كتب جون ريد ودانيل بومبى مقالا بصحيفة الفايننشال تايمز الأمريكية عن أهم القرارات المتوقعة من حكومة نتنياهو الجديدة، سيكون عليها تحديد حجم احتياطات الغاز الطبيعى التى ستقوم بتصديرها، وحجم ما ستحتفظ به للاستخدام المحلى. ويضيف الكاتبان، مع صعود إسرائيل، كقوة إقليمية فى مجال الطاقة، ستكون المداولات بشأن هذا القرار موضع ترقب من خارج حدودها. وفى داخل إسرائيل، هناك اثنان من المستثمرين الرئيسيين فى هذا القطاع، يهيئان نفسيهما لتصدير الغاز، ربما عبر خطوط أنابيب مقترحة، يمكن أن تعيد تشكيل خريطة شرق البحر المتوسط، عبر تعميق العلاقات بين إسرائيل وتركيا وغيرها من دول المنطقة.
وفى الوقت الحالى، مازالت الجفوة بين إسرائيل وتركيا تمثل عقبة كئودا برزت مؤخرا عندما وصف رجب طيب أردوغان الصهيونية بأنها «جريمة ضد الإنسانية»، وهو تصريح أدانه نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكى جون كيرى.
غير أن أنصار تعزيز علاقات الطاقة يقولون إن التوترات بين البلدين، يمكن تجاوزها عبر المصالح الاقتصادية المتبادلة. وأعلنت شركتا نوبل إنيرجى وديليك إنيرجى عن مستهلكين محتملين، أمثال شركات الطاقة والمنتجات الكيماوية فى تركيا والأردن، التى تشهد إمداداتها من الغاز المصرى توقفا مؤخرا بسبب هجمات تخريبية فى سيناء.
وفى العام الماضى، تشكلت لجنة لتقديم المشورة للحكومة بشأن احتياطات الغاز، وهى من بين أضخم الاكتشافات فى من نوعها فى العالم وأوصت بأن تقوم إسرائيل بتصدير نحو 500 مليار متر مكعب من الغاز، وتحتفظ بنحو 450 مليار متر مكعب للاحتياجات المحلية.
●●●
ويرى الكاتبان أنه من المتوقع أن تشكل الحكومة سياستها لقطاع الطاقة، بناء على نتائج ذلك التقرير، الذى تم تقديمه إلى رئيس الوزراء، ووزير الطاقة فى العام الماضى.
وفى نفس الوقت، يبحث المفوض الإسرائيلى لمكافحة المنافسة، ضبط النفس بالنسبة لقضية تجارية مرفوعة ضد نوبل وديليك، بشأن سيطرتهما على أكبر حقلى غاز بحريين، تم اكتشافهما حتى الآن، ويمكن أن تؤدى هذه القضية إلى عرقلة خططهما الاستثمارية.
ويتوقع أحد المسئولين التنفيذيين فى شركات الطاقة فى إسرائيل أن يكون المردود كبيرا على الاقتصاد الإسرائيلى. حيث سيسهم حقل تامار أصغر حقلى انتاج الغاز الإسرائيلى بنحو نقطة مئوية فى المعدل المستهدف لنمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 3.8 فى المائة. وسوف يورد حقل ليفياتان أكبر اكتشافات الغاز خلال العقد الماضى، وهو يبلغ تقريبا مثلى حجم تامار ما يزيد عن احتياجات السوق الإسرائيلى الصغير.
وتبحث شركتا نوبل وديليك الآن طرق التصدير الممكنة، لتبرير الاستثمار الكبير المطلوب لنقل الغاز من الحقل إلى المستهلكين الإسرائيليين بحلول 2016.
●●●
وفيما يتعلق بخطوط الأنابيب، يرى مسئولون إسرائيليون وأتراك كبار أن تركيا السوق الوحيدة فى المنطقة المتسع بما يكفى لتصريف صادرات إسرائيل.
وقد اعترفت مؤخرا شركة زورلو هولدنج التركية النشطة فى قطاع الطاقة الإسرائيلى، أن قضية إقامة خط أنابيب مع إسرائيل «وردت» فى مناقشاتها، رغم أنها أضافت أنها لم تتخذ أى مبادرة رسمية. ولكن أى مشروع إسرائيلى تركى يحتاج إلى التغلب على مشكلتين ضخمتين حتى يستطيع أن يمضى قدما: الصدع السياسى العميق بين البلدين، ومسألة العثور على مسار ممكن التنفيذ لخط أنابيب فى منطقة تمزقها الخصومات الدبلوماسية.
وفى الأسبوع الماضى، قال تانر يلدز وزير الطاقة التركى، إنه قبل الشروع فى أى مشروع خط أنابيب، على إسرائيل تلبية مطالب أنقرة بشأن اقتحام سفينة مرمرة، التى كانت تحاول كسر الحصار المفروض على قطاع غزة عام 2010. حيث توفى تسعة مواطنين أتراك فى هجوم قوات الدفاع الإسرائيلية، على السفينة فى أعالى البحار.
وفى حين حددت أنقرة ثلاثة شروط: توجيه اعتذار، وتقديم تعويض، وإنهاء الحصار، ويرى بعض المسئولين الأتراك أن النقطة الرئيسية الآن هى الاعتذار، نظرا لأن التعويض بسيط نسبيا، وتتخذ إسرائيل بعض الخطوات لتخفيف عزلة غزة، بعد المواجهة العسكرية التى وقت العام الماضى.
وتقول تركيا إن القرار الأساسى يقع على عاتق الحكومة الائتلافية التى تشكلت بعد انتخابات الشهر الماضى. وفى السابق، كانت إسرائيل تمانع فى إصدار أكثر من مجرد بيان لإظهار الأسف.
وفى دلالة محتملة على التحرك الدبلوماسى، زودت إسرائيل تركيا هذا الشهر بمعدات العسكرية للمرة الأولى منذ جمدت تركيا العلاقات بين البلدين بسبب اقتحام السفينة مرمرة، وقدمت لها أجهزة إليكترونية للطائرة (أواكس). لكن مسئول تركيا قلل من أهمية الخطوة، بزعم أنها كانت بموجب التزامات تعاقدية.
●●●
وهناك سؤال آخر يتعلق بمسار خط الأنابيب، وهو إشكالية لأن إسرائيل لا تزال رسميا فى حالة حرب مع لبنان وسوريا، فى حين تركيا ليس لديها علاقات دبلوماسية مع قبرص، التى اكتشفت احتياطات غاز كبيرة لديها.
ويقول ماتيو بريزا، وهو سفير أمريكى سابق لدى أذربيجان «الخياران المطروحان لتسيير خط أنابيب من إسرائيل إلى تركيا، من الجروف القارية، سواء من قبرص أو من لبنان سوريا. ومن الواضح أن أيا منهما لن يكون سهلا من منظور سياسى. ولكن أى أنبوب إلى تركيا سيحقق فائدة من المنظور الاقتصادى بما فى ذلك أنابيب الغاز القبرصى أكثر من الغاز الطبيعى المسال أو من توصيل خط أنابيب إلى اليونان.