الإفتاء: لا توبة لسارق الكهرباء إلا برد الأموال حتى لو متوفى    "القومي للمرأة" يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد أحد شيوخ الطريقة التيجانية    50 كلية ومعهد هبط تنسيقهم ل 50% أدبي بتنسيق الجامعات 2024    هيئة الدواء: تقديم حزمة من الخدمات والحوافز لدعم الصناعة    إلقاء جثامين الشهداء من فوق المنازل، جريمة مروعة للاحتلال في بلدة قباطية (فيديو)    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها لوقف التهديدات بالشرق الأوسط    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    بيولي يعلق على توليه قيادة النصر السعودي ويرد على مخاوف الجماهير    شاهد مانشستر سيتي مهدد بالاستبعاد من كل بطولات الموسم سنة 2024 -2025    ارتفاع الحرارة ورياح وأتربة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الجمعة    انتداب المعمل الجنائي للتعرف على سبب حريق شقة في منشأة القناطر    فتح باب التقدم ب4 مدارس مصرية يابانية جديدة.. أين موقعها؟    بحضور نجوم الفن.. انطلاق حفل افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الغردقة لسينما الشباب (صور وفيديو)    القاهرة الإخبارية: الجيش الإسرائيلي سيزيد عدد هجماته على لبنان ثلاث مرات عن كل يوم    «زواج وعلاقات».. توافق برج القوس مع العقرب    إيرادات الأربعاء.." عاشق" الأول و"أهل الكهف" في المركز السابع    شيرين عبد الوهاب تنتهي من تسجيل آخر أغاني ألبومها    أمين الفتوى: لا توبة لسارق الكهرباء إلا برد الأموال حتى لو مات فالدين على الورثة    خالد الجندي يحكم المثل الشعبي "طلع من المولد بلا حمص"    خدمة إلكترونية جديدة لدعم توافر الأدوية بالصيدليات العامة    وديًا.. غزل المحلة يفوز على التحدي الليبي    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    استشهاد وإصابة 7 فلسطينيين جراء اقتحام قوات الاحتلال لجنين بالضفة    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    حكايات| شنوان.. تحارب البطالة ب «المطرقة والسكين»    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مباحث الدقي تكشف حيلة عاطل للاستيلاء على مبلغ مالي من مالك مطعم شهير    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    ساري مرشح لتدريب ميلان بدلًا من فونسيكا    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي ضمن احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    حبيبتي | مادونا | يرقة | نية | بين البينين تنافس بخمسة أفلام قصيرة بمهرجان طرابلس للأفلام بلبنان    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وطريقة الاستعلام    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد المركز التكنولوجي وأعمال تطوير ميدان الزراعيين    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    «المركزي» يصدر تعليمات جديدة للحوكمة والرقابة الداخلية في البنوك    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    "بيوصل خمور لأمها وعاشرها مرة برضاها".. مفاجأة في اعترافات مغتصب سودانية بالجيزة    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    تشكيل أتالانتا المتوقع لمباراة أرسنال في دوري أبطال أوروبا    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    فيديوجراف| نجوم في رحاب «صلاح التيجاني»    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جونتر جراس
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 04 - 2013

مجرد قصيدة، أدت إلى فزع إسرائيلى التى اهتزت، وفقدت أعصابها، وأخذت تطلق تهديدات وشتائم واتهامات. وزير الداخلية أصدر قرارا بحظر دخول الشاعر إلى البلاد، ونتنياهو نفسه، وصف الكاتب بأنه «فقد القدرة الأخلاقية المحكم فى الأمور». وامتدت الهجائيات إلى الصحف الإسرائيلية التى أعادت، كعادتها، الحديث عن «الهيلوكست»، ومحارق اليهود، وجريمة العداء للسامية، ووجدت الحملة من يؤازرها فى الدوائر الصهيونية بألمانيا التى طالبت بوضع الشاعر فى «مركز تأهيل تاريخى».

هياج إسرائيل، يرجع لعدة دوافع، لعل أهمها هو حجم كاتب القصيدة: جونتر جراس «84 عاما»، الروائى الكبير، الحاصل على الكثير من الجوائز العالمية، وعلى رأسها «نوبل 1999»، عن مجمل أعماله، خاصة روايته الشهيرة «الطبلة»، ذات الطابع الغرائبى المثير، التى تحولت إلى فيلم سينمائى حقيقى فولكر شلوندورف، وفاز بالجائزة الكبرى لمهرجان كان 1979، وعرض فى مراكز ثقافية داخل مصر، وأثار أيامها مناقشات مهمة، بين النقاد المصريين، بسبب رصد الفيلم، معتمدا على الرواية، لطبيعة الشخصية النازية المعادية للإنسان، وتعرض اليهود للاضطهاد.. وتجدر الإشارة إلى الدراسة المتميزة التى كتبها الناقد الكبير سمير فريد، عن الفيلم والرواية، والمنشورة فى كتابه «أدباء العالم والسينما»، من مطبوعات المجلس الأعلى للثقافة.

جونتر جراس، متعدد المواهب، الرسام، النحات، المسرحى، المعلق السياسى، الروائى، صاحب تجربة عريضة فى الحياة، اشتغل فى مهن شتى، وانخرط، مثل معظم الألمان، فى «أشبال هتلر» و«شبيبة هتلر»، وشارك فى الحرب، وجرح وأسرته القوات الأمريكية. القريبون منه يصفونه بأنه متوحد، متأمل، يتجنب العالم الخارجى.. وهو يرى أن القرن العشرين، وما تلاه، يستحق أن يوصف ب«عصر التهجير»، فإلى جانب جريمة تهجير الأرمن، ثمة تهجير اليهود والفلسطينين والباكستانيين والبنجلاديشيين، وغيرهم، الأمر الذى يجعل كل من يصمت عن هذا الظلم، متواطئا، ومذنبا.

موقف جونتر جراس المسئول، النبيل، كان لابد، بالضرورة، أن يغضب إسرائيل، ليس بسبب هذه القصيدة فحسب، بل بسبب بيع بلاده لغواصات، حاملة لصواريخ نووية لإسرائيل، وهو فى هذا يعتبر ألمانيا بمثابة «الوعاء النتن». وفى ديوانه «ذبابة مايو» الذى صدر مؤخرا، يشيد فى قصيدة «بطل من أيامنا» بالخبير الإسرائيلى، مردخاى مغنونو، الذى فضح البرنامج النووى لبلاده، والذى قضى «18 عاما» فى السجن، ومنع من مغادرة الحدود.

مغنونو، علق على القصيدة التى وصفته ب«النموذج الذى يحتذى» بأنه سعيد بانضمامه إلى جونتر جراس، وتمنى أن يطبق عليه القرار الصادر ضد جراس باعتباره شخصا غير مرغوب فيه بالبلاد.

أما عن القصيدة التى أثارت الزوبعة الأخيرة، فإنها بعنوان «ما ينبغى أن يقال»، وهى ذات مغزى سياسى واضح، فيها من التنديد بمقولات إسرائيل الشىء الكثير، ولا تخلو من نقد الذات، وتتضمن تحذيرات من احتمال اندلاع حرب عالمية إذا أقدمت الدولة العبرية على ضرب إيران بصواريخها النووية، ؟فعنده أن «المقهور المتنمر» يزعم أن له الحق فى توجيه الضربة الأولى، ذلك أن «الخوف يأخذ مكان الدليل».. ويدرك جراس أن «بلدى مرهون لعار لا يمكن التسامح فيه» إلا أن هذا لا يخول له «الصمت» وتحاشى مواجهة إسرائيل، وإلا سيكون، مع بلده، وكل من لم يعلن الحقيقة، مساهما «فى جريمة متوقعة».. ولا يفوت جراس أن يشير إلى أنه وقد أصبح «كبيرا فى السن»، فإنه يقول، «بآخر قطرة حبر: إن القوة النووية، إسرائيل، خطر على السلام العالمى، الهش بطبيعته».

«أوسكار»، اسم بطل «الطبلة» أو «الطبلة الصفيح»، توقف نموه، منذ كان طفلا، ضعيفا هشا، ولكنه أوتى قوة خارقة فى صوت صرخته التى يحتج بها على عالم الغدر الوحشى والخيانة الجبانة إبان صعود وتسيد النازية.. صوت الصرخة، مع إيقاع الطبلة، يحطم زجاج النظارات واللمات والنوافذ، ويسبب ذعرا وهلعا.. وتماما، مثل صوت صرخة «أوسكار»، يأتى صوت صرخة جونتر جراس، فى قصيدته المثيرة، المتمردة، الكاشفة، الواضحة، كما لو أنها صرخة فى وادٍ.. تذهب بشىء من الأوتاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.