رفعت مؤسسة ستاندرد آند بورز العالمية تصنيفها لديون مصر طويلة وقصيرة الأجل بالعملتين المحلية والأجنبية لأول مرة منذ ثورة يناير قبل أكثر من عامين ونصف العام وبعد 6 تخفيضات متتالية بسبب الاضطرابات السياسية. وقد رفعت ستاندرد آند بورز التصنيف من «CCC+/C» إلى «B-/B»، مرجعة ذلك فى تقريرها الصادر أمس، إلى حصول مصر على مساعدات خليجية بقيمة 12 مليار دولار بعد عزل الرئيس محمد مرسى فى 30 يونيو الماضى بما «ساعد الحكومة على توفير ما يكفى من النقد الأجنبى لتلبية الاحتياجات التمويلية للميزانية والمدفوعات الخارجية فى الأجل القصير». «هذه خطوة جيدة جدا، ولم نكن نتوقع حدوثها بمثل هذه السرعة»، تقول عالية ممدوح، محللة الاقتصاد فى بنك الاستثمار سى آى كابيتال، مشيرة إلى أن المساعدات العربية حسنت من المؤشرات الاقتصادية، وأدت إلى ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى، إلى 18.5 مليار دولار، وإلى ثبات الجنيه فى مواجهة الدولار. وإلى جانب المساعدات العربية، ترى ممدوح ان «هذه الخطوة تعكس ثقة المؤسسات الدولية فى الحكومة الحالية، فهذه المؤسسات لا تنظر إلى استقرار الوضع الاقتصادى فقط، وإنما تهتم فى المقام الأول بوجود خطة محددة الملامح لدى الحكومة لإنعاش الاقتصاد.. وهذا ما نجحت الحكومة فى إثباته خلال الفترة الأخيرة من خلال خطة واضحة للحزم التحفيزية». أعلنت الحكومة المصرية عن حزمة تحفيزية بقيمة 22.3 مليار جنيه، قامت بزيادتها بعد ذلك إلى 30 مليار جنيه، والأهم من ذلك، بحسب ممدوح، إعلانها عن برنامج واضح لاستخدام هذه الأموال فى مشروعات للبنية الأساسية. والأهم من ذلك، تستطرد ممدوح، «احترام البعد الاجتماعى للحكومة من خلال بعض القرارات المهمة»، مثل الإعلان عن بدء تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور. وكانت حكومة الببلاوى قد أعلنت أمس الأول عن تطبيق الحد الأقصى للأجور ابتداء من يناير المقبل، على أن لا تتجاوز قيمته 42 ألف جنيه، وهو ما يمثل 35 ضعفا للحد الأدنى، على أن يتم تطبيقه اعتبارا من يناير المقبل. ومن المقرر أن يتم أيضا بدء تنفيذ الحد الأدنى للأجور فى القطاع الحكومى، والذى يبلغ 1200 جنيه، فى نفس الوقت. و«هذه القرارات تأخذ فى الاعتبار البعد الاجتماعى وهذا مؤشر يزيد من ثقة الحكومة». ويوضح احمد جلال، وزير المالية، أن قرار مؤسسة ستاندرد آند بورز برفع درجة التقييم الائتمانى السيادى لمصر خطوة أولى نحو استعادة ثقة الأسواق الدولية فى الاقتصاد المصرى. وهو «بداية رصد مؤسسات التقييم السيادى للتحسن الملحوظ الذى طرأ فى درجة استقرار الاقتصاد المصرى خلال الفترة الأخيرة»، بحسب قوله، متوقعا استمراره وتحسنه المطرد خلال الفترة المقبلة. وأضاف وزير المالية، فى بيان للوزارة أمس، أن استمرار تنفيذ خطة الحكومة لإعادة تنشيط الاقتصاد المصرى وتدعيم العدالة الاجتماعية مع الحفاظ على الاستقرار المالى على المدى المتوسط ومن خلال برامج محددة سوف يدعم الثقة فى الاقتصاد المصرى على المستويين المحلى والخارجى خلال الفترة المقبلة. و«نأمل أن ينعكس ذلك على زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة التنوع فى مصادر التمويل من خلال عودة المستثمرين الأجانب للاستثمار فى الأوراق المالية الحكومية وفى البورصة بشكل أكبر من الوضع الحالى، من أجل خفض تكلفة الاقتراض، وزيادة معدلات التشغيل». وترى ممدوح ايضا أن قرار الحكومة إلغاء حالة الطوارئ، أمس الأول، هو «المحرك الأساسى لمثل هذا التخفيض»، حيث انه يعكس استقرار الأوضاع الامنية، ويعطى مؤشر بانتهاء فترة العنف. وتعد ستاندرد آند بورز أول مؤسسة دولية ترفع التصنيف الائتمانى لمصر منذ الثورة، حيث أبقت موديز فى تقريرها الأخير على تصنيف مصر، والذى جاء أيضا بعد ثورة 30 يونيو، والذى وصف الديون المصرية بالرديئة، مع نظرة سلبية للمستقبل.