فى الحياة يحصدون سنوات أطول، وفى المساعدات يحصلون على الأكثر. ويبقى الأضعف من الفقراء بعيدين عن أعين الحكومات حتى ولو استهدفتهم. الخبراء اختلفوا حول دور التمويل وحول نظام الدعم النقدى المشروط، والحكومة تركز على المشروعات الصغيرة. «النمو لن يسقط على سكان جاردن سيتى والتجمع الخامس مثلهم مثل سكان البلانة والصعيد» هكذا يرى محمود محيى الدين وزير الاستثمار أن النمو لن يتوزع على الجميع بشكل تلقائى، ولكن الأمر يحتاج إلى سياسات لتوزيع ثمار التنمية بشكل متوازن» تبعا لمحيى الدين، الذى كان يتحدث أمام مؤتمر «السياسات الاجتماعية المتكاملة»، الذى نظمته وزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائى، وأنهى أعماله أمس. الوزير قال إن الحكومة هى «المساعد الأول للفقراء حيث خصصت 170 مليار جنيه فى الموازنة الحالية للصرف على بنود الإنفاق الاجتماعى، وهو ما يمثل 17% من الناتج القومى». حسب الوزير. ولكن ما يخرج الناس من الفقر حقا، بحسب محيى الدين، هو سياسات الاستثمار والنمو والتشغيل، وهى نفس السياسات، التى خفضت نسبة الفقر فى ماليزيا من 20% إلى 3% بعد تطبيقها لهذا البرنامج، «ووصل بعدها عدد من هم تحت خط الفقر فى سنغافورة إلى صفر%»، على حد قوله. الأقوى من الفقراء يحصد أكثر وترصد هانيا شلقامى الأستاذ بمركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية عددا من التغيرات، التى استوجبت التفكير فى نظام التحويلات النقدية «تغيرات ديمجرافية تتعلق بظهور عدد كبير من العشوائيات فى المناطق الحضرية. إلى جانب تغييرات لحقت بخريطة الريف، إلى جانب تراجع فرص العمل، كل ذلك دفع الحكومة إلى البدء فى التفكير فى هذا النظام، ولكن على نطاق تجريبى فى عين الصيرة» حسب هانيا. كانت وزارة التضامن قد انتهت من الخطوات التحضيرية لبرنامج الدعم الحكومى الجديد «التحويلات النقدية المشروطة»، لتطبيقه فى منطقة عين الصيرة، على 301 أسرة تم اختيارهم لإدراجهم فى البرنامج. وتبعا لهذا البرنامج، فإن وزارة التضامن ستعطى كل واحدة من الأسر الفقيرة المدرجة 200 جنيه شهريا. بالإضافة إلى 40 جنيها لكل طفل من أطفال الأسرة كمنحة دراسية، وهو المبلغ المقرر فى قانون الطفل المصرى. ويستمر هذا الدعم المالى لمدة عامين، وهى مدة تعاقد البرنامج، قد يتجدد بعدها الدعم لمدة عامين آخرين. كما أنه تم الإعلان عن دراسة توسيعه ل40 قرية فى الصعيد خلال العام المقبل. ولكن لماذا نفرض الشروط على الفقراء قبل مساعدتهم؟ تسأل شلقامى، وتجيب «الشروط بمثابة العقد الاجتماعى بين الدولة والأسرة، بحيث نضمن استخداما أفضل للأموال، وهذه الشروط تجعلنا نستطيع أن نبرر لدافعى الضرائب، لماذا نقتطع جزءا من ضرائبه لهؤلاء الناس، بالإضافة إلى أن وضع الشروط يلزم الباحث الاجتماعى بتقييم هذه المساعدات»، تضيف شلقامى. وكشفت شلقامى أن «الأكثر احتياجا لا يستفيدون من الخدمات، وأن الأقوى من الفقراء من هم أكثر دخلا هم الذين يستطيعون الحصول على الخدمات بسبب قدرتهم على الوصول إلى الأوراق وتقديمها للأجهزة، وما زالت الحكومة هى من يوفر القدر الأكبر من المساعدات للفقراء بنسبة 30% مما يصل إليهم من مساعدات، و3% من المجتمع المدنى، وكل ما يصل لهم لايسد سوى 70% من احتياجاتهم» على حد قولها. بينما يختلف جاى ستاندنج مدير برنامج الضمان الاجتماعى فى منظمة العمل الدولية السابق مع ذلك مؤكدا أنه يجب الحد من المشروطية فى منح المساعدات الاجتماعية وهناك تجارب متعددة فى دول أمريكا اللاتينية لا يعتمدون فيها نظام الشروط الاجتماعية قبل منح المساعدات، تبعا لجاى الحل الحكومى خلافى أيضا وتحضر الحكومة حاليا مشروع جديد لتمويل المشروعات متناهية الصغر بجميع أشكالها، وكذلك سيتم تحديد الوضع القانونى للشركات ذات الشخص الواحد، «وهى غير منظمة فى القوانين الحالية، وذلك فى إطار قانون الشركات الموحد الذى تم الانتهاء منه وستعقد ورشة عمل لدراسته مع مجتمع الأعمال»، أضاف محيى الدين. ويقل الرأسمال المصدر ل70% من الشركات فى مصر عن مليون جنيه، و90% منها عن 10 مليون جنيه، وتمثل هذه الشركات 80% من الناتج المحلى بحسب الحكومة. وأشار محيى الدين إلى دراسة أعدتها الجامعة الأمريكية مع البنك الدولى على عينة من 1156 شركة «تبين أن 28% من الشركات تعانى من مشكلات فى التمويل، وهذا يعد تحسنا لأن هذه النسبة كانت 35% قبل 3 سنوات»، على حد قول الوزير. بينما ترى منى ذوالفقار رئيس مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر أن التمويل هو أهم تحدٍ أمام تحقيق أهداف السياسات الاجتماعية، وحماية الطبقة المتوسطة من الوقوع فى دائرة الفقر، تعتبر عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، على العكس من ذلك. أن «حزم التمويل لم يكن لها أثر فعال على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، كما أن التمويل لا يعد العنصر الأساسى لنجاح هذه المشروعات، والدليل أنه لم يكن هناك فرق فى مستوى التشغيل وخلق فرص العمل لدى هذه المشروعات بين من حصل منها على تمويل من مصادر رسمية، وبين الذين حصلوا على تمويل من مصادر خاصة بهم مثل المدخرات أو العمل فى الدول العربية أو الاقتراض من الأقارب» تقول المهدى. وفى دراسة عن أوضاع المشروعات الصغيرة فى مصر، والتى وصل عددها إلى 3.5 مليون مشروع منهم مليون مشروع خارج المنشأة، وذلك خلال الفترة ما بين عامى 1988و2006 تقول عميدة الكلية إنه تبين أن «10% فقط هم الذين حصلوا على تمويل رسمى. وأن التمويل لم يسهم فى زيادة التشغيل، ولكن كان فى معظمه يسهم فى زيادة الكثافة الرأسمالية، و80% من المشروعات غير رسمى، وبالتالى لا يستطيع أن يحصل على تمويل، وهناك 700 ألف مشروع ليس لديه ورقة رسمية واحدة»، تضيف المهدى.