فى الخارج؟المصريون فى الخارج يحققون فى المتوسط نجاحات أكثر بكثير مما يجدونه فى مصر. ويتبادر إلى الذهن قصص لا نهائية من النجاحات آخرها الدكتور مصطفى حجى المستشار العلمى للسيد الرئيس. وقد شاهدته يتكلم الأسبوع الماضى فى الفضائيات المصرية. وناهيك عن أنى أتفق معه بالكامل على أن المياه والتعليم هما معركتنا فى الخمسين سنة القادمة، إلا أننى فكرت فى القضية الأساسية وهى: لماذا ينجح المصريون فى الخارج؟ أهمية السؤال تكمن فى أنه لو علمنا المصريين بطريقة أفضل هل مكتوب علينا دائما أن نفقد أنبه من فينا سواء بالهجرة الدائمة أو بالعمل بالخارج وبالتالى نطبق عمليا المثل الشعبى «ربى يا خايبة للغايبة». إن أساس العدالة الاجتماعية هو عدالة الحصول على الفرصة، سواء كانت فرصة التعليم أو فرصة العمل أو فرصة المساواة فى الحقوق والواجبات. وإذا سدت هذه العدالة فإن النابهين من الطبقة المتوسطة يتركون البلد ويخرجون إلى حيث الحلم يمكن تحقيقه سواء كان ذلك فى الولاياتالمتحدة أو كندا أو أستراليا. الطبقات العاملة تذهب إلى العالم العربى. والكادحون يذهبون إلى أوروبا فى رحلات الهجرة غير الشرعية. والتعميم قد يكون مخلا فى بعض الأحيان. ما هو أخطر الآن أن المصريين الذين يدرسون فى الخارج لا يعودون إلى مصر. فى المتوسط وأركز على ذكر أنه فى المتوسط أن من يترك البلد هم أحسن من فينا. وهم مستعدون للمخاطرة لإثبات إمكانياتهم. وهم يسافرون هربا من الثالوث المقدس البيروقراطية، والوساطة وتطبيق القانون بشكل انتقائى. إن أى مجتمع يجب أن تكون به نسبة من الناس تقبل المخاطرة فهى أساس التقدم وبالأساس يكون ذلك فى مجتمع الأعمال وعندما يصطدم المصريون المجددون المخاطرون المتعلمون بالثالوث المقدس فإنهم يخرجون من الوطن ويسافرون للخارج. أى أن أحسن من فينا (فى المتوسط) يتركنا باستمرار خاصة فى فترات معينة من تاريخنا (وذلك أمر سوف نعود إليه). وهؤلاء يكونون فى المتوسط فاهمين لظروف العالم، واثقين فى قدراتهم، مستعدين لتحمل المخاطرة، قادرين على التكيف وعندهم القدرة على الاختلاف فى الرأى. وبالتالى وباختصار فهم العناصر التى يجب أن نحافظ عليها. فنحن ننظر بإعجاب لبيل جيتس (مؤسس ميكروسوفت) وستيف جوبز (مؤسس آبل) ولارى اليسون (مؤسس أوراكل) ولارى بيج (مؤسس جوجل).. إلخ. هؤلاء خاطروا ونجحوا. لدينا مثل هؤلاء ولكنهم يخرجون من مصر. إن عدالة الحصول على الفرصة هى أساس التقدم. بدون إعمال دولة القانون وتعديل القوانين البيروقراطية وتجريم الوساطة فإننا سوف نفقد أحسن من فينا باستمرار. والإجابة عن السؤال إذن هى أننى أرى أن المصريين ينجحون فى الخارج فى المتوسط لأنهم أحسن من فينا. إن البلاد الكبيرة (مقاما) تحافظ على أبنائها. وتخلق بهم الحلم الذى من خلاله يبقون فى بلادهم. فالبلاد تبنى على أكتاف أبنائها. مصر ممكن أن تكون «قد الدنيا» ولكن الإبقاء على أحسن من فينا فى مصر جزء من الحل.