لم يكن أكثر المتشائمين من تولي جماعة الإخوان المسلمين حكم البلاد، عن طريق مرشحها في الانتخابات الرئاسية، الدكتور محمد مرسي، يتوقع أن ينتهي بها الحال بصدور حكم قضائي بحظرها مرة أخرى. وجاء حكم محكمة الأمور المستعجلة بعابدين، اليوم الاثنين، بحظر كافة أنشطة الجماعة وحل الجمعية التي تحمل اسمها ومصادرة كافة أموالها وممتلكاتها وحظر أي دعم، بمثابة الضربة القاضية للجماعة التي طالما حلمت على مدار 85 عاما منذ أن أنشأها حسن البنا في 22 مارس 1928 بالتربع على عرش مصر فترة من الزمان. ولا يُعد هذا الحكم هو الأول من نوعه الذي يصدر بحظر جماعة الإخوان، فمنذ نشأتها وحتى الآن وضعت الجماعة نفسها في العديد من المواجهات مع أنظمة الحكم المختلفة في مصر، بداية بالعهد الملكي حتى رحيلها عن السلطة في مصر، مرورًا بعهود الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك. حل الإخوان في عهد الملك في عام 1948، كانت مصر تعيش تحت الاحتلال البريطاني، وبموجب الأحكام العرفية التي كانت سارية، خاطبت السلطات الأمنية الحكومة لإصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين. وبالفعل بدأت الحكومة، برئاسة محمود باشا النقراشي في 8 ديسمبر 1948، بإصدار قرار بحل الجماعة ومصادرة جميع أموالها ومقراتها، وتم القبض على عدد من قياداتها، ووجهت لهم الاتهامات بالسعي لقلب نظام الحكم، ومن ثم قام أحد شباب الجماعة باغتيال النقراشي باشا، وأعقب ذلك العديد من الصدامات التي وصفها «الإخوان» بال«محنة». حادث المنشية والقرار الثاني لحل الجماعة ويُعد القرار الثاني لحل جماعة الإخوان المسلمين، هو الذي أصدره مجلس قيادة ثورة يوليو، في عام 1954، واعتبارها حزبا سياسيا يطبق عليه أمر مجلس قيادة الثورة الخاص بحل الأحزاب السياسية. وجاء ذلك القرار بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في حادثة المنشية بمحافظة الإسكندرية، واعتبرت الجماعة محظورة منذ ذلك التاريخ وحتى قيام ثورة 25 يناير 2011. الجماعة بعد 25 يناير وأول مرة وصلت الجماعة للحكم في يونيو 2012، حيث لجأت للتخفيف من حدة خطابها الديني لجذب أكثر عدد من المؤيدين المتخوفين من مسألة تشددهم في الأمور الدينية، وقد قوبل ذلك باستنكار شديد من أعضاء الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور، ولم تستطع «الإخوان» استرضاء كافة الأطراف السياسية في مصر بعد جلوسها على كرسي مصر، نظرًا لطبيعتها التي تعتمد على مبدأ السمع والطاعة، وهو ما رفضه الشعب المصري. وعمدت «الإخوان» للجوء لأسلوب المواجهة والاحتكاك المباشر ومعاداة الجميع، فصنعت عددا من الأزمات مع كافة أجهزة الدولة، من شرطة وجيش وقضاء، بالإضافة لعدم تمكنها من الوصول للمواطن المصري البسيط، الأمر الذي فاقم الأمور، وأدى إلى خروج ملايين المصريين في 30 يونيو الماضي، للمطالبة برحيلهم عن الحكم وهو ما تحقق باستجابة الجيش للمطالبة الشعبية ووضع حدًا لحكم الإخوان. وبدأت رحلة حظر الجماعة للمرة الثالثة في أوائل عام 2013، حينما طالب حزب التجمع في دعوى قضائية أقامها أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، مطالبا فيها بحظر جماعة الإخوان المسلمين، والتحفظ على كافة الأموال والعقارات المملوكة لها. ووضعت محكمة الأمور المستعجلة كلمة النهاية «لتلك المرحلة» من عمر الجماعة بقرار حظرها وحل الجمعية المنبثقة عنها ومصادرة أموالها، والبعض يتساءل الآن: "هل ستكون هذه النهاية الفعلية لوجود جماعة الإخوان المسلمين أم أنها ستواجه ذلك مثلما فعلت من قبل؟".