أعادت حادثة اعتراض صاروخ أُطلق من سيناء فى اتجاه مدينة إيلات إلى صدارة الاهتمام ما كانت تعرفه الأجهزة الأمنية منذ وقت، وهو أن التنظيمات الإرهابية فى سيناء وضعت هدفا لها هو تعكير حياة سكان إيلات ودفع السياح إلى مغادرتها. إن عملية الاعتراض الناجحة للصاروخ سمحت لسكان إيلات ولسياحها بنسيان الحادث والعودة بسرعة إلى وتيرة الحياة الطبيعية. وهذا أمر يبعث على التفاؤل، لأن الجمهور الإسرائيلى تغلب على الهلع بسهولة. كما أن عدم إقدام سائح واحد على حزم حقائبه والعودة إلى بلاده له أهمية كبيرة على صعيد صمود المدنيين، وذلك يعنى الانتصار على الإرهاب الذى يريد تعطيل وتيرة الحياة اليومية. من المحتمل ألا يحدث هذا فى حال تعرضت إيلات إلى هجوم متواصل وطويل (مثلما حدث فى الثمانينيات والتسيعينيات فى المستوطنات فى الشمال، وخلال العقد الماضى فى مدينة سديروت)، ولا سيما فى حال وقوع اصابات، فالسياح الإسرائيليون والأجانب يرغبون بعطلة هادئة من دون وجع رأس. يتعيّن على إسرائيل الدفاع عن وتيرة الحياة الطبيعية فى إيلات. ويمكن أن يحصل ذلك على الصعيد الدفاعى من خلال بطاريات القبة الحديدية التى ستدافع عن إيلات. لكن المشكلة هى على الصعيد الهجومى، فاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل تقلص هامش تحرك إسرائيل فى سيناء إلى حد كبير من أجل مواجهة المخاطر المتزايدة. إن الهجوم الذى نُسب إلى إسرائيل يوم الجمعة الماضية مرّ بسلام، لكن يمكننا افتراض أن مصر ما بعد مرسى لن تقبل بعمليات عسكرية إسرائيلية تجرى على أراضيها. من هنا فالحل هو فى الاستخبارات النوعية وفى التعاون المشترك. إن الجانب الإيجابى من الموضوع هو أن المصريين يبذلون جهدا استثنائيا فى حربهم ضد العناصر الإرهابية فى سيناء. بيد أن العنصر السلبى يتجلى فى قدرة المصريين المحدودة سواء على صعيد الوسائل أو على المستوى الاستخباراتى. وقد سمحت هذه الثغرة لتنظيم مثل «مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس»، الذى أطلق الصاروخ على إيلات، بالمبادرة والتخطيط لهجمات يمكن أن تؤدى إلى تدهور وتصعيد خطر. وفى ظل الفوضى التى تسود شبه جزيرة سيناء وتدفق العناصر الجهادية المتطرفة، وكميات السلاح الصاروخى الموجود هناك وغياب الحكم والسلطات المصرية، من الصعب أن نكون متفائلين حيال المستقبل. وفى تقدير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن محاولات الهجمات ستستمر وأن بعضها قد ينجح.