يبدو أن أكثر ما تخشاه إسرائيل الآن هو أن يتكرر بين إيرانوالولاياتالمتحدة السيناريو الذى حدث بين هذه الأخيرة وكوريا الشمالية قبل عدة سنوات. ومعروف أن الزعيم السابق لكوريا الشمالية توصل مع الإدارة الأمريكية إلى اتفاق يقضى بوقف برنامج بلاده النووى فى مقابل الحصول على مساعدات اقتصادية، لكنه فعل العكس تماما حيث استمر فى تطوير البرنامج النووى وقام بإجراء تجارب أمام سمع العالم كله وبصره. بناء على ذلك، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ينوى أن يحذر الرئيس الأمريكى باراك أوباما من مغبة الوقوع فى شرك ما يسميه مصيدة العسل التى نصبها له الرئيس الإيرانى الجديد حسن روحانى. غير أن نتنياهو قد يجد نفسه معزولا فى هذه المعركة نظرا إلى النجاح الذى أحرزه الرئيس الإيرانى فيما يتعلق بإقناع الرأى العام العالمى بجدية نياته ولا سيما فى ضوء عدم وجود أى رغبة لدى العالم فى اندلاع حرب أخرى فى منطقة الشرق الأوسط. ولا بُد من القول إن إسرائيل لم تُفاجأ بالتقارب الحاصل بين إيرانوالولاياتالمتحدة لأنها كانت على علم بوجود اتصالات سرية بين الدولتين منذ عدة أشهر، وأن هذه الاتصالات ستصبح علنية فى إطار الدورة السنوية للجمعية العامة فى الأممالمتحدة. وقال مصدر سياسى أمريكى رفيع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن هذه الاتصالات تتناول جميع الموضوعات العالقة بين الجانبين. على صعيد آخر، يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن الرئيس أوباما وإدارته باتا مقتنعين بأن المفاوضات مع دول مثل إيران وسوريا لا يمكن أن تحقق النتائج المرجوة إلا إذا كانت مقرونة بتهديد عسكرى ذى صدقية. وهذا ما أكده نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن حين أعلن أن القوات الأمريكية جاهزة لأى سيناريو، لكن واشنطن تفضل فى الوقت الحالى أن تمنح الفرصة للمسار الدبلوماسى. فى المقابل، فإن السبب الرئيسى الذى دفع بإيران نحو المفاوضات والمسار الدبلوماسى يعود إلى رغبتها فى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها والتى أدت إلى تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. وقالت مصادر مطلعة فى واشنطن إنه فى حال نجاح المفاوضات بين الولاياتالمتحدةوإيران، ثمة احتمال بأن يتم التوصل إلى اتفاق بينهما فى ربيع العام 2014 . وبالنسبة إلى إسرائيل، فإن نتنياهو لا يملك فى الوقت الحالى سوى أن يكرر أن كبح البرنامج النووى الإيرانى مرهون بتلبية نظام طهران الشروط التالية: أولا، وقف عمليات تخصيب اليورانيوم بصورة تامة؛ ثانيا، إخراج اليورانيوم المخصب من الأراضى الإيرانية؛ ثالثا، إغلاق المفاعل النووى فى قم؛ رابعا، وقف إنتاج مادة البلوتونيوم. ومع ذلك، هناك قضية واحدة يمكن القول إنه لا يوجد خلاف بشأنها بين إسرائيل والولاياتالمتحدة، وهى كبح أى محاولة تهدف إلى إجبار إسرائيل على الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووى. وفى هذه القضية يمكن لإسرائيل أن تعتمد على واشنطن، على الأقل فى المستقبل المنظور.
محلل سياسى يديعوت أحرونوت» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية