على مدار عشرة أيام شاركت ضمن وفد إعلامى مصرى زار ثلاث دول أوروبية هى الدنمارك وبولندا والمانيا، بدعوة من المعهد الدنماركى للحوار. الهدف الرئيسى للزيارة هى الاطلاع على التجارب الاعلامية لهذه الدول ولقاء كبار قادة الاعلام فيها، وبالتالى تبادل الخبرات الاعلامية بين الطرفين. بجانب هذا الهدف الرئيسى فإن الجانب الاوروبى كان يريد أن يعرف المزيد عما يحدث فى مصر. خلال الزيارة التقينا بعض المسئولين الرسميين والباحثين فى لقاءات غير رسمية تمت معظمها على العشاء وسؤالهم الرئيسى كان هو: إلى اين تتجه مصر وهل يستمر الصراع الراهن وهل سوف يستسلم الاخوان وهل سيترشح الفريق اول عبدالفتاح السيسى للرئاسة وهل وهل وهل......؟. مشكلة الاوروبيين مع مصر الان انهم فى حيرة ولديهم تشوش بشأن حقيقة ما يحدث هنا. بعض المصادر التى تنقل لهم المعلومات إما انها غير كفئة او غير أمينة. لديهم يقين أن الصراع بين الاخوان والجيش فقط، وان غالبية المصريين مع الاخوان وأن ما حدث فى 30 يونية هو محض انقلاب. سألت احد مسئولى القسم السياسى فى صحيفة تايجل شبيجل اليومية عن مضمون ما يرسله مراسلهم فى القاهرة. الرجل دافع عن مراسله مطولا ثم قال إن تقاريره تقول إن هناك صعوبات كثيرة واحتمال حدوث حرب اهلية فى هذا البلد الذى لا يعرف طريقه. غالبية الاوروبيين يستقون معلوماتهم عن مصر اما من قناة الجزيرة او وكالات الانباء العالمية او تقارير سفاراتهم فى القاهرة، ونظرة هؤلاء جميعا أن الجيش انقلب على الرئيس المنتخب ولم يكن هناك شعب تحرك. قبل هذه الزيارة كنت اعتقد أن سبب هذا الموقف الاوروبى هو الحيرة فعلا ودور الرأى العام الاوروبى والميديا فى التأثير على صانع القرار لكن يبدو أن هناك اسبابا أخرى لها تأثير كبير مثل الدور المهم الذى يلعبه التنظيم الدولى للاخوان المسلمين وتجييشه لقطاعات كبيرة من المصريين والعرب فى اوروبا والدعم السياسى التركى الواسع يليه الدعم القطرى المالى اللامحدود. وطبقا لمعلومات غير مؤكدة فان هذا الثالوث ربما يكون قد اخترق بعض دوائر صنع القرار الاوروبية. عصر يوم الجمعة الماضى ذهبنا إلى وزارة الخارجية الالمانية والتقينا كبار مسئولى ملف مصر والشرق الاوسط فيها. جلستى على المائدة جاءت بجوار هنرى كريفت السفير ومدير الدبلوماسية العامة والحوار بين الحضارات. سألنى الرجل الاسئلة المعتادة وأجبته بما أكتبه هنا فى هذا المكان لكننى اخبرته فى المقابل أن معظم ما يتلقونه من تقارير تغفل شيئا مهما وهو كيف يفكر المصريون العاديون فى الشارع وخطورة الرسائل الاوروبية التى قد تزيد العنف ولا تقلله عندما تعطى طرفا احساسا انها تؤيده. الامر نفسه قلته للدكتور ستيفان بوخفالد مسئول الحوار الثقافى والاعلامى مع العالم الاسلامى والشرق الاوسط. قبل نهاية الحوار قال لى احد المسئولين نصا: «نعلم أن الاخوان ومحمد مرسى ودستورهم صاروا مثل البيضة المكسورة التى لا يمكن اعادتها لحالتها الاولى، لكن ما يشغلنا هو كيف سيعيد النظام الجديد الاستقرار الى المجتمع». سؤال يستحق التفكير.