بعد مرور ال100 يوم التى وعد الرئيس مرسى بحل أزمة الطاقة خلالها، وفى 13 مارس 2013، لقيت ربة منزل كانت تقف بشرفة بيتها، حتفها جراء رصاصة أصابتها، أثناء اشتباكات وقعت فى محافظة أسيوط بالأسلحة النارية نشبت بين أهالى من قرية بنى قرة، بمركز القوصية، وآخرين من قرية أم القصور، التابعة لمركز منفلوط إثر خلاف بين سائقين من كلتا القريتين على أولوية تزويد السيارات بالسولار، وكانت تلك السيدة هى أول ضحية لأزمة الوقود، والتى كثرت ضحاياها فى معارك مشابهة فيما بعد. وعلى عكس ما وعد الرئيس، استمرت أزمة السولار طوال العام كأطول أزمة تشهدها مصر عبر تاريخها، بحسب عضو شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية محمد عبدالفتاح، والذى يؤكد أن الحكومة حتى الآن تتخبط ولم تقدم حلولا حقيقية.
ويضيف عبدالفتاح أن الحكومة ظلت لشهور طويلة تبشر بأن نظام الكوبونات وتخصيص حصص محددة من الوقود سوف يقضى على الأزمة، ثم عادت وأعلنت فشل منظومة الكروت والعدول عنها لمنظومة الكروت الذكية، ونتوقع أن يكون مصير الكروت هو نفس مصير الكوبونات.
دخلت مصر بداية أول عام من حكم الرئيس المنتخب محمد مرسى، وهى تمتلك برنامجا نوويا لإنشاء 8 محطات نووية لإنتاج الطاقة للتغلب على أزمة الكهرباء، وانتهى العام بتسريبات للحكومة عن دراسة إنشاء محطات تعمل بالفحم.
ويقول الخبير النووى كبير المفتشين السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية إبراهيم العسيرى، إن الدكتور محمد مرسى وعد فى حوار تليفزيونى معه أثناء الحملة الانتخابية أن يكون المشروع النووى بالضبعة هو أول مشروع على أجندته عند تولى الرئاسة، وبالفعل أبدى اهتماما كبيرا به، وظهر ذلك جليا أثناء جولته فى مطروح وأثناء زيارته لروسيا.
ويضيف العسيرى، وخلال فترة ما قبل اتخاذ القرار ببدء تنفيذ المشروع دأبت هيئة المحطات النووية على رفع كفاءة الكوادر البشرية بمزيد من التدريب داخل البلاد وخارجها وتعميق التعاون الفنى مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، غير أن ما أعجب له هو الحديث الحالى والمتنامى نحو التخطيط للاعتماد على الطاقة الشمسية وعلى الفحم كبديل عن الطاقة النووية، وكذلك الحديث عن مشروع منخفض القطارة كبديل عن المشروع النووى بالضبعة.
ويتساءل العسيرى، لا أعلم هل هذا مجرد إسعافات أولية فى ظل أزمة الطاقة الحالية أم أنه سياسة الدولة؟، وبهذا الصدد أجد نفسى مضطرا للتأكيد على أن الطاقة الشمسية ومحطات الفحم ومشروع منخفض القطارة لا ولن تغنى عن المشروع النووى بالضبعة.
ويشير العسيرى إلى أن الصحف نشرت فى بداية حكم مرسى خبرا مؤداه أن الملف النووى أمام الرئيس بعد عودته من رحلته الخارجية الناجحة للصين وإيران.
وأكد العسيرى أن كل شهر تأخير فى تنفيذ المشروع النووى بالضبعة والمتمثل فى إنشاء 8 محطات نووية، والذى أهملته الحكومة تماما منذ عام، يتسبب فى خسارة شهرية أكثر من 800 مليون دولار، فقط بسبب فرق تكلفة الوقود النووى عن تكلفة الوقود البديل من الغاز أو البترول، مما يعنى خسارة تأخير سنوية نحو 10 مليارات دولار، وهو ما يعادل تقريبا تكلفة محطتين نوويتين، ويضيف مستنكرا: أما كفانا خسارة تزيد على 200 مليار دولار بسبب تأخير برنامج القوى النووى بأكمله لثلاثين عاما مضت؟
ويواصل العسيرى: إن الحكومة أفسدت استراتيجية إنتاج الكهرباء فى مصر، وخاصة أنه ليس لدينا وفرة من الغاز الطبيعى أو البترول، تستلزم الاعتماد المتزايد على الطاقة النووية، مدعومة بالتوسع فى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وعلى رأسها طاقة المساقط المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكذلك تستلزم هذه الاستراتيجية الحد التدريجى من الاعتماد على البترول والغاز الطبيعى فى إنتاج الكهرباء وفى تحلية المياه، وهذه الاستراتيجية لا يمكن أن تكون ألعوبة فى أيدٍ مرتعشة تغيرها وتبدل فيها تأثرا بأحداث محلية أو انقيادا لسياسات دول خارجية أو طبقا لأهواء أشخاص هنا أو هناك ليسوا متخصصين فى الطاقة النووية أو استراتيجيات إنتاج الطاقة.
وقال خبير الطاقة د. محمد منير مجاهد إن انقطاع التيار الكهربائى المتكرر فى مصر أشعل الاحتجاجات فى أماكن متفرقة فى الشوارع، ودفع الناس إلى الدعوة عبر مواقع الإنترنت إلى عدم دفع فواتير الكهرباء، وهو ما يعقد الأمور أكثر.
ويضيف مجاهد أن الحكومة اكتسبت عادة جديدة شبه يومية وهى الطلب من المواطنين خفض استهلاكهم للكهرباء، مؤكدا أن مصر مقبلة على مجاعة فى الطاقة، بسبب تناقص معدلات ضخ الوقود لمحطات الكهرباء، مقارنة بتزايد الاستهلاك السنوى.
وبحسب ما حصلت عليه «الشروق» من مستندات فإن إمدادات الغاز الطبيعى لن تتطور عما هى عليه حاليا خلال العام المقبل، وذلك بالتزامن مع تجميد البرنامج النووى المصرى بسبب عدم اتخاذ الدولة موقفا جديا، وهو ما يهدد مصر بدخول مرحلة مظلمة قد تمتد لسنوات، كما يعنى أن نصف البلاد سيقع تحت الظلام خلال هذا الصيف.
وكانت دراسات إنشاء وتنفيذ محطات نووية مصرية لإنتاج الكهرباء، والتى أجرتها الجهات المختصة بالتعاون مع جهات مختلفة بالدولة، قد أكدت أن مصر تحتاج لأكثر من 53 تريليون قدم مكعبة غاز طبيعى خلال 30 سنة فى حالة عدم بناء محطات نووية، وأن هذه الكميات الضخمة من الغاز الطبيعى تقترب من كميات احتياطات الغاز الطبيعى المؤكدة حتى الآن.
وبحسب المتحدث الرسمى بوزارة الكهرباء والطاقة أكثم أبوالعلا، فإن توقعات الحد الأقصى لاستهلاك الكهرباء خلال الصيف الحالى سوف تصل إلى 32 ألف ميجاوات، فى حين كشفت مصادر أن إمدادات الغاز الطبيعى لم تكفِ تشغيل محطات الكهرباء خلال الشتاء المنقضى، ولم يصل الحمل الأقصى خلال الفصل إلى أكثر من 22 ألف ميجاوات.
ومع استمرار عجز إمدادات الغاز الطبيعى بنفس المعدلات، فالمنتظر أن يكون العجز فى الصيف المقبل نحو 10 آلاف ميجاوات، يضاف إليها20% انخفاضا طبيعيا فى قدرات محطات التوليد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وسوف تكون النتيجة عجزا كليا يصل لنحو نصف احتياجات مصر من الكهرباء طوال الصيف.
وقال خطاب مرسل من الرئيس السابق للشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» التابعة لوزارة البترول، المهندس محمد شعيب، إلى رئيس الشركة القابضة للكهرباء، المهندس جابر دسوقى، فى 4/9/ 2012، إن هناك انخفاضا طبيعيا فى معدلات إنتاج الحقول يصل لنحو800 مليون قدم مكعبة يوميا على مدى السنة، وهو ما مثل تحديا كبيرا لقطاع البترول، حيث لجأ إلى حث الشركات على ضخ استثمارات كبيرة تصل لحوالى 8 مليارات دولار سنويا لتعويض هذا التناقص باكتشافات جديدة وتنمية الحقول ووضعها على الإنتاج، وأكد الخطاب أن إمدادات الغاز الطبيعى سوف تستمر بنفس معدلاتها الحالية للسنوات الخمس المقبلة.
فيما أكد خبير البترول والطاقة د. رمضان أبو العلا أن استهلاك مصر من الوقود خاصة السولار شهد زيادة كبيرة فى حين انخفض النمو الاقتصادى وذلك على عكس كل القواعد الاقتصادية والتى تؤكد أن تزايد استهلاك الطاقة يقابله تزايد فى معدلات النمو.
وأضاف أبو العلا: «كنا نستهلك 11 مليون طن سولار سنويا، وخلال العام المالى الماضى استهلكنا 14 مليون طن كلفونا 5 مليارات دولار، وكان هناك نهج منظم لاستهلاك تلك الزيادة خارج الحدود المصرية، فى غزة وكان سعر البنزين فى غزة 3 شيكلات وفى إسرائيل والضفة الغربية 8 شيكلات بحسب وكيل وزارة خارجية حماس فى قناة العربية.
ووصف أبو العلا أن ما قدمته جماعة الإخوان وحزبها ورئيسها كان «عشوائية شديدة» ولم يكن برنامجا محدد الخطوات والتنفيذ.
وأضاف أبو العلا أن الحكومة تسعى لفرض إجراءات تقشفية على المواطن من خلال زيادة أسعار المنتجات البترولية، وتستهدف توفير ما يقرب من 25٪ من المخصصات الحالية، وتبلغ 113٫2 مليار جنيه، كما انتهت الحكومة من إعداد المقترحات الجديدة لأسعار الطاقة.
وعد الدكتور محمد مرسى أثناء حملته الانتخابية لرئاسة الجمهورية بحل 5 مشكلات رئيسية يعانى منها الشعب المصرى خلال ال 100 يوم الأولى من الرئاسة وكانت مشكلة الطاقة إحدى المشكلات ال5، وفى البرنامج الانتخابى لمرسى المكتوب والمعلن للشعب المصرى، جاء ذكر قضية الطاقة فى محور الاقتصاد الوطنى، مؤكدا أنه سيكون هناك اتجاه نحو خفض معدلات الفاقد من الطاقة وتنفيذ عدد من مشروعات الريادة المحلية من ضمنها مشروع مدينة الطاقة وصناعة الخلايا الشمسية فى مزرعة الخلايا الشمسية بمحافظة الوادى الجديد.
ومن ضمن المشاريع التى سيتم تنفيذها وفقا للبرنامج، مشروع وادى التكنولوجيا، ومن أهم الأنشطة التى سيتم تفعيلها فيه صناعة الطاقة، والطاقة المتجددة، وترشيد الطاقة.