أصدرت محكمة مدنية في غزة تابعة لحكومة حماس، قراراً بالإعدام شنقا على أحد الأشخاص بتهمة قتله أحد أقربائه الذي كان يعمل ضابطا في حكومة حماس. كما أصدرت المحكمة التي عقدت جلستها الختامية الثلاثاء، قرارا آخر بتخفيف حكم صادر على أحد المتهمين، وببراءة متهم ثالث في القضية ذاتها، لعدم كفاية الأدلة. وكان القتيل، ويدعى محمد الأشرم، وعمره 28 عاما، يعمل وكيلا للنيابة العسكرية في غزة، وقد لقي حتفه إثر خلاف مالي نشب بينه وبين بعض أقاربه في ديسمبر/كانون الأول 2010، وأدى إلى مقتله بعيار ناري في رأسه. ووجه رئيس المحكمة القاضي ضياء المدهون تهمة القتل العمد للمتهم فتحي الأشرم، بعد أن استمعت المحكمة إلى مرافعة وكيل النيابة، الذي قال: "إن الشريعة الإسلامية علمتنا أن جزاء القاتل في يوم القيامة هو العذاب في النار، أما جزاء القاتل في الدنيا فهو القصاص العادل". وقال إن "النيابة العامة وجدت أن شابا بريئا أزهقت روحه بكل استهتار ودون مبالاة، وترك زوجة أرملة وأطفالا أيتاما ووالدين حرما من ابنهما، بالإضافة لمحاولة إزهاق روحين لشخصين آخرين دون ذنب، وهما والد وشقيق المغدور به". وطالب وكيل النيابة بإنزال أقصى العقوبة بالشخص المدان والإعدام شنقاً حتى الموت بالتهمة الموجهة إليه. مساعدة السلطات المصرية وقال القاضي ضياء المدهون لبي بي سي، "إن السلطات المصرية ساعدتنا في عملية البحث الجنائي في مختبراتها وإثبات ثبوت التهمة على القاتل"، مؤكدا أن إجراءات المحاكمة كانت قانونية ووفقا للقانون الجزائي الفلسطيني". وتثير أحكام الإعدام التي تصدرها محاكم غزة، غضب مؤسسات دولية وحقوقية فلسطينية ودولية، فالقانون الفلسطيني ينص على أن أحكام الإعدام تحتاج إلى تصديق الرئيس الفلسطيني شخصيا عليها قبل تنفيذها، ويجعل هذا من تنفيذ تلك الأحكام في غزة أمرا مخالفا للقانون من وجهة نظر مؤسسات حقوق الإنسان. وكانت محكمة عسكرية في غزة قد أصدرت الشهر الماضي حكما بإعدام أحد الأشخاص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، كما نفذ حكم بالإعدام في يوليو/تموز الماضي على فلسطينيين اثنين بعد توجيه تهم لهما تتعلق بالتجسس لصالح إسرائيل أيضا. معارضة شديدة ودانت بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله حكم الإعدام الذي صدر عن المحكمة العسكرية في غزة بتاريخ 27 أغسطس/آب الماضي، وقالت في بيان لها إنها تعارض بشدة - وتحت كافة الظروف - استخدام عقوبة الإعدام. وقال البيان "إن الاتحاد الأوروبي يعتبر عقوبة الإعدام قاسية وغير إنسانية إذ تفشل في توفير رادع للسلوك الإجرامي وتمثل تجاهلا غير مقبول للكرامة والسلامة الإنسانية". وكانت مؤسسات حقوقية دولية، من بينها منظمة هيومان رايتس ووتش، قد أثارت في الشهرين الماضيين قضية أحد المعتقلين في غزة الذي أصدرت محكمة قرارا بإعدامه في جريمة ارتكبها عندما كان طفلا لم يتجاوز عمره الرابعة عشرة. وقالت هيومن رايتس ووتش، إن على سلطات حماس في غزة أن توقف التنفيذ المزمع لعقوبة الإعدام على سجين كان طفلا وقت ارتكابه جريمة يعاقب عليها بالإعدام. وينبغي على حماس فرض حظر فوري على عقوبة الإعدام، والتحرك نحو إلغاء صريح لها. وكان أبو عليان في الرابعة عشرة من العمر وقت ارتكاب تلك الجرائم. وقال محاميه لهيومن رايتس ووتش إن أبو عليان اعترف بجرائمه تحت وطأة التعذيب. وقال جو ستورك، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن فرض عقوبة الإعدام على جريمة ارتكبها طفل يجعل الإعدامات التي تتم بموجب نظام العدالة المسيء في غزة ينطوي على بشاعة خاصة. وإذا ما كانت السلطات تريد ردع المجرمين، فينبغي عليهم أن يتأكدوا أن الناس يدانون بسبب ما ارتكبوه وليس بناء على ما يتم تعذيبهم لأجل الاعتراف به". وقالت هيومن رايتس ووتش إنه لو كانت حكومة غزة ستنفذ حكم الإعدام على شخص كان عمره 14 عاما في وقت ارتكاب جريمته، فإنها بذلك لن تنتهك فقط قانونها الخاص، بل إنها ستنضم كذلك إلى حفنة صغيرة من الدول التي لا تزال تعدم الأطفال الجانحين. وهناك فقط أربع دول هي اليمن، والسودان، وإيران والمملكة العربية السعودية معروفة بتنفيذها لأحكام إعدام على أطفال جانحين خلال السنوات الخمس الأخيرة. تنفيذ علني القاتل قتل قريبه بعد خلاف مالي بينهما. وأثارت تصريحات كان قد أدلى بها إسماعيل جبر النائب العام في غزة، مخاوف من أن تقوم السلطات في غزة بتنفيذ أحكام إعدام في ساحات عامة وبشكل علني، وقد أدى هذا إلى موجة احتجاجات من قبل حقوقيين فلسطينيين. ولا يوجد اعتراف دولي بحكومة حماس التي تدير غزة كدولة، ولذلك فلا يمكنها التصديق على المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، غير أنها تعهدت مرارا وتكرارا بالتزام معايير حقوق الإنسان. وتحظر اتفاقية حقوق الطفل والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على وجه التحديد أحكام الإعدام على أي شخص دون سن ال18 عاما وقت ارتكاب جريمته. وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وهي منظمة فلسطينية رسمية، تراقب الانتهاكات من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وسلطات حماس في غزة، قد قدمت قائمة تتضمن 36 شخصا حكم عليهم بالإعدام في غزة من فبراير/شباط 2010 إلى يونيو/حزيران 2013. وقالت إن السلطات في غزة أعدمت ستة رجال على الأقل. وحكم على خمسة آخرين في محاكم عسكرية غيابيا. كما قتل سبعة رجال آخرين في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 (كانت صدرت عليهم أحكام بالإعدام) على يد مسلحين في شوارع غزة ولم يحاسبوا. كما أعدمت السلطات في غزة ثلاثة على الأقل من 12 رجلا حكم عليهم بالإعدام من قبل محاكم مدنية، ويتوقع أن تنظر محكمة في غزة بعد أيام قليلة في قضية أخرى يعتقد أن المتهم فيها سيلقى حكما آخر بالإعدام.