يتوجه الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، يوم الأحد إلى موسكو، سعيا إلى إعادة ترتيب العلاقات بين بلاده وروسيا التى شهدت تدنيا ملحوظا فى الآونة الأخيرة، بسبب الخلاف حول جمهورية جورجيا، وتوسيع نطاق العضوية فى حلف شمال الأطلسى (الناتو)، وخطط نشر الدرع الصاروخية الأمريكية فى أوروبا الشرقية. ومن المرتقب أن يبحث أوباما مع نظيره الروسى، ديمترى ميدفيديف، غدا تقليص الأسلحة الاستراتيجية بين البلدين. وأكد نائب وزير الخارجية الروسى، سيرجى ريابكوف، فى مقابلة مع إذاعة «صدى موسكو» على تزايد فرص توقيع معاهدة جديدة بين البلدين قبل انتهاء فترة المعاهدة الحالية فى الخامس من ديسمبر 2009. وتتمسك روسيا بضرورة أن تتضمن المعاهدة الجديدة قيودا على عدد من الوسائل الاستراتيجية لنقل الأسلحة النووية، وحظرا على نشر الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والدفاعية خارج الحدود الوطنية لكلا البلدين. ووقع البلدان معاهدة «ستارت 1» فى عام 1991، لمدة 15 سنة، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا فى عام 1994، وتلزم الوثيقة كلا من موسكووواشنطن بتقليص الرءوس النووية إلى ستة آلاف، ووسائل حملها الاستراتيجية إلى 1600. وأجرى الجانبان ثلاث جولات من المشاورات بشأن الأسلحة الاستراتيجية فى موسكو وجنيف، فى سرية تامة، ولم يكشف عن تفاصيلها. كذلك سيتطرق أوباما إلى سبل تعاون البلدين فى مكافحة ما تعتبره الولاياتالمتحدة «إرهابا». وتخوض واشنطن حربا ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة فى أفغانستان منذ أكتوبر 2001، كما تقصف طائراتها بدون طيار من آن إلى آخر ما تقول إنها أهداف لمقاتلى طالبان والقاعدة داخل باكستان. وتعتبر إدارة أوباما مناطق القبائل على الحدود الباكستانية الأفغانية «الجبهة الرئيسية فى مكافحة الإرهاب». وفى بادرة حسن نيه تجاه سلف جورج بوش، وافقت روسيا على السماح للقوات والأسلحة الأمريكية بالتحليق فوق مجالها الجوى أثناء توجهها إلى أفغانستان. وأعلن الكرملين أن ميدفيديف وأوباما سيوقعان خلال قمتهما اتفاقا بهذا الشأن، إضافة إلى اتفاق على تخفيض الأسلحة النووية. وحتى الآن لا تسمح روسيا للجيش الأمريكى سوى باستخدام السكك الحديدية لنقل الإمدادات غير القتالية عبر أراضيها إلى أفغانستان. ويناقش أوباما أيضا فى موسكو سبل التعاون بين البلدين فى مجال الطاقة، ومكافحة التغير المناخى من خلال اعتماد تكنولوجيا جديدة فى مجال الطاقة. ويلقى خطابا عن العلاقات الروسية الأمريكية، وكيف تنظر القوى العظمى إلى القرن الجديد. وبحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية أمس فإن على أوباما تخفيف انتقاداته لروسيا بخصوص حقوق الإنسان، كى يحصل على دعمها فى ملفى إيرانوأفغانستان. لكن فى المقابل تطالب جماعات حقوقية روسية أوباما بفتح قضية اغتيال الصحفيين فى روسيا، مشيرة إلى مقتل 17 صحفيا منذ عام 2000. كما استبق رئيس الوزراء الروسى، فلاديمير بوتين، زيارة أوباما بدعوة واشنطن إلى عدم تنفيذ خطط نشر الدرع الصاروخية فى أوروبا الشرقية. وقال بوتين فى تصريح للصحفيين أمس الأول: إذا رأينا شركاءنا الأمريكيين يحجمون عن نشر تجمعات صاورخية جديدة وأنظمة دفاعية مضادة للصواريخ، أو يراجعون نهجهم فى توسيع الكتل العسكرية السياسية أو يحجمون عن التفكير على طريقة الكتل (توسيع الناتو).. فسيكون ذلك تحركا كبيرا للأمام». وتعارض روسيا بشدة خطط أمريكية لنشر بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ وأنظمة رصد بالرادار فى جمهورية التشيك وبولندا المجاورة؛ لرصد وإسقاط أى صواريخ معادية، مرددة أن فى الأمر تهديد لأمنها القومى. ويلتقى أوباما الرئيس السوفييتى السابق، ميخائيل جورباتشوف، الثلاثاء المقبل. وفى صباح اليوم التالى يتوجه إلى إيطاليا لحضور اجتماعات مجموعة الثمانى الصناعية الكبرى. وبعدها يزور قلعة على الساحل الغانى فى أفريقيا كانت تستخدم لشحن الرقيق إلى العالم الجديد، ويلقى خطابا يتطرق فيه إلى أهداف الديمقراطية والتنمية فى الدول النامية. وعن سبب اختياره غانا، قالت مستشارة البيت الأبيض لشئون أفريقيا، ميشيل غافين: إن غانا هى المكان الأمثل لزيارة الرئيس أوباما عقب اجتماعات مجموعة الثمانى، لأنها مثال على نظام الحكم الجيد فى القارة الأفريقية: «غانا مثال مثير للإعجاب، لأنه بلد ينتعش فيه الديمقراطية».