«مصر مبقتش بلد الأهرامات.. مصر بقت بلد الشائعات»، هكذا كتب عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن الحال عن الحال الذي وصلت إليه تلك المواقع بعد أن امتلأت بالشائعات عن الأوضاع والأحداث التي تمر بالبلاد حاليا. وخلال الأيام القليلة الماضية منذ اندلاع تظاهرات 30 يونيو التي أدت إلى استجابت القوات المسلحة لمطالب الملايين وقررت عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم، انتشرت العديد من الشائعات على صفحات ومواقع جميع الأطراف المؤيدة لمرسي والمعارضة له.
وتروى مروة زكي، إحدى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، معاناتها فى التأكد من الأخبار التي تشاركها أو تراها عند أصدقائها قبل نشرها، حتى لا تساعد في نشر أخبار خطأ، فتقول «إن قائمة أصدقائها تضم أشخاصا من مختلف الاتجاهات، إضافة إلى شخصيات عامة معروف عنها الوسطية والحياد، وحقوقيين».
وبالرغم من ذلك لا تكتفي مروة بنقل ما قاله أشخاص تثق فيهم عن خبر ما، بل تبحث عن مصادر الخبر على الإنترنت، وإذا كان أحد أصدقائها كان حاضرا للحدث تتصل به لتستمع إلى شهادته، مؤكدة أن الخبر الذي لا تستطيع التأكد منه لا تنشره على صفحتها، نظرا لانتشار الشائعات التى تصدقها وتنفعل على أساسها وتأخذ موقفا دون دليل، وذلك ما "يشعل الفتن وهو أبعد ما يكون عن العدل".
ربما كان ذلك السبب هو ما دفع بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى تدشين صفحات تعمل على تقصي مصداقية الأخبار التي تنتشر على هذه المواقع ويكون مشكوك في صحتها، مثل «مؤشر مصداقية الإعلام المصري»، وصفحة «ده بجد».
ويقول هاني بهجت أحد مديري صفحة «ده بجد» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، والتي تعمل على البحث والتقصي عن الأخبار والصور والفيديوهات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، «أن الصفحة تعمل من خلال الأخبار والمنشورات التي يرسلها لهم الأعضاء ويشكون في صحتها، أو على المنشورات التي يرونها منتشرة بشكل كبير لأن ذلك يعني أن عددا كبيرا من المستخدمين نشروها وتفاعلوا معها، إضافة إلى أن الموضوع الذي يبحثون خلفه يجب أن يكون مؤثرا ومهما».
ويبحث مديرو الصفحة الثمانية الذين يعملون في مجال تكنولوجيا المعلومات ولا يحملون انتماء أو توجها نحو فصيل سياسي معين، عن مصدر الصور والأخبار التي ترد إليهم، وعن تواريخ نشرها، وأصول الفيديوهات وإن كانت موجودة على مواقع إخبارية معروفة، أو إذا كان الخبر منقولا عن مصدر ما نعود إلى المصدر.
من جانبه، يعرف الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز الشائعات بأنه «نمط من أنماط الاتصال الذي يشيع في مجتمعات تتسم بالغموض أو هشاشة الأوضاع، كما تزدهر جدا في حالات الصراع والاستقطاب».
ويضيف عبد العزيز، أن «صناعة الشائعات لها خطا إنتاج، الأول هو الصناعة الشعبية المباشرة التي تحصل نتيجة لما يصنعه الخيال الشعبي أحيانا، أو نتيجة لبعض السمات الشخصية مثل المباهاة بالمعرفة والانتصار لوجهة نظر معينة، الخط الثاني هو ماكينات صنع الشائعات التابعة لأجهزة أو دول أو جماعات معينة، وهذا الخط هو الذي يتسم بالخطورة والاستدامة وله تأثير أعمق».
ويواصل عبد العزيز «في مصر أصبح لدينا رافد ثالث نتميز به في صنع الشائعات، وهو للأسف وسائل الإعلام النظامية التي أصبحت جزءا من صنع الإشاعة، لعدم التزامها بالحيادية والمهنية ودخول بعضها كطرف في الصراع السياسي الذي تشهده مصر الآن».
وينصح عبد العزيز المواطن العادي الذي يتعرض طوال الوقت لمحتوى يتضمن شائعات بالرجوع إلى مصدر الإشاعة، ووسيلة الإعلام الذي بثت المحتوى، ويسأل نفسه عن مدى مصداقيته وعن إعلانه عن هويته بوضوح، إضافة إلى أن النص لا بد أن يحتوي على مصدر، وإذا كان الكلام منقولا عن مصادر مُجهلة أو مكتوبا دون الإشارة إلى مصدر فهذا النص يحتمل الخطأ أكثر مما يحتمل الصواب.