• لقد تخطى عدد القتلى فى الحرب الأهلية السورية منذ وقت طويل عدد القتلى الذين سقطوا طوال سنوات النزاع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولا تلوح نهاية فى الأفق لهذه المجزرة المتبادلة. وفى الواقع، فإن وحشية هذه الحرب ليس لها حدود ولا تعرف خطوطا حمراء، ولا يردعها رادع ولا تنطبق عليها قواعد المسموح والممنوع فى الحروب. • وصلت هذه الوحشية إلى ذروتها مع الجريمة الكيميائية التى وقعت شرقى مدينة دمشق قبيل نهاية الأسبوع الماضى، حيث تخطى عدد الضحايا الألف معظمهم من الأطفال، مما طرح عددا من التساؤلات: أين الأممالمتحدة، وأين العالم الحر، والغرب، والولاياتالمتحدة؟ • فى الحقيقة، فإن المسألة صعبة للغاية وتشكل معضلة شائكة. فإذا كان من غير الممكن القبول بوحشية الديكتاتور الأسد، فإنه لا يمكن التغاضى أيضا عن البديل عنه. فالائتلاف الذى يقاتل الأسد معقد جدا، وهو يشتمل على الكثير من العداوات والحروب الصغيرة فيما بين القوى التى يتكون منها. لكن العنصر المهيمن على هذا الائتلاف هو تنظيمات الجهاد العالمى التى تخوض جهادا سنيا ضد المجموعات الشيعية وبصورة خاصة العلويين. وليس من مصلحة العالم أن تسيطر القاعدة على السلطة فى سوريا. • إن الفارق بين طرفى الحرب الأهلية فى سوريا ليس بين طرف جيد وآخر شرير، وليس بين طرف يدعم الديمقراطية وآخر يدافع عن الديكتاتورية، أو طرف مناصر للسلام وآخر يدعو إلى الحرب. وإنما الفارق هو أن لدى طرف معين سلاحا كيميائيا فى حين ليس لدى الآخر حتى الآن مثل هذا السلاح. ويجب ألا ننسى أن الطرف الذى ليس لديه هذا السلاح هو الذى نجح فى 11 سبتمبر 2001 فى القيام بهجوم ارهابى هائل مستخدما السكاكين. • ليس من مصلحة العالم الحر أن يقع السلاح الكيميائى فى يد هذه التنظيمات، كما ليس من مصلحته أيضاَ اسقاط الأسد لأن أعداءه ليسوا أفضل منه. إن مصلحة العالم الحر هى فى عدم السماح باستخدام السلاح غير التقليدى فى الشرق الأوسط. لذا من دون التدخل بصورة كبيرة فى الحرب ومن دون مساعدة طرف ضد الطرف الآخر، على العالم الحر وفى طليعته الولاياتالمتحدة القيام بهجوم محدود من أجل تدمير مخازن السلاح الكيميائى فى سوريا. • وماذا علينا نحن أن نفعل؟ هل على إسرائيل التدخل فيما يحدث فى سوريا؟ بالتأكيد لا. فلا مصلحة لإسرائيل فى الحرب الدائرة بين أعدائها.