شاهدت برنامج «هنا العاصمة» للإعلامية اللامعة لميس الحديدى مع الدكتور أحمد هيكل. ولفت نظرى ما قاله عن أن كفاءة توليد الكهرباء والفاقد فى شبكة النقل يمكن أن يتحسن بنسبة تزيد على 15%. لو صحت هذه النسبة وأظنها صحيحة فهذا معناه أيضا أننا يمكننا توفير حوالى 7٫5 مليون طن منتجات بترولية وذلك مع المحافظة على الطاقة المولدة حاليا ثابتة (حوالى 23 جيجاوات منها 2٫5 جيجاوات من السد العالى وخزان أسوان). ومع افتراض سعر عالمى متوسط للغاز والمازوت حوالى 500 دولار للطن فإننا يمكننا توفير حوالى 4 مليارات دولار سنويا من العملة الصعبة. وقد سألت بعض خبراء الكهرباء عن حجم الاستثمارات اللازمة لرفع كفاءة الشبكة فأكدوا لى أن الرقم حوالى 10 مليارات دولار لمرة واحدة. وذلك عن طريق استبدال حوالى 11 ميجاوات من محطات الدورة العادية (conventional) إلى محطات جديدة تعمل بالدورة المركبة (combined cycle). فمحطات أسيوط القديمة والوليدية وغرب القاهرة وأبوقير وأبوسلطان وطلخا... إلخ يجب أن تُستبدل بمحطات جديدة من نوع الدورة المركبة. كما أن الفاقد فى خطوط النقل البالغ حاليا حوالى 13 % ممكن تخفيضه إلى أقل من 5% باستثمارات لا تزيد على 400 مليون دولار. إذا نصرف 10 مليارات دولار لمرة واحدة ونوفر 4 مليارات دولار سنويا. لو صحت هذه الأرقام فإننا أمام مشكلة تركناها لأعوام وأعوام. ويجب ألا نلوم مسئولى الكهرباء الحاليين فهم فى دوامات متتالية لتوفير الكهرباء وللأمانة ليس ذنبهم أنهم ساروا فى نفس المنظومة التى وضعت أسسها منذ عشرات السنين. النظام عندنا يعاقبنا على «التغيير» فلماذا إذا نغيرأو نجدد؟ أسهل قرار يتخذه أى مسئول هو اللاقرار. هل حوسب أحد بسبب قرار لم يتخذه فى حينه؟ إن وظيفة وزير المالية هى تحديد أوجه الصرف من الموازنة العامة للدولة وذلك فى ضوء مجموعة من المحددات المالية والاستثمارية والاجتماعية. ولوزير المالية اقتراح لزيادة الإيرادات عن طريق فرض ضرائب جديدة. لا أعتقد سيادة وزير المالية أن لديك استثمارات تحقق مثل هذا العائد وبالتالى فالأولوية الأولى فى الموازنة يجب أن تكون الاستثمار فى تحديث شبكة الكهرباء كما أن ذلك يقلل من عجز الموازنة عن طريق تخفيض الدعم. أتخيل أيضا أن هذا الكلام لحن جميل على مسامع السيد محافظ البنك المركزى فذلك معناه أيضا أن كمية الطاقة المستوردة سوف تقل مما يضع عبئا أقل على ميزان المدفوعات. ويمكن للقطاع الخاص أن يقوم بهذه الاستثمارات بدون أعباء على الدولة. لماذا لم نرَ هذه المشكلة من قبل؟ لم نرها وهنا أتفق مع الدكتور أحمد هيكل لأنها «مستخبية» بدعم يقدم من الحكومة لوزارة الكهرباء. فشركات الكهرباء تشترى الغاز بسعر2 دولار للمليون وحدة حرارية بينما السعر العالمى هو 12 دولارا للمليون وحدة حرارية للغاز و18 دولارا للمليون وحدة حرارية للمازوت. فإذا كانت مدخلاتك أقل من 15 % من السعر العالمى فإنك بالتأكيد سوف «تربح» فإذا كنا نربح فلماذا نرشد؟ أتفق مع الدكتور أحمد هيكل.. لعن الله كلمة «الدعم» الذى يُقدم من أصول الدولة مباشرة. فهذا ما جعلنا لا نرى أولويات الصرف وبالتالى جعلنا نرمى فى البحر 4 مليارات دولار سنويا ولا نصرفها على التعليم والصحة. مصر فعلا تستطيع أن تكون «قد الدنيا» ولكن وضع أولويات صرف صحيحة من الموازنة العامة للدولة هو جزء من الحل.