس المصرى فى ارتكاب المجزرة، من خلال تفاصيل المحادثة، التى تحمل تهديدات واضحة بالاعتداء وقتل جمهور الأهلى، بالاتفاق مع الأمن على فتح المدرج لجمهور المصرى وتفاصيل أخرى شهدتها المجزرة، وهى التهديدات التى أخذها عضو ألتراس أهلاوى على محمل الهزار، واعتبرها مجرد مهاترات، مؤكدا أنه سيقدم تلك الأدلة الجديدة للنيابة العامة فى الوقت المناسب». هل دخلت «الأخونة» قلب الألتراس؟ «علاقة الألتراس بالإخوان».. مادة دسمة لوسائل الإعلام طيلة السنة الماضية، حيث امتلأت صفحات الجرائد بروايات حول اجتماعات بين رابطة أهلاوى وممثل رسمى عن الجماعة، لكن الرواية الوحيدة هى جلسة قصيرة بين نائب المرشد خيرت الشاطر، وقادة الألتراس، جاءت بعد توسط قيادات الجماعة عقب ثورة 25 يناير خلال حكم المجلس العسكرى برئاسة المشير محمد طنطاوى، أى قبل تولى الرئيس المعزول محمد مرسى، مقاليد الحكم. «عددكم كام؟»، سؤال طرحه خيرت الشاطر على أحد قادة الرابطة، وجاءه الرد بأنهم فى مباراة المحلة يكون عددهم 6 آلاف، وفى مباراة الزمالك يصبحون 60 ألفا»، وهو الرد الذى أصاب نائب المرشد بحالة من الاندهاش، جعلته يكرر السؤال مرة أخرى أملا فى الحصول على إجابة ترضيه، لكن قائد الألتراس كرر نفس الإجابة. فشرح الشاطر للوفد أن سؤاله يأتى رغبة من الجماعة فى التعاون مع الرابطة للاحتشاد فى المظاهرات ضد المجلس العسكرى، وهو ما رفضه قائد الألتراس جملة وتفصيلا، قائلا: «إحنا جروب رياضى فقط، لا نتعاون مع فصيل ضد فصيل، مشاركات الأعضاء فردية ولا تعبر عن وجهة نظرنا، وسنبقى جروبا رياضيا إلى أبد الدهر»، وهى الجملة التى أنهت فيما بعد الاجتماع، بعد تأكد الشاطر وباقى ممثلى الجماعة من عدم قدرتهم على كسب الرابطة إلى صفهم. هذه الواقعة تنفى إصرار البعض إلصاق تهمة «الأخونة» لألتراس أهلاوى، خاصة أن عددا كبيرا منهم شارك فى أحداث موقعة الاتحادية ديسمبر 2012، وأصيب بعضهم بخرطوش، «كيف أتظاهر ضد الإخوان، ويكونون سببا فى إصابتى، وبعدها أتحالف معهم»، يقولها باستغراب أحد قادة الرابطة. وكان حرق مقر جريدة «الوطن» دليلا آخر على غضب الألتراس من إصرار بعض وسائل الإعلام على نشر وتسريب أخبار عن لقاءات واجتماعات بين قادتها وبين ممثلى جماعة الإخوان. وقبل أيام من حلول الذكرى الثانية للمجزرة، كان الخبر الأبرز فى مختلف وسائل الإعلام هو القبض على قائد ألتراس أهلاوى أحمد إدريس، بحجة دعوى قضائية أقامها محامى الجناة فى القضية، تتهمه بأنه أحد أسباب المجزرة، وهو الأمر الذى فسره البعض بأنه بداية «القبضة الأمنية» على الرابطة، خاصة بعد التأكيدات القانونية بسقوط أمر الضبط والإحضار لانتهاء المدة القانونية له. وجاء بيان الرابطة حاد اللهجة ليعيد إلى الأذهان بيانتها التى كانت تصدر على مدى عام بعد المجزرة، والتى تتمحور حول الهجوم الحاد على الداخلية والمجلس العسكرى، خاصة الجزء الثانى فيه، يقول: «أعلنا مرارا وتكرارا أنه لا علاقة لنا بساحتكم السياسية ونزاعاتكم على المناصب، طلبنا مرات كثيرة أن تتركونا لمدرجاتنا ولتشجيع فريقنا، ولكن لا حياة لمن تنادى، حملتكم لن تغير شىء، ولكنها ستزيدنا إصرارا وتصميما، وإن كانت العدالة ستحول المجنى عليهم إلى جناة فانتظرونا جناة». وعلمت «الشروق» من مصادرها، أن سبب القبض على قائد الألتراس بعد الحوار الذى دار بينه وبين مدير أمن القاهرة، حول صحة مشاركة الرابطة فى مسيرات الإخوان أثناء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وهو الأمر الذى أثار ضيق واستياء إدريس، ونفى لمدير الأمن تلك المعلومات، وشدد على عدم علاقتهم بأى فصيل سياسى، سواء الإخوان أو غيرهم، وقال له: «إحنا جروب رياضى، وسنبقى كذلك، وطالبناكم كثيرا بإبعادنا عن ساحتكم السياسية، وسنستمر فى ممارسة هوايتنا التى نشأ على أساسها الجروب، وهى تشجيع النادى الأهلى». لعبة القط والفار بين الداخلية و«رابطة أهلاوى» «We will never stop singing»، اسم أول ألبوم غنائى طرحته رابطة ألتراس أهلاوى بعد مجزرة بورسعيد، وهو الاسم الذى اختير بدقة لإيصال رسالة إلى جميع الجهات وخاصة الأمنية، بأنهم لن يبعدوا عن متعتهم الحقيقية، حيث يرون أن أطرافا كثيرة ترغب فى إبعادهم عن «مدرج التشجيع». فالمعركة الخفية التى بدأها الألتراس، بعد صدور حكم أولى فى قضية بورسعيد، هى التمسك بعودتهم إلى المدرجات، اعتقادا منهم بأن الداخلية تسعى لإبعادهم فى الفترة الحالية عن حضور المباريات بحجة عدم قدرتها على التأمين، وهو السبب الذى جعل الألتراس يحضرون أغلب المباريات الودية للفريق، والتى تقام فى ملعب النادى الأهلى، حتى إن المباراة الودية الأخيرة التى كانت تجمع بين الأهلى و«مقاولين طنطا» فى 23 يناير الجارى، تم نقلها إلى ملعب 6 أكتوبر، وهو ما جعل الرابطة تصدر بيان تبدى فيه استياءها، قائلة: «مش مفهوم أبدا ما هى الدواعى الأمنية اللى ممكن تنقل مباراة ودية مع فريق مقاولين طنطا، والأمن أصلا مش لا يؤمن أى مباراة ودية، داخلية زى ما هى». سعادتهم بصدور ألبوم غنائى جديد جعلتهم يملأون جدران مصر بالجرافيتى و«البوسترات» التى تحمل شعار الألبوم وأبرز عباراته، لكنها كانت سببا جديدا فى أزمة مع الداخلية، حيث تم القبض على 8 من شباب الجروب خلال رسمهم لجرافيتى فى ميدان العباسية، ووقتها حاول قيادات الرابطة إنهاء الأمر وديا، لكن سوء معاملة الضابط المسئول بقسم الوايلى، جعلت الرابطة تحشد أعضاءها أمام القسم، وحينها تدخل معاون مباحث القسم لاحتواء الأزمة، بعد التأكد من عدم إدانة المقبوض عليهم، لكن معاون المباحث اشترط رحيل أعضاء الرابطة من محيط القسم «احتراما لهيبة الداخلية»، وهو ما استجاب له الرابطة لإنهاء الأزمة بين الطرفين بهدوء. «الأهلى عندى بالحياة ونصره اليوم هو المنا.. فريق هكون دايما معاه جمهوره وراه زى الخيال»، هتاف يعكس السبب الحقيقى لتواجد أعضاء رابطة أولتراس أمام صالة الوصول بمطار القاهرة، لاستقبال فرق كرة اليد للنادى الأهلى، بعد مشاركته فى بطولة الأندية الأفريقية. لكن «سلامة نية» الرابطة أدخلتهم فى دوامة جديدة مع الداخلية، انتهت بحبس 28 عضوا، حيث لم يكن يعلم الأعضاء بأن فرحتهم بعودة فريق اليد واستقبالهم له فى المطار، كما يحدث باستمرار سينقلب عليهم، فللمرة الأولى ترفض قوات الأمن استقبالهم للاعبين أمام صالة الوصول واعتبرتهم «مقتحمين للمطار». وبعد القبض على 28 عضوا وإيداعهم فى الحبس لمدة شهر، تم التصالح بين وزير الداخلية وأعضاء الرابطة بعد الإفراج عنهم، حيث تدخل أهالى شهداء مجزرة بورسعيد وقيادات أخرى لاحتواء الأزمة قبل إحالتهم للمحاكمة الجنائية. تأبين شهداء مجزرة بورسعيد فى «التتش» «اللى ماتوا فى بورسعيد عشان رجال.. لما قاوموا حكم عسكر كالجبال»، بهذه الكلمات بدأت رابطة ألتراس أهلاوى دعوتها لجمهور النادى الأهلى للتجمع، غدا السبت، فى مدرجات ملعب «التتش» داخل النادى، للمشاركة فى تأبين شهداء مجزرة بورسعيد فى ذكراها الثانية. ونعى الألتراس فى بيانهم المقتضب الذى أصدروه عبر صفحتهم الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، أمس، الشهداء قائلين: «بقية ذكريات حياتكو فى كل بال.. شهداء الوطنية جوه قلبى للأبد.. المجد للشهداء». ومن المنتظر أن يرفع مسئولو النادى الأهلى الستار عن النصب التذكارى الخاص بشهداء المجزرة خلال التأبين، مساء الغد.