فتحت زيارة وزير الدفاع الروسى، سيرجى شويجو، إلى القاهرة الباب واسعا أمام الحديث عن إتمام صفقة سلاح بين القاهرةوموسكو، بعد أقل من شهر من قرار أمريكى بتعليق المساعدات العسكرية الأمريكية إلى مصر. وبحسب المعلومات المتاحة، رسميا، والتى أعلن عنها وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، فى حواره مع صحيفة «المصرى اليوم»، فى أكتوبر الماضى، فإن «القوات المسلحة خرجت من حرب 1973 بحجم أسلحة وتنوع يكاد يكون معظمه لا يذكر، لكن خلال السنوات الماضية كان هناك شكل من أشكال التنوع، ومع هذا لايزال جزء كبير من أسلحتنا مرتبطا بروسيا الاتحادية والاتحاد السوفيتى القديم والكتلة الشرقية فى بعض الأفرع، مثل الدفاع الجوى، وبشكل أو بآخر هناك جزء كبير فى القوات البرية وآخر فى القوات البحرية قائم على الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب». ويقول رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق، اللواء عبدالمنعم سعيد ل«الشروق»، إن العلاقات السياسية مع روسيا لم تنقطع طوال سنوات ما بعد حرب أكتوبر 1973، إلا أنه من الممكن أن يكون أصابها بعض الفتور أو عدم التطوير، موضحا أن الرئيس الراحل أنور السادات انهى مهمة الخبراء العسكريين السوفييت قبل حرب أكتوبر لسببين: أولهما، مماطلة الاتحاد السوفييتى فى منح مصر أسلحة وصواريخ أكثر تطورا وذات مدى أكبر، فضلا عن رغبة السادات فى أن تكون الحرب مصرية خالصة وألا تتذرع إسرائيل بمشاركة الروس فى العمليات. وتابع «إن المهندسين المصريين أجروا تطويرا للأسلحة الروسية التى استخدمت فى حرب أكتوبر، يتمثل فى تركيب خزانات وقود إضافية فى أجنحة الطائرات، بهدف تشغيلها لمدة أكبر، تتناسب مع فترة طيران العدو الإسرائيلى». وأوضح سعيد أنه، وعلى الرغم من اتجاه مصر للاعتماد فى تسليحها على الأسلحة الأمريكية، وعلى نحو موسع، فى سنوات ما بعد أكتوبر، إلا أن التعاون العسكرى المحدود مع روسيا لم يتوقف، خاصة فى مجالات طائرات النقل، وقطع الغيار والاسلحة الخفيفة، فضلا عن شراء طائرات «ميج» من الصين وفرنسا، وقطع غيار للأسلحة من ألمانيا. وبشأن احتياجات مصر من السلاح الذى يمكن أن تقدمه روسيا، قال سعيد، إن الجيش المصرى يعتمد مبدأ تنويع السلاح، ولا يمكن لأحد الجزم بالاحتياجات الحقيقية سوى القيادات الموجودة فى الخدمة، إلا أنه من المعروف عسكريا أن الأسلحة الروسية فى مجالات الدفاع الجوى من أقوى أنظمة الدفاع فى العالم، داعيا إلى انتظار نتائج اللقاء بين وزيرى دفاع مصر وروسيا وعدم التعجل فى استباق عقد صفقات السلاح خاصة أنها تحتاج إلى كثير من الدراسة والمفاوضات. كان وزير الخارجية، نبيل فهمى، قال فى تصريحات لوسائل إعلام روسية، تعليقا على التطور فى العلاقات بين البلدين، إن مبدأ شراء أسلحة جديدة من روسيا قائم، وإن العلاقات العسكرية مع موسكو لم تتوقف لحظة، ومستمرة من ثلاثين سنة، فهناك أسلحة تشترى أو تتم صيانتها من روسيا منذ السبعينيات وقبل ذلك، وهذه ليست مسألة جديدة»، وأردف « قرار شراء أو عدم شراء أسلحة جديدة يحتاج لدراسة، إذ يجب بحث الموضوع بعناية، إنما مبدأ الشراء قائم ويتم بالفعل». مستشار الشئون العسكرية والتكنولوجية فى مركز الأهرام للدراسات، اللواء قدرى سعيد، يوضح ل«الشروق» أن الأسلحة الروسية المتاحة لمصر فى جميع الأحوال لن تتجاوز الحدود المسموح بها وهى «الدفاع وليس الهجوم»، مضيفا «من غير المتصور أن نتعامل مع روسيا على أنها دولة مطيعة يمكن القول لها نريد أى نوع من السلاح فتمنحه لمصر». ولفت قدرى إلى أن السلاح الذى كانت تحصل عليه مصر من أمريكا، كان بلا مقابل مادى، والروس، فى الوقت الحالى، ليس لديهم القدرة على إعطاء السلاح مجانا لأى جهة. وشدد سعيد على أن خلق علاقة صداقة قوية مع روسيا يحتاج إلى نحو 5 سنوات، تساهم فى خلق مساحة أكبر من التعاون والثقة والتنسيق المشترك بين البلدين، خاصة أن فكرة الاحلاف العسكرية انتهت من المنطقة، ولا يمكن لدولة أن تدعم أخرى على حساب مصالحها، مشيرا إلى أن روسيا لديها الكثير من المصالح مع الاتحاد الاوروبى والولاياتالمتحدة، وإذا كانت مصالح مصر متناقضة مع توازنات موسكو السياسية والعسكرية، فلن يضحى الروس لصالحنا «لابد أن نفهم أننا نتعامل مع روسيا الجديدة التى لم تعد تدعم كل من يعادى أمريكا وحسب». وأضاف «هناك سلاح روسى لايزال فى الخدمة حتى الآن، فى حال إقرار صفقة أسلحة جديدة مع موسكو فإنها لن تتجاوز المدى الدفاعى، الذى لا يضر بإسرائيل حرصا على توازنات روسيا الإقليمية».