قالوا له اسمك رقم 2 على قائمة اغتيالات الجماعة الإسلامية، فتساءل: "في ماذا قصرت حتى لا أكون رقم واحد؟"، هكذا أجاب فرج فودة، الذي استشهد أمام مكتبه في مدينة نصر، في التاسع من يونيو قبل 21 عامًا، بعد أن أطلق عليه الرصاص من قبل أفراد تنتمي لجماعة الجهاد المتطرفة. وأثناء محاكمة قاتلة، سئل: "لماذا اغتلت فرج فودة؟"، فقال: "لأنه كافر"، فلما سئل من أي من كتبه قرأتها؟، فعرفت أنه كافر. فقال القاتل: "أنا لم أقرأ كتبه، فأنا لا أقرأ ولا أكتب!".
سمر فودة.. أبي فضّل مصر علينا
«هو بالنسبة لي مثل الشمس أو النور، فأنا أشعر أني ملكة، وعلى رأسي تاج اسمه فرج فودة»، بهذه الكلمات وصفته ابنته في حوارها الخاص ل«بوابة الشروق».
وأضافت سمر: "كلما مر الوقت أشتاق له أكثر، وأتمنى لو كان إلي جواري في كل لحظات حياتي، على الرغم من أني حين كنت صغيرة كنت أشعر بالغضب وألومه في داخلي، لو كان يحبنا أكثر كان من الممكن أن لا يحدث ذلك، وكنت أشعر أنه فضّل مصر والمصريين علينا، لكن الآن وبمنتهى الفخر أتمنى لو يصبح كل المصريين أولاد فرج فودة، على الأقل لن يكون هناك ذلك الانغلاق والعقم الفكري الموجود حاليًا في عقول الكثير من الناس".
ولم لا فالأب المفكر لم يكن يتجاهل آراء ابنته الصغيرة، التي فارقها قبل أن تتم عامها ال16؛ حيث تتذكر سمر والدها وهو يطالبها بقراءة مقاله قبل أن تنام كل ليلة، وإبداء رأيها فيه، الأمر الذي أثر في حياتها وتكوينها الفكري والثقافي واللغوي والتنوير، إضافة إلى الكتب التي كان يختارها لتشكل وعي ابنته، والتي جعلتها صدمة مقتله تتوقف عن القراءة منذ الحادث، ولم تعد إليها إلى أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير.
سمر التي تعمل كمسئولة عن الهيئة البرلمانية في حزب "المصريين الأحرار"، ترى "أنه لو كان فرج فودة يعيش بيننا الآن لأصبح رئيسًا للجمهورية، أو على الأقل لم نكن وصلنا لما وصلنا إليه"، وذلك لأنها ترى أننا نعاني من ندرة في القادة السياسيين، "الأمر الذي يسبب حالة تخبط كبيرة في الشارع المصري، فنحن أمضينا فترة طويلة للغاية دون أن نقرأ، بالإضافة إلى أن الشعب المصري به نسبة أمية عالية، ومع ذلك فمن حق هذا القطاع التصويت في الانتخابات، وللأسف بدون أن يقرأ أو يكتب، مما يجعل عملية التأثير على هذه العقول سهلة للغاية".
سمر فودة في حديثها لبوابة الشروق - تصوير : مصطفي أحمد المخرج من الدائرة المفرغة
"لو كان والدي يعيش بينا الآن، لكنت سألته عن المخرج من الدائرة المفرغة التي تنبأ بها، وسقطنا فيها الآن"، فالدائرة المفرغة التي تكلم عنها فرج فودة في كتابة «قبل السقوط» "تبدأ دورتها في غياب المعارضة المدنية؛ ما سيؤدي إلى السلطة الدينية، ولن ينتزع هذه السلطة من مواقعها إلا الانقلاب العسكري، والذي يسلم الأمور بدوره إلي سلطة دينية جديدة، وهكذا، وأحياناً يختصر البعض الطريق فيضعون العمامة فوق الزى العسكري مثلما حدث في السودان"، وتضيف سمر: في إحدى المرات كتبت له "أعتقد يا أبي أنهم اختصروا الطريق، ولبسوا العمامة زيًا عسكريًا".
سمر فودة في حديثها لبوابة الشروق - تصوير : مصطفي أحمد سمر فودة تتمرد
"سأشارك في تظاهرات تمرد 30 يونيه، فحق الرفض مكفول للشعب كله بعد ما وصلنا إليه؛ المواطن العادي أصبح لا يجد الكهرباء ولا البنزين، وقريبًا لن يجد الطعام، وبالنسبة إلى السياسيين، فمن حقهم أن يعارضوا السياسة التي تُحكم بها البلد، والتي باتت تهدد مصر من الداخل ومن الخارج ".
وأضافت سمر: وقعت على استمارة «تمرد»، لأنني أرى أنه من حقنا أن نشعر بأننا نعيش في دولة.
سمر فودة في حديثها لبوابة الشروق - تصوير : مصطفي أحمد
البديل مجلس رئاسي مدني
ترى سمر أنه في حالة نجاح مظاهرات 30 يونيه، فأنسب حل هو تشكيل مجلس رئاسي لا يقل عن 3 أفراد، على أن يكون أحد أعضائه من الجيش لفترة انتقالية محددة حتى تستقر الأمور، مع وجود حكومة وطنية متخصصة.
"تصوري للأشخاص الذين يتولون المجلس الرئاسي، البرادعي أولا، وحمدين صباحي، وقائد القوات المسلحة، سواء كان السيسي أو غيره، إضافة إلي شخص يختاره القضاة بأنفسهم حتى يتحقق القانون في الدولة، لأننا نحتاج أن نكون دولة قانون".