من أهم رجال الكنيسة البروتستانتية الإصلاحية (الإنجليكنية) فى أمريكا الدكتور القس ريتشارد لاند رئيس المؤتمر المعمدانى الجنوبى وممثل الانجليكيين أمام رؤساء الولاياتالمتحدة وأعضاء الكونجرس. ويرأس القس ريتشارد لاند «لجنة الأخلاق والحرية الدينية» فى مجمع الكنيسة المعمدانية الجنوبية التى يبلغ عدد أتباعها أكثر من 16 مليون شخص، ولديها أكثر من 42 ألف كنيسة عبر الولاياتالمتحدة. ولا يرى لاند، الذى تتمتع كنيسته نفوذ كبير لدى دوائر صنع القرار فى واشنطن خاصة الكونجرس، أنه لن يوجد صراع بين الإسلام والإنجليكنيين طالما أن هناك إيمانا بالتنوع السياسى والدينى، والسماح لكنيسة بالقيام بأنشطة خيرية وتعليمية وتبشيرية فى الدول الإسلامية. واعترف القس لاند خلال منتدى بوسطن ل»الشروق»، أن التعاليم الإنجيليكنية تشهد عملية إحياء حول العالم، والتبشير وزيادة عدد المنضمين لها يدل على ذلك. وأكد أن «التبشير بالمسيحية البروتستانتية هو أحد أهم مبادئنا وأهدافنا حول العالم». وذكر لاند أن الفهم البروتستانتى للسيد المسيح، ومركزية دوره ودور الروح القدس، هما أعمدة الحركة التبشيرية. ويدعو القس لاند مرتادى كنيسته الواقعة فى ولاية تينيسى بضرورة القيام شخصيا بأنشطة تبشيرية داخل وخارج الولاياتالمتحدة، وذكر لاند أن المئات الآلاف من النشطاء والإنجيليكنيين يقضون إجازاتهم السنوية خارج الولاياتالمتحدة مع عائلاتهم وأولادهم، وينخرطون فى أنشطة تبشيرية فى معظم دول العالم. وتحدث لاند تفصيلا عن أطباء ومدرسين ومحامين أمريكيين يذهبون للسنة الثالثة على التوالى لنفس الدولة ولنفس القرية أو المنطقة نفسها من أجل هذا الغرض. وقال «نريد أن يكون الجميع معنا فى الجنة» وعبر أحد المقربين من الكنيسة المصرية القبطية فى مدينة بوسطن، ورفض أن يذكر اسمه، عن وجود «انزعاج كبير داخل الكنيسة المصرية من الأنشطة التبشيرية للكنيسة الإنجيليكنية، لما لذلك من تأثير سلبى على عدد المنتمين للكنيسة المصرية، وللتأثير السلبى على علاقة المسلمين بالمسيحيين داخل مصر». ويؤكد لاند أنه «إذا لم تحدث أى مفاجآت كبيرة جدا، فإن مستقبل الحركة الإنجيليكنية سيتشكل خارج الولاياتالمتحدة». واستنادا إلى قيام المسيحيين الأمريكيين من البروتستانت بجهود وأنشطة تبشيرية حول العالم، يزداد عدد البروتستانت بنسب كثيرة للغاية فى شرق وجنوب آسيا، وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. وأكد لاند أن جذب الناس للكنائس والديانات المختلفة يتم فيه استعمال أحدث التكنولوجيات والتطبيقات الرياضية والإحصائية لخلق قواعد بيانات تشابه تلك التى تستعملها الشركات الخاصة من أجل الحفاظ على زبائنها، أو من أجل جذب المزيد. ويدخل فى هذا النطاق استخدام التليفزيون والراديو والإنترنت و الأفلام الوثائقية، وبرامج الجذب الأخرى مثل الرحلات والمعسكرات المختلفة. ويقوم إيمان الكنيسة الإنجيليكية على عقيدة مفادها أنه قبل نهاية العالم سيرجع المسيح، ويملك فى الأرض مدة ألف سنة مع المسيحيين المؤمنين، وبعد ذلك تنتهى الدنيا. ولكن المسيح، كما ترى هذه العقيدة، لا يرجع إلى الأرض قبل أن يرجع جميع اليهود إلى فلسطين. وقد أخذ أتباع هذه العقيدة بعض نبوءات العهد القديم وطبقوها على العصر الحاضر. فهناك، مثلا، نبوءة فى أحد الأسفار تقول: إن اللّه سيعيد اليهود إلى أرض الميعاد، أى إلى فلسطين، مؤكدا على أن «لديه إحصائيات تؤكد ثلاثة أرباع الإنجيليكنيين يؤيدون إسرائيل بصورة كبيرة جدا، وأن الرب وعد اليهود بالعودة للأراضى المقدسة، وها هو الوعد يتحقق! وعندما سألته «الشروق» عن قضية الولاء المزدوج، وإذا ما كان الإنجيليكنيون يقفون مع أمريكا ومصالحها الإستراتيجية، أم مع إسرائيل، إذا ما تناقضت المصالح؟، رد القس لاند بثقة شديدة «هذا شيء غير ممكن، وأعرف الكثيرين ممن لن يدعموا أمريكا إذا ما استعدت إسرائيل». وتحث لاند عن زيارة مؤخرة قام بها لإسرائيل ولقائه مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز الذى أكد له على ثلاثة حقائق كما ذكر أولا عدد اليهود يبلغ 6 ملايين نسمة، وعدد الفلسطينيين يبلغ 5.5 مليون نسمة، ثانيا إسرائيل ستبقى دولة يهودية، ثالثا إسرائيل ستبقى ديمقراطية. ويرى العديد من الخبراء أن الزيادة فى أعداد الإنجيليكنيين، والتى بلغت طبقا لبيانات مركز «بيانات العالم المسيحى» يرى أنهم يمثلون ربع أعداد المسيحيون حول العالم، بعدد يبلغ 500 مليون شخص حول العالم، سيكون لها تأثير إيجابى كبير على مستقبل إسرائيل. وبخلاف ال60 مليون أمريكى إنجيليكنى والذين يمثلون حجر الأساس فى تلقى إسرائيل الثابت للدعم الأمريكى، ستتلقى إسرائيل الدعم المستقبلى من دول مثل كوريا الجنوبية، والبرازيل وجنوب أفريقيا بسبب اتجاه نسبة كبيرة من السكان هذه الدول لتغيير الديانة وتبنى الايفانجاليكية. وكمثال يعكس التطورات الحادثة فى الحالة الدينية العالمية، تقع أكبر كنائس العالم توجد اليوم فى عاصمة كوريا الجنوبية مدينة «سول»، ويتم بناء كنيسة أكبر ستنافسها على لقب أكبر كنيسة فى العالم وتقع فى مدينة «ساوبولو» البرازيلية. وشكلت برامج لاند الإخبارية بوقا للتسويق لقرار الرئيس بوش بشن الحرب فى أفغانستان والعراق وحشد التأييد الشعبى لها ومنحها التبريرات الدينية. وخلال العام 2002 وجه لاند رسالة نيابة عن خمسة قساوسة ذوى نفوذ كبير، وتناقلتها وسائل الإعلام الأمريكية بشكل واسع يعتبر فيها أن شن الحرب الإستباقية ضد العراق حرب مشروعة لأنها تتوافر على جميع شروط «الحرب العادلة» المنصوص عليها فى الدين المسيحى. وقال فى الرسالة «إننا نؤمن بأن سياساتك المعلنة والمتعلقة بصدام حسين هى سياسات حذرة وتندرج فى الإطار الزمنى النزيهة الذى تنص عليه نظرية الحرب العادلة» اللوبى الأخلاقى فى واشنطن ويعتبر القس ريتشارد لاند أيضا من أبرز الزعماء الإنجيليكنيين المقربين من الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، والمدافعين الشرسين عن سياساته خلال ظهوره بشكل مستمر على البرامج التليفزيونية على شاشات MSNBC وCNN وABC وCBS وFox News وغيرها ولديه برنامجان إذاعيان يوميان وثالث أسبوعى تذاع جميعها على موجات عدد من الإذاعات المسيحية، بالإضافة إلى تسخير جميع تلك البرامج لحشد التأييد لسياسات التى تراها الكنيسة البروتستانتية أنها توافق مبادئها الدينية، مثل السياسات المحافظة وما يتعلق بقضية الإجهاض وزواج المثليين والأبحاث العلمية الخاصة بالخلايا الجذعية. ولا يقف نفوذ الإنجليكنيين على السياسية الخارجية فقط، فقد شكلوا تحالفا بين منظمات المجتمع المدنى المخلتفة وداخل الكونجرس على إدارة الرئيس بوش وحاليا على أوباما ضد عمليات الإجهاض وزواج المثليين. ويرى لاند أن جهوده وجهود آخرين نجحت فى خفض عدد عمليات الإجهاض داخل أمريكا من 1.6 مليون عملية خلال منتصف سبعينيات القرن الماضى لتبلغ 1.1 مليون عملية العام الماضى. وامتد نفوذ طائفة الإيفانجليكاليين إلى ساسة الولاياتالمتحدة بصورة كبيرة وصلت إلى درجة إيمان بعض من شغل قمة البيت الأبيض بمقولات الحركة والاعتراف بهذا علنيا. الرؤساء السابقون جيمى كارتر «ديمقراطى» ورونالد ريجان «جمهورى»، إضافة إلى «جورج بوش» كانوا من أكثر الرؤساء الأمريكيين إيمانا والتزاما بمبادئ هذه الطائفة.