انتقد أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار، الموقف الأمريكى من الأزمة السياسية فى مصر ووصفه بالتخبط، واعتبر فى حواره مع «الشروق» أن أمريكا تعتمد على قراءات خاطئة للشرق الأوسط وترتكب نفس أخطاء دعمها للمجاهدين الأفغان التى أدت لانقلاب السحر على الساحر. • من الذى يحكم مصر بعد 30 يونيو؟ من يحكم مصر الآن مزيج من القوات المسلحة والرئاسة والحكومة، كل له دور مهم فى هذه المرحلة، خصوصا أن العملية تمت بأسلوب صحى، فالجيش لا يحكم وحده والرئاسة ليست وحدها، نحن فى مرحلة حرجة تحتاج إلى الجميع. • ما رأيك فى الرئيس المؤقت عدلى منصور خصوصا أنه قليل الظهور.. والبعض يعتبره بلا دور فاعل؟ دور عدلى منصور محدود فيما يخص القضايا السياسية الحالية، لكنى أعتقد أن له دورا قويا، لا نشعر به بسبب الأحداث الجارية، التى غطت على دوره القوى فى عملية تعديل الدستور، دور الرئيس المؤقت ينصب على هذا الأمر المهم. وبعد أن التقيت به فى مؤتمر العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، تأكد لى أنه شخص متزن ويتحمل المسئولية فى هذه المرحلة التاريخية التى دخل فيها قصر الرئاسة، أيضا هو شخص هادئ ولم ينفعل ضد أى سؤال وجه له رغم توجيه انتقادات حادة. • لماذا لم نشعر بنتائج لهذا الاجتماع؟ الاجتماع كان عنوانه العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وقلنا للرئيس إنه لا يمكن أن تتم، فى هذه الظروف، أى مصالحة ولا يجوز مناقشتها الآن لأن العدالة الانتقالية تعنى العمل بخطة لكى لا يتكرر ما حدث فى الماضى، والمصالحة تستلزم معرفة الحقيقة ومحاسبة المخطئ، وإلا ما الفرق بينهم وبين مبارك ورجاله، لماذا نحاسب مبارك فقط؟ وأكدنا فى الاجتماع أنه لا توجد عدالة انتقالية بدون أسس، وتزامن موعد الاجتماع مع دعوة الفريق السيسى للشعب لتفويضه فى محاربة الإرهاب المحتمل. • هل المقصود بحديثك اعتصامات الإخوان؟ نعم، فهى اعتصامات مسلحة، والقيادات تحرض على العنف، والتفويض هدفه فض هذه الاعتصامات التى تؤثر على حياة الناس والتصدى لأى اعتصام مسلح، ولقد رأينا ما حدث فى وقائع المنصة والحرس الجمهورى. • لكن التحرير أيضا به سلاح وتوجد صور تثبت ذلك؟ هذا غير صحيح، وإذا صح ذلك فلا يمكن مقارنة التحرير باعتصامات رابعة والنهضة التى تؤسس لدولة داخل الدولة، ولديهم من الجرأة تصدير دروع بشرية، والمتاجرة بدمائهم. • ولماذا تأخر فض الاعصام؟ الأمر يتعلق بالسياسة فقد اختيرت المساعى الدولية والدبلوماسية، حتى لا يقع لوم على أحد فى النهاية، لكن الشعب ثار ضد هذه التدخلات وعلى السماح بزيارة محمد مرسى وخيرت الشاطر، جماعة الإخوان ترفض الحوار مع أطراف داخلية، وسحمت بالحوار مع أطراف خارجية فقط. هم فى مرحلة صدمة وأدركوا الآن أن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه، لذا يحاولون التفاوض للحصول على أكبر مكاسب. • هل تصعيد الإخوان وقطع الطرق جزء من خطة التفاوض؟ لا، هذا استفزاز للجيش والشرطة حتى يحدث احتكاك ويسقط ضحايا ثم يصوروا الجثث ويتاجروا بها أمام العالم. • ما رأيك فى الموقف الأمريكى من 30 يونيو؟ هناك تخبط فى التصريحات الأمريكية، ما بين البيت الأبيض ووزير الخارجية والكونجرس الذى قرر الاستمرار فى مساعدة مصر ورفض توصيف 30 يونيو بأنه انقلاب، ثم يأتى عضو الكونجرس جون ماكين ليتحدث عما حدث انقلاب، من دون أن يدرس لماذا ثار الشعب على مرسى، كما لم يلتفت للقاءات آن باترسون بخيرت الشاطر، التى قالت عنه إنه متخذ القرار الحقيقى. أيديولوجية الجماعة التى أسقطها الشعب المصرى هى التى أرقت الأمريكان منذ 11 سبتمبر والتى تعاملوا معها بمنطلق أمنى فقط. أيضا هناك علامات استفهام على الموقف الأمريكى، والوقت سيثبت لنا طبيعة العلاقة بين أمريكا والإخوان، فمن الواضح أن الإدارة الأمريكية أردات نظاما إخوانيا فى مصر، والمشكلة أن السياسة الخارجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط تعتمد على قراءات خاطئة يثبت فشلها، مثل مساندتهم للمجاهدين فى أفغانستان، ثم انقلب السحر على الساحر فى سبتمبر 2011 وهم الآن يكررون الخطأ نفسه. • وماذا عن الموقف الأوروبى؟ الأوربيون أكثر اعتدالا، ولا توجد شبهات أو علامات استفهام حول علاقتهم بالإخوان، هم قلقون من وقوع عنف، يعيدنا للوراء مرة أخرى، كما أن أوروبا لم تمنح معونات لمصر فى عهد مرسى، لأنه ربط المعونة باحتواء المعارضة والاستقرار السياسى. • كيف نتعامل مع الأزمة السياسية والأمنية التى قد تنتج عن فض اعتصام الإخوان بالقوة؟ أثق أن الشرطة إذا ما قررت فض الاعتصام ستصدر كل الإنذارات الممكنة بإخلاء المكان، والميدان لن يفض بقوة المدرعات والدبابات، فتوجد أساليب قانونية معروفة لفض التجمعات، وهذا عكس ما فعله الإخوان عندما كانوا فى السلطة وأرادوا فض اعتصام الاتحادية، هم لم يأتوا بالشرطة بل فضوه عن طريق ميليشيات الجماعة ولم يستعينوا بالشرطة للتفاوض مع المعتصمين، لذا فضوا الاعتصام بطريقة بربرية. • ما رأيك فى أداء محمد البرداعى فى السلطة؟ البرادعى اتخذ خط المفاوضات واستنزاف جميع الطرق السلمية قبل فض الاعتصام، ومعظم هذه المفاوضات كان من خلال اتصالات خارجية، لاستهلاك كل السبل السلمية حتى لا يلومه التاريخ فيما بعد، وهذه الطريقة لم تجد استحسانا لدى المصريين، لأن تحركات البرادعى جاءت بعد تفويض السيسى للتعامل مع الإرهاب المحتمل، والناس تصورت أن الأمر سينتهى قريبا ثم فوجئت بزيارات خارجية. • هل تؤيد هذه السياسة؟ كنت سأؤيدها لو كانت هذه المحاولات تمت من خلال أطراف داخلية، لكن ما أزعجنى ازدياد التدخل الأجنبى، والصوت الخارجى صار هو الأعلى، لقد كنت أتمنى أن يكون الحوار مصريا خالصا. • ما أهم التعديلات التى اقترحتها جبهة الإنقاذ على لجنة العشرة لتعديل الدستور؟ أهم المقترحات عودة المادة الثانية من الدستور، كما كان متفق عليها فى دستور 1971، وتعديل المواد المرتبطة بحقوق الطفل والحقوق والحريات وإلغاء المادة 4 التى تشبه ولاية الفقيه، فالدستور المعطل كان به 36 مادة خلافية، واللجنة أعلنت عن تعديل 80 مادة وهذا يدل على أننا بصدد وضع دستور جديد. • هل تؤيد وضع قانون لعزل الإخوان مثلما حدث مع نظام مبارك؟ لا أظن أنه سيصدر قانون للعزل السياسى، لكن قانون حساب للمخطئ، أنا ضد استمرار جماعة الإخوان فى السياسية، ومع استمرار حزب الحرية والعدالة فقط، إذ لابد أن تسير الجماعة فى خط قانونى واضح، باعتبارها جمعية دينية، لا تتدخل فى السياسة وتخضع ميزانيتها لرقابة الدولة. • هل تتوقع أن يعود الإخوان للعمل السرى مرة أخرى؟ نعم سيعودون لكن بصورة مختلفة وسيعملون من تحت الأرض، وهنا يكمن دور الشعب المصرى والأحزاب التى يجب أن تتحرك فى كل محافظة وتتواصل مع الشعب المصرى. • ما هى أجندة جبهة الانقاذ فى الفترة القادمة؟ بقبولى منصب الأمين العام للجبهة وضعت 3 ملفات مهمة على أجندة الجبهة، الأول ملف الدستور ومقترحات الجبهة ومعايير اختيار لجنة الخمسين، والعمل من أجل دستور يليق بالمصريين، ثم الانتخابات وأسعى للاتفاق على خوض الجبهة للانتخابات بقائمة موحدة، ثم ملف الشباب والاهتمام بدورهم فى الفترة المقبلة. ودور الجبهة سينتهى بانتهاء الفترة الانتقالية، ولابد من خوض الانتخابات بقائمة موحدة فالاستهانة بعدم وجود الإسلام السياسى سذاجة سياسية، ولا بد من العمل كأن الإخوان موجودون، بهدف المحاولة للحصول على أكبر عدد من المقاعد وتشكيل هيئة برلمانية موحدة. • ما تقييمك لأداء حكومة حازم الببلاوى؟ الحكومة ورثت ميراث ثقيلا وهى محاطة بمشكلات جبارة وتتأثر بالمناخ العام، ودورها الآن إعادة السياحة والاستثمارات والأمن. • لكن ألا تعتقد أن فشل الحكومة الحالية يؤثر سلبا على أحزاب جبهة الإنقاذ؟ من المبكر الحكم الآن على أداء الحكومة، لكن إذا استطاعت تحقيق طفرة اقتصادية سريعة فسيرفع هذا من شأن جبهة الإنقاذ ويمثل نهاية حقيقة للإخوان المسلمين.