اللواء نصر موسى يتذكر لحظات النكسة: درست 50 ساعة طيران    نصر موسى يكشف مفاجآة: كانت هناك ضربة جوية ثانية في حرب أكتوبر وتم إلغاؤها    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    تعليم الجيزة تعلن موعد التدريب التأهيلي لمسابقة 30 ألف معلم الذين لم يحضروا    اتحاد عمال مصر: قانون العمل الجديد يحدد ضوابط إنهاء الخدمة ويحمي الحقوق    رسميا.. الموعد النهائي لبدء إجازة نصف العام بالجامعات    ستاندرد آند بورز تعلن أسباب الإبقاء على نظرة مستقبلية إيجابية لمصر    شعبة السيارات: زيادة البنزين ليست عاملا لتحريك أسعار المركبات وننتظر قرارات بشأن الاستيراد    موعد صرف الضمان الاجتماعي المطور لشهر نوفمبر 2024    إسكان النواب تكشف موعد إصدار قانون البناء الموحد الجديد    ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات السرفيس بمدينة الشيخ زايد    مات بطل| تعليق الإعلامي عمرو أديب على مشهد نهاية السنوار    جيش الاحتلال يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل    مجزرة جديدة في مخيم جباليا، أكثر من 100 شهيد وجريح في قصف إسرائيلي غير مسبوق    30 شهيدا بينهم 20 طفلا وامرأة في قصف مخيم جباليا في غزة    جميل عفيفي: تطابق وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    رسميا، السعودية تستضيف كأس السوبر الإسباني للمرة الخامسة    عاجل - مباراة النصر ضد الشباب: فوز صعب وتعزيز للموقع في دوري روشن السعودي    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    سليمان: فزنا بالسوبر الإفريقي "الأعلى" والآن ننزل للمحلي.. وطريق الأهلي أفضل ولكن    بطولة إفريقيا ل كرة اليد - موعد مباراة الأهلي ضد فلاورز البنيني في النهائي.. القناة الناقلة    طلال الهاشمى: المتحدة روجت للسوبر بشكل رائع وأشكرها على التعاون الكبير    هانى سعيد: بيراميدز أفضل نسبيا من الزمالك وعامل الجمهور "مؤثر"    موعد مباراة أرسنال ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    ضبط مسجل خطر بحوزته 10.2 كيلو حشيش بالشروق    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت 19 - 10 - 2024    إجراء تحليل مخدرات للسائق المتسبب في دهس شخصين بكورنيش حلوان    "الكهرباء كانت مفصولة".. غموض يكتنف حريق مخزن الخيش بالزقازيق -صور    حبس سائق تاكسي لسرقته هاتف محمول من سيدة ب قصر النيل    قرار هام من النيابة بشأن نصاب انتحل صفة محام شهير بالدقي    قرار عاجل من النيابة ضد المتهم بانتحال صفة محام في الدقي    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    مدحت العدل: هناك فرق بين الموهوب والموهوم.. وهذه مواصفات النجم    أخبار الفن| توقف حفل تامر حسني بسبب الإغماءات.. وفاة والدة مروى اللبنانية    الناس بتتزنق.. تامر حسني يوقف حفله ب سموحة بسبب حالات الإغماء    المخرجة شيرين عادل: مسلسل تيتا زوزو مكتوب بمصداقية ويناقش مشكلات حقيقية    برج القوس حظك اليوم السبت 19 أكتوبر 2024.. حافظ على صحتك    مقدم برنامج المراجعة النهائية: حلقة سنكافولا كانت فارقة وهنيدي انبسط منها    تكريم بدرية طلبة خلال حفل افتتاح الدورة 5 من مهرجان المسرح العربى    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    دعاء التوبة من ترك الصلاة.. كلمات مستحب ترديدها (فيديو)    رهاب الطيران..6 طرق للتغلب عليها    الصحة تنصح هؤلاء بضرورة تلقي تطعيم الإنفلونزا قبل الشتاء    أشرف عبد الغني: الرؤية العبقرية للرئيس السيسي حاضرة وقوية وتدرك المتغيرات    تطابق ال«DNA» لجثة مجهول مع شقيقه بعد 30 يومًا من العثور عليها بالتبين    ارتفاع سعر الحديد وتراجع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    القاهرة الإخبارية: حراك سياسي ومساعِِ لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان    باحثة سياسية: نتنياهو يستهدف 3 أمور في غزة.. أولها استسلام حماس    أسعار السمك والكابوريا بالأسواق اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    قفزة خيالية في أسعار الذهب اليوم السبت في مصر.. عيار 21 يسجل أرقاما غير مسبوقة    منها الإغماء المفاجئ.. حسام موافي يكشف علامات التهاب البنكرياس (فيديو)    باستخدام تقنية ثلاثية الأبعاد.. جراحة متطورة تعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة    الصحة: جراحة متطورة تعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    رواج سياحي واقتصادي.. مولد إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ يجتذب مئات المصريين والعرب (صور)    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نتعامل مع وزير متحرش؟
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 04 - 2013

لم أكن أتخيل يوما ما أن أكتب عن تحرش الوزراء فى مصر، ربما بحكم ذلك السياق القيمى الدعوى الذى أصبحنا نعيش فيه والذى يجبرنا ويدفعنا دفعا للتعامل مع كل القضايا المجتمعية والاقتصادية والثقافية بل والسياسية من منظور أخلاقى بحت، حتى كدنا نصدق بالفعل أن الأخلاق هى المفتاح السحرى لحل كل مشاكلنا على اختلاف مشاربها، فالقرض من الصندوق الدولى حرام تارة لأنه ربا فاحش، وحلال تارة لأن الضرورات تبيح المحظورات، والتحرش الجنسى فى الميادن والشوارع سببه أن الفتيات أصبحن على حل شعرهن مثيرات ومميلات للحملان الوديعة التى لم تعد تتحمل الضغوط، أما ارتفاع الأسعار وقلة الخدمات التى تقدمها الدولة فسببه جشع التجار وفساد الإدارات المحلية، أما ضعفنا أمام العدو، وفى قول آخر «الصديق» الإسرائيلى فسببه أننا نسينا كتاب الله وسنة رسوله (عليه الصلاة والسلام)، أما حل ذلك كله فيتمثل ببساطة فى أن نحارب «جبهة الخراب» ونتبع «جبهة الضمير» ونؤمن على ما يقوله ويفعله «الرئيس المؤمن» والذى أضحى من إنجازاته الصلاة فى المساجد بانتظام بحسب أحدهم!

●●●

ربما بسبب كل ما تقدم كدت على وشك الاقتناع أن معايير اختيار الوزراء والمسئولين هى معايير ربانية، تقوم على الصدق والإخلاص والطهارة كما حاول بعضهم أن يقنعونا، لكن تظل هناك مشكلة بسيطة! فأحد هؤلاء الأطهار المخلصين تحول من وزير للإعلام يهتم بتطهير الأخير من مثالبه ووضع ميثاق شرف له إلى متحرش بزميلاته من المذيعات والصحفيات، صحيح أن الرجل لم يتحرش حسيا بعد، ولكنه أصبح يجيد فن التحرش اللفظى، والأدهى أنه طور أساليبه فى المراوغة والدفاع عن هذا التحرش بتقمص دور القديس البرىء محولا الآخرين إلى ذئاب تتصيد كلامه «المبتور من سياقه» بسبب نياتها السيئة!

كاد الوزير المتحرش يقنعنى فى المرة الأولى، حينما وصف أسئلة إحدى المذيعات العربيات بأنها «ساخنة مثلها» فى تحرش جنسى فج بالسيدة، وقد بدأت حملة شديدة الغضب ضد الرجل، فإذا به يعتذر ويؤكد أنه لم يقصد أبدا الإساءة وقد أسىء فهمه! قالها بوجه ملائكى وبعبارات متواضعة فأقنعنى وكذبت نفسى وأذنى وقلت لعلها غلطة أو سقطة غير مقصودة! مرت على الحادثة شهور، وفيها أصبح الرجل متمرسا فى السياسة وعكست تصريحاته وآراؤه ثقة كبيرة فى النفس واطمئنانا مثيرا على المنصب، فأخذ يلقى بأسلحته الثقيلة فى وجه من لا يعجبه، فتارة يقول إنه يتمنى لو تأخونت وزارة الإعلام لأن فى ذلك إصلاحا لها، وتارة يعتدى حرسه على أحد المصورين لأنه لم يستأذن، وهو يصور الوزير التقى فى صلاته، فيبرر الرجل فعلة حرسه هكذا ببساطة، إلى أن سئل الرجل عن حرية الإعلام بواسطة صحفية مصرية فرد عليها بتحرش لفظى جديد ذكرنا بالقديم، وتأكدت وقتها أن تحرشه الأول لم يكن مجرد سقطة، ولكن يبدو أن ثقافة وزيرنا الجديد تدفعه دفعا للتحرش كلما أتيحت له الفرصة!

●●●

عندى هنا ثلاث ملاحظات على الفارق بين الحادثتين: الأولى، أنه وبينما جاء تحرشه الأول نخبويا على طريقة رجال الأعمال كما نراهم فى بعض الأفلام والمسلسلات، فإن تحرشه الثانى جاء سوقيا فجا ومعبرا عن ثقافة دونية بحتة! أما الثانية، هى أنه بينما سارع رجلنا المتحرش فى المرة الأولى إلى الاعتذار والتوضيح والتبرير، فإنه فى المرة الثانية اكتفى ليس فقط بالنفى واستغفال كل من شاهد الواقعة المشينة، بل إنه اتهم الآخرين بسوء النية والتصيد لكلماته البريئة! فالمشكلة إذن مشكلة ثقافتنا ونيتنا المنحطة وليس فى كلام الوزير البرىء! أما الثالثة، فهى أنه وبينما بهت وتلعثم وزيرنا المتحرش فى المرة الأولى حينما ردت المذيعة عليه سريعا بأن أسئلتها ساخنة وليست هى كما ألمح الوزير بفجاجة، فإنه فى واقعة التحرش اللفظى الثانية بدا واثقا من نفسه منتشيا بفعلته، حيث أدار وجه عن الصحفية الضحية وقد علت وجه ضحكة تعكس تجبر وعنجاهية وثقة تامة فى أن أحدا لن يحاسبه أو يتعقبه بسبب فعلته السوداء!

انتظرت أن أجد ردا رسميا يحفظ ماء وجه الحكومة أو الرئاسة فلم أجد! ورغم أنه فى حالات ممثالة وفى دول تعرف القانون وربما بمعايرنا لا تعرف الأخلاق (كإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا واليابان على سبيل المثال)، فإن إقالة الوزير أو إجباره على الاعتذار كأضعف الإيمان هى التصرف الطبيعى، فإن فى حالتنا المصرية حيث يسود السياق الأخلاقى القيمى ويدفع المواطن دفعا على تصديقه، فإن رئاستى الجمهورية والوزراء قررتا صم الأذن والتظاهر بأن شيئا لم يحدث، وهو إقرار ضمنى بالموافقة على فعلة الوزير وعلى اتهامه لنا بعدم نظافة النية فى مقابل نقائه الفطرى!

●●●

نعود للسؤال إذا، مادام أن الرئاسة والحكومة تتجاهل التحرش المتكرر للوزير بزملاء المهنة فكيف يرد المجتمع إذا؟! فى اعتقادى فإن هناك ثلاثة مستويات للرد على صاحبنا المتحرش:

أولها: أن تصر الضحية على المسالك القانونية فى تعقب المتحرش، وحسننا فعلت الصحفية المصرية المحترمة بالإصرار على حقها القانونى برفع دعوى قضائية على الوزير وعليها أن تذهب فى ذلك إلى أبعد الحدود حتى يقع، ومن هم على شاكلته تحت طائلة القانون والعقاب.

ثانيها: أن تساندها نقابة الصحفيين وكل الجهات المعنية بالأمر بما فيها أحزاب المعارضة بتصعيد الضغوط المجتمعية والسياسية على الحاكم لإقالة المتحرش أو اجباره على الاعتذار كحد أدنى، فالتحرش بصحفية لا يقل أبدا عن إغلاق قناة أو جر مذيع أو معارض لقاعات المحاكم! وفى ذلك قد تحتجب الصحف أو تصدر صدر صفحاتها سوداء وفى منتصفها صورة الوزير المتحرش أو غيرها من أساليب الضغط ولفت نظر المجتمع إلى خطورة ما يحدث.

أما ثالثها: فهو رد الفعل الشعبى والمجتمعى، وهنا فقد ابتدع الشباب والجماعات الحقوقية والمدنية المعنية بالأمر فى بعض الدول المذكورة عالية والتى شهدت حوادث مماثلة أساليب للفت النظر والضغط على المتحرش أو بلغتنا العامية «تجريسه»، منها تعليق صوره بأساليب كاريكاتورية ساخرة فى الميادين والشوارع الرئيسية، ومنها ما ابتعدته إحدى هذه الجمعيات فى الولايات المتحدة فى مواجهة تحرش مسئول محلى لم تستطع المحكمة توفير أدلة كافية لإدانته، فوضع الشباب صورته فى منتصف ميدان ودعوا المتعاطفين للتقىء والبصق عليها مما اضطره للاستقالة فى النهاية.



مدرس النظم السياسية المقارنة بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.