لم يتبق لمحمد عمران من رغد الماضى سوى الوظيفة الميرى ومحصول النخيل، «فقد انخفضت نسبة السياح 40% عما كان قبل عامين». صباحا يؤدى عمران طقوس مهمته، يتحدث مع أصدقائه الإعلاميين لإنعاش السياحة الداخلية بالواحة، فهو مدير العلاقات العامة والإعلام فى مجلس المدينة، أما بعد الظهيرة فيرعى نخلاته.
قبل سنتين كان متوسط السياح لا يقل عن 20 ألف زائر، الآن وفى أحسن الأحوال لا يتجاوز العدد 8 آلاف سائح. وعندما اقتربت إجازة منتصف العام، حلم عمران بدخل محترم، ورحلات مع أفواج أجنبية، «بس ميدان التحرير وبور سعيد ولعوا، والسياح ألغوا الحجوزات».
الرجل يعطش «الجيم»، يضفى بعضا من لغته الأمازيغية، على اللهجة المصرية التى ينطقها بمهارة.
فى سيوة رمال شافية، وعيون مياه عذبة لم تجف منذ عصر الرومان «مثل عين الشمس»، وفيها أيضا آثار الأجداد، حيث معبدآمون، ويحكون أن مقبرة الإسكندر الأكبر توجد فى أرض الواحة.
البيوت طينية، مسقوفة بعروش النخيل، تمنح الزائر برودة لذيذة صيفا، ودفئا طبيعيا شتاء، وأهل الواحة يستخدمون الطاقة الشمسية. «ومن مميزاتها أيضا انها نقطة انطلاق لرحلات السفارى فى بحر الرمال العظيم»، كما يقول أحمد السيد، أحد عشاق سيوة، تعرف إليها فى السبعينيات، ولم يحتمل فراقها بعد ذلك، «زرتها أكتر من 40 مرة».
5 ساعات سفر، من عبدالمنعم رياض حيث العربات المكيفة حتى سيوة، «والطبيعة فى الطريق سحر»، يتحدث السيد عن متعة الطريق، ما بين خضرة وادى النطرون، وجنات الفيروز التى تبدأ من الساحل الشمالى حتى مطروح، ثم الصحارى الذهبية والوديان المفتوحة، «وكفاية بس ان الواحد ياخد نفس عميق من اكسجين نقى».
صناعات أهل الواحة بيئية، المشغولات اليدوية، وتمور، ومنتجات أشجار الزيتون المنتشرة فى الواحة، «كيلو زيت الزيتون الخام ومعصور طازة ثمنه 17 جنيه»، أحمد السيد يتحدث عن حياة طبيعية رخيصة فى الواحة، «500 جنيه تكفى الفرد لرحلة ممتازة لمدة 3 ايام».
موسم السياحة فى سيوة يبدأ من شهر أكتوبر وحتى منتصف ابريل، «بعد كدا الجو يبقى حر»، أما موسم السياحة العلاجية فيبدأ من شهر يوليو وحتى شهر سبتمبر، «ومعظمها تبقى سياحة عرب ومصريين»، والكلام لأحمد عمران الذى يضع أمله على الموسم القادم.
يتوقع عمران مزيدا من السياح هذا العام، خاصة مع قرب الانتهاء من رصف طريق سيوة - الواحات البحرية، وفقا لمعلوماته، أما النقلة الكبيرة التى يحلم بها سوف تصبح واقعا، لو المطار العسكرى اللى عندنا اشتغل».
عدد سكان الواحة 27 الف نسمة، يعتبرهم عمران أصحاب حظ طيب، «ما عندناش حد عاطل، احنا فى الأصل مزارعين»، يتحدث عمران عن ثروة النخيل، نصف مليون نخلة، تلك الثروة التى يتخلى عنها الرجل فقط يوم زفافه، «عندما يذبح العريس نخلة».
فى الواحة يستمر الفرح أسبوعا، «فى اليوم السابع تذهب الأم لابنتها، ويقدم لها العريس الجُمّار، وهو القلب الداخلى للنخلة، إذا قطعه ماتت النخلة»، يوضح عمران المغزى، «ان الرجل يضحى بأغلى مايملك، ليعطيه للمرأة التى قدمت له ابنتها».
عن ألبوم حكايات أهل سيوة التى لا تنتهى، كان ينقل عمران.