«عايز أعرف مين هم اللي ماتوا من العيال زمايلي».. بهذه الكلمات تحدث أحد مجندي الأمن المركزي المكلفين بالتمركز فى محيط مديرية أمن القاهرة ضمن قوة التأمين بعد حادث التفجير الذي استهدف المديرية صباح الجمعة مع «بوابة الشروق» عن ما وصفه «بأصعب أيام في الخدمة وزملائه بقطاع الأمن المركزي وعن الذين استشهدوا منهم في الحادث». وبلهجته الصعيدية حاملا درع قارب من كتفه مرتديا خوذة تكاد تخفي معالم وجهه الشاحب الأسمر، وبنظرة تبدو فيها قلة الحيلة والتلقائية: قال المجند «الذي رفض ذكر اسمه خوفا من المساءلة على حد تعبيره»: «احنا فاكرين إنها مظاهرات زي كل جمعة ومعرفناش حاجة عن التفجير غير لما جينا هنا.. وعرفنا إن في 3 من زملائنا ماتوا»، مضيفا « المجندون الذين أصيبوا من جراء انفجار مديرية أمن القاهرة هم «خدمة الليل»، ومعظمهم من زمايلنا في القطاع». ووضع المجند يده على فمه قائلًا : «عايز أنا أعرف مين هم اللي ماتوا من العيال زمايلي؟، وبنفس يخفق وإشارة بيده تبين استسلامه للأمر قال «يلا الله يرحمهم بقى لم نرجع القطاع بالليل نشوف مين ناقص من العيال يبقى هم دول». وأضاف: «سمعنا فجأة في حوالي السابعة صباحًا داخل قطاع الأمن نداءَ «كله يجمع» ووقتها كان بعضنا مستيقظًا والباقي نائمين وبسرعة البرق كان الجميع في سيارات نقل الجنود». وتابع بلهجته الصعيدية: «احنا في الوش في كل حاجة يا واد عمي وأول ناس بنموت.. الواحد يجي الديش 3 سنين يروح لأهلة قتيل؟ اللي ماتوا دول تلاقيهم بيصرفوا على بيوت اللي خاطب واللي مجوز.. ولسه دي السنة اللي فاضلة من خدمتي شكلها هتبقى حرب وربنا يستر ونروح سُلام .. أنا أجازتي يوم التلات الجاي بس لما نخلص الموال ده».. ويخرج العسكري من أحد جيوبه علبة «سجائر» ويقوم بالتوزيع منها على بعض من زملائه المدخنين قائلا «انفخ يا عم .. فش غلك في أي حاجة انت وهو لغاية ما ربنا يسهل». ومن جديد دخل المجند في حالة صمت واكتفى بالتدخين ونظر لأعلى.. هنا قررت «بوابة الشروق» المغادرة.