تجهز أجهزة الأمن بوزارة الداخلية بالتنسيق مع القوات المسلحة، مكانا آمنا لتنفيذ قرار الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، بفرض الإقامة الجبرية على الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لحين استدعائه لحضور جلسات محاكمته أمام محكمة الجنايات فى قضية قتل المتظاهرين، وقد تسلمت مصلحة السجون، صباح أمس، جميع الأوراق من النيابة العامة تمهيدا للإفراج عنه. وقد بدأت مصلحة السجون بإشراف اللواء مصطفى باز، مساعد وزير الداخلية، فى إنهاء أوراق مبارك وتم الكشف الطبى عليه صباحا لتحديد امكانية نقله بطائرة حربية أو سيارة طبية مجهزة، وأكد الأطباء فى تقريرهم الطبى أن مبارك بحالة صحية جيدة ويمكن نقله بالطائرة فى أى وقت بصحبة الفريق الطبى المخصص لعلاجه للاطمئنان عليه أثناء عملية نقله. ورافق مبارك خلال الساعات الماضية نجله جمال الذى ارتسمت الابتسامة على وجهه، وظل بصحبة الاطباء أثناء الكشف على والده، واكتفى مبارك بالرد على المهنئين له داخل السجن بالخروج بالإشارة بيديه، وابتسامته العريضة فقط وظل يردد كلمه «الحمد لله» بين الحين والآخر، وكانت استجابته للعلاج كبيرة جدا. واستيقظ مبارك صباح أمس، واصطحبه جمال فى الغرفة وسار بداخلها عدة مرات على كرسيه المتحرك تارة، وتارة على قدميه، حتى حضر الأطباء فى التاسعة صباحا وقد سمحت مصلحة السجون لنجله علاء بلقاء والده لمدة نصف الساعة قبل خروجه، ارتمى فيها على صدر والده وظل يبكى بصوت عالٍ، ثم تمت إعادة علاء لسجن ملحق المزرعة مرة اخرى فى الصباح. وقال مصدر أمنى إن مصلحة السجون تواصلت، صباح أمس، مع سوزان مبارك ومحمود الجمال للاستقرار على نقل مبارك بسرعة، وقد بحثوا جميعا نقله إلى عدة أماكن من بينها المركز الطبى العالمى أو شرم الشيخ، واستبعاد نقله إلى مستشفى المعادى العسكرى، بينما رأى الجمال نقله إلى فيللا بالتجمع الخامس، ولم يتم تحديد المكان حتى مثول الجريدة للطبع. من جانب آخر أكد قضاة أن الرئيس المخلوع مبارك، ليس مطلوبا أمام المحاكم الجنائية إلا فى قضية قتل المتظاهرين المعروفة إعلاميا بمحاكمة القرن، مشددين على أن القانون أوجب حضوره جلسات المحاكمة ودخوله قفص الاتهام، على أن يتولى الأمن مسئولية احضاره استنادا للقرار الصادر من الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، بصفته نائب رئيس الحاكم العسكرى. وقال المستشار عبد المنعم السحيمى، رئيس محكمة استئناف القاهرة، إن وضع مبارك تحت الإقامة الجبرية كان الحل الوحيد من الناحية السياسية والأمنية أيضا، وستكون وزارة الداخلية هى المسئولة والملزمة بنقله واحضاره جلسات محاكمته فى قضية قتل المتظاهرين التى تنعقد بقاعة المحاكمات بأكاديمية الشرطة، وأشار إلى أن قرار الإقامة الجبرية لمبارك مرتبط بحالة الطوارئ، وسينتهى بنهاية حالة الطوارئ. وأكد على وجوب حضور مبارك جلسات محاكمة القرن، مؤكدا أن القانون يلزم إدخاله قفص الاتهام قبل بدء كل جلسة، مضيفا أن من حق مبارك خلع الرداء الأبيض الخاص بزى الحبس الاحتياطى، وله أن يرتدى ما يشاء من ملابسه المدنية أثناء وجوده داخل القفص. واتفق مع ما سبق المستشار عبد الله أبوهاشم، رئيس محكمة جنايات القاهرة، مؤكدا أنه لا يجوز لمحامى مبارك الدفاع عنه فى قضية قتل المتظاهرين إلا فى حضوره ودخوله قفص الاتهام، وان تكون الشرطة هى المسئولة عن حضوره وتأمينه نظرا لمنصبه السابق ولوضعه تحت الإقامة الجبرية. وعن قضية القصور الرئاسية، المتهم فيها مبارك ونجلاه بالاستيلاء على 125.8 مليون جنيه من أموال ميزانية مؤسسة الرئاسة، قال المستشار أبو هاشم إنه قد صدر قرار من محكمة الجنايات فى 19 أغسطس الحالى بإخلاء سبيله فيها وإعادتها إلى النيابة العامة مرة أخرى لتحريك الدعوى الجنائية ضد متهمين جدد، مضيفا أن النيابة ملزمة بتنفيذ قرار المحكمة وإعداد قائمة جديدة بأدلة الثبوت بعد التحقيق مع المتهمين الجدد، ومن ثم إحالتها الى نفس المحكمة مرة أخرى، دون أن يكون للنيابة الحق فى حبس مبارك بأى وجه من الأوجه. من جانبه أكد مصدر قضائى أن القضية التى يحقق فيها جهاز الكسب غير المشروع منذ شهر إبريل لسنة 2011، والتى تتهم مبارك بتضخم ثروته والحصول على كسب غير مشروع دون حق، وصدر فيها قرار من محكمة الجنايات فى 20 يونيو الماضى بإخلاء سبيله على ذمتها، هى الآن فى انتظار تقرير لجنة الخبراء التى تفحص أموال مبارك وحجم ثروته، مرجحا أن القضية فى طريقها للحفظ لعدم توافر الركن المادى فيها. وعن قضية «هدايا الأهرام» المتهم فيها مبارك ونجلاه وعدد من رموز النظام السابق بتلقى هدايا باهظة الثمن من مؤسسة الأهرام الصحفية دون وجه حق، فكانت آخر القضايا التى صدر فيها قرار، أمس الأول، بإخلاء سبيل مبارك، وأكد المصدر أن هذه القضية هى الاخرى فى طريقها للحفظ، باستثناء يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، و4 من رؤساء مجلس إدارة مؤسسة الأهرام السابقين، لقيامهم بتسديد قيمة هذه الهدايا وإجراء التصالح مع نيابة الأموال العامة.