أمام شاشة التليفزيون أربع سيدات يستمعن إلى حديث المذيعة عن حقوق المرأة فى الدستور الجديد. «البنت أصلا عيب تتكلم»، قالتها نادية، 60 عاما، «دى الجملة اللى الأهالى كانوا دايما بيقولوها زمان». اليوم العالمى للفتاة، هو الاحتفال الدولى الذى أعلنته الأممالمتحدة فى الحادى عشر من شهر أكتوبر من كل عام، لدعم الأولويات الأساسية من أجل حماية حقوق الفتيات فى مجالات مثل الحق فى التعليم، والتغذية، والحقوق القانونية، والرعاية الطبية، والحماية من التمييز والعنف، الحق فى العمل، والحق فى الزواج بعد القبول والقضاء على زواج الأطفال. سلوى، 28 عاما وإحدى السيدات الأربع، ترى أن البنت فى مصر محرومة من حاجات كتير، أولها الاحترام فى الشارع. «كنت سايقة العربية فى وسط البلد ورايحة الشغل، فوجئت برجل ملتحى يطاردنى بسيارته، وبعدين كسر علىّ وقال: أستغفر الله العظيم إيه اللى منزلكوا من بيتكوا». البنت فى نظر صديقتها الحاجة ميار، «لازم تسمع كلام أهلها لأنهم بيفهموا أكتر». وتشرح للثلاثة الآخرين: «ماينفعش تخرج الا لما يعرفوا هى فين ومع مين، وفى الدراسة كمان يتدخلوا ويرشدوها للصح، ولما تيجى تتجوز بيختاروا معها العريس، دى اللى بتقولوا عليه تسلط، لما كبرت قلت انه الصح». تتدخل سمر، الشابة الصحفية، «دى مشكلة الستات ان ما عندهمش ثقة فى نفسهم، يعنى احنا معظم العاملين فى الصحافة سيدات، لكن مافيش قيادات صحفية، دايما الثقة فى الطباخ، والطبيب، والمدير الراجل مش الست». تحكى سمر حادثا تعرضت له، «كنت سايقة وسائق تاكسى خبط العربية من ورا، فلما زعقت تدخل سائق آخر وقلى عيب تزعقى فى واحد راجل». نفس الرد سمعته قبل ذلك سمر فى طابور الشهر العقارى، «اعترضت على رجل تخطى الواقفين فى الطابور، بدل ما الناس تتدافع ترد عيب تكلمى راجل كدا». سلوى أعلنت موافقتها على ما تقوله سمر واشتركت فى هاشتاج على موقع توتير باسم «كلام بيتقال لاى بنت فى مصر». الجمل والحكايات تعددت على الهاشتاج وغلبت عليها حكايات التحرش، فكتبت احدى المشتركات، «عارف يعنى إيه البنت دايما خايفه تركب مواصلة، أو تمشى فى الشارع حد يتحرش بيها؟» وتساءلت صاحبة حساب ريم اشرف، «ليه يعنى يبقى ذنب البنت فى مصر إنها بنت مش ولد». بينما كانت تقرأ سلوى التعليقات على الأسرة، قالت سمر: «نفس مبدأ إيه اللى وداها هناك، دايما البنت غلطانة». وتكمل سلوى التعليقات. منة موسى تقول إن أكثر جملة تسمعها هى: «انا هلغى النت ده قريب عشان تعملوا حاجة مفيدة». اسئلة لا تنتهى دايما تسمعها البنات، كان تعليق سلوى على تدوينة وضعتها على صفحتها فى الفيسبوك، «لو البنت ما تجوزتش تبقى عانس، ولو اتجوزت ها حملت والا لسه؟، ولو أنجبت بنت ربنا يرزقك بالولد، ولو أنجبت ولد يارب تخاويه، ولو اتطلقت اكيد فيها عيب، ولو ترملت وشها نحس، ولو فكرت تتجوز تانى ما عندهاش حيا و لا خشا، ولو قعدت من غير جواز يبقى اكيد بتعمل حاجة بطالة». العادات والتقاليد التى تعيشها البنت المصرية يندرج تحتها كما تشرح د. أمانى الطويل الخبيرة بمركز الدارسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، «ختان الإناث، الزواج المبكر، العمل فى سن الطفولة، عدم ضمان الحق فى التعليم». كلمات دائما تسمعها الفتاة، «اخوك الولد، اخوك الكبير»، لأن الفتاة تعيش فى مجتمع ذكورى كما تشرح د.أمانى. التغير الملموس فى تلك الثقافة لن يحدث كما تقول د.أمانى، «إلا بالاهتمام بالتعليم، وتغير التشريعات لضمان حقوق المواطنة والمساواة». وتضيف د.أمانى، «يجب ألا ننسى أن العقود الأخيرة حدث تأويل للإسلام، وتم التركيز على نوع الفتاة كأنثى وتم تجاهل أدوارها الأخرى». أخيرا تتوقف سلوى عند الجملة التى ضحك الجميع أمامها بسخرية، «خدتى ايه م العلام؟ فى الآخر هتروحى بيت جوزك».