فى حواره مؤخرا مع «الشروق» أكد الرئيس الجديد لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور أحمد عواض أنه سيسعى إلى تغيير القانون الذى وصفه بأنه «قديم ولا يتماشى مع التطورات التى يمر بها الفن»، لكن هل تغيير القانون أو تعديله وحده هو ما تحتاجه الرقابة لتواكب العصر وتطلق يد الابداع الفنى والسينمائى على وجه التحديد أم تحتاج إلى أشياء أخرى؟. الناقد ومدير الرقابة على المصنفات الفنية الأسبق، مصطفى درويش، يؤكد أن القانون بالفعل فى حاجة إلى تغيير لكنه وحده غير كاف ويقول: بالتأكيد القانون يحتاج إلى تغيير.. فهو يعانى من عوار كبير وهو قانون قديم لم يتم تعديله منذ فترة، وقديما كان المسئول عن الرقابة يخشى عرض القانون على مجلس الشعب فيتم تقييد حرية التعبير أكثر، ولذلك لم يتم تعديل القانون الا مرة واحدة وفى رأيى أنه تعديل إلى الأسوأ، وطبيعة عمل الرقابة هى أن يجلس مجموعة من الرقباء ليشاهدوا العمل الفنى وكل شخص منهم يكتب تقريره وإذا لم يكن لدى الرقباء وعى بالسينما فسوف يتمسكون بنصوص القانون التى يمكن أن تكون عقيمة. وأضاف: عندما كنت مديرا للرقابة كان معظم الرقباء ضدى ولم أكن أعتمد رأيهم لأن أغلبهم معاد للسينما، وأنت إذا كنت مديرا للرقابة وتريد للسينما أن تتطور فلابد وأن تخفف من ملاحظاتك الرقابية، ولهذا فأنا أرى أن القانون وحده لا يكفى، ولابد وأن يكون الرقباء أنفسهم مستنيرين، ولديهم وعى كامل بلغة السينما ولابد، وأن يكون لديهم فكر جديد ويكون متابعا جيدا لكل ما هو جديد فى عالم السينما، ولكن للأسف أغلب رقبائنا يستمدون ثقافتهم من التليفزيون ومشاهدة المسلسلات ولا يدركون أن السينما تغيرت فى السنوات الماضية التى اختفت فيها الرقابة أصلا فى كل أنحاء العالم، وعندما تعرض عليهم هذه الأفلام يفاجأون بالحرية والتطور الموجود فيها وهو فى النهاية موظف ولذلك فهو يواجهه هذه الأعمال بالمنع. ويضيف مصطفى درويش بعدا جديدا فى تعامل الرقباء مع السينما قائلا: حدث فى تاريخ الرقابة أن مديرة الرقابة وافقت على عرض فيلم «المذنبون»، وقامت الدنيا عليها، وأصبحت هى المذنبة، وحولت إلى التحقيق، ووقع عليها جزاءات وبعدها أصبح شعار الرقابة «من خاف سلم»، كما يقولون، خاصة أنه لم يعد هناك حماية لهؤلاء الرقباء حتى بعد أن لجأت الرقيبة إلى المحكمة الادارية لتنصفها حصلت على حكم بتأييد الجزاء ومن بعدها ارتعشت يد الرقباء ومعهم كل العذر ولهذا يجب ألا يهتم الرقيب الجديد بتطوير القانون فقط الذى أتمنى أن يكون بعد حوار مجتمعى مع كل الفنانين والمثقفين، ويجب أن يبحث عن توفير حماية للرقباء وايجاد رقباء لديهم الثقافة الفنية اللازمة. الرقيب السابق الدكتور سيد خطاب يؤكد على تعاونه مع الرقيب الجديد الدكتور أحمد عواض ويقول: تحدثت مع صديقى أحمد عواض حول فكرة الغاء مرحلة الترخيص للتصوير، وهى تعديل يجب اتخاذه لأنه لم يعد التصوير جريمة، وكنا نفكر فى تعديلات أخرى وأنا شخصيا عملت على دراسة بعض القوانين فى إطار فلسفة خاصة بالرقابة بشكل عام، ويجب أن نعيد صياغة العلاقة بين المجتمع والفن والرقابة على جميع المستويات، وأنت فى حاجة إلى تقييم المسافات بين هذه الأطراف، كما أنك فى حاجة إلى فتح هامش كبير لسينما الشباب وسينما الديجتال والموبايل وغيرها، ولابد من أن تمنحهم الحرية بعد أن تغيرت المفاهيم كلها وأنت أمام مرحلة يعاد فيها صياغة المجتمع مع التطور التكنولوجى الرقمى ولابد من اعادة صياغة انماط الانتاج والتوزيع وهو ما يعنى أنك اذا ألغيت المرحلة الاولى من الحصول على إذن بالتصوير، بأنك موافق على كل الافلام ولا يتبقى أمامك سوى مرحلة التصنيف العمرى، وهى مسئولية على المنتج يجب أن يتحملها، وعلى الرقابة ان يكون لها فلسفة جديدة حتى يثق المجتمع فى رأيك وكل هذا يجب ان يتم وفقا لحوار مجتمعى كامل. ويضيف خطاب عن مستوى الرقباء: يجب ألا ندفن رءوسنا فى الرمال فالرقباء فى نهاية الأمر مجموعة من الموظفين فى وزارة الثقافة وهم فى وضع لا يحسدون عليه، وهم يطبقون القانون فى النهاية، وهم أفضل من غيرهم لكنهم فى حاجة إلى أشخاص آخرين معهم فى لجانهم من علماء اجتماع وعلم نفس لأن الرقباء لا يستطيعون أن يقولوا رأيهم وهم مطالبون بمدى ملاءمة الفيلم مع القانون، والحقيقة أننى فى الدراسة التى كتبتها بعنوان الرقابة فى عصر العولمة قلت إنه يجب أن تتغير المنظومة كلها وهى مؤسسة يجب اعادة صياغتها، وأعتقد أنه هذا وقت تغييرها وللعلم يمكن الاستفادة منها فى أمور شتى أقربها أنها مؤسسة توثيقية يمكن الاستفادة من كونها أول مكان يشهد ميلاد العملية الابداعية.