رئيس مجلس النواب: لم نتلق اعتراضات على قوائم تشكيل اللجان النوعية    رئيس جامعة سوهاج يشارك الأيتام بالألعاب الرياضية ضمن مبادرة بداية (صور)    16 صورة ترصد احتفال الأقصر بذكرى نصر أكتوبر    اليوم.."البحوث الإسلامية" يختتم فعاليات «أسبوع الدعوة» بلقاء حول الأخوة الإنسانية    سعر الكتكوت الأبيض يواصل قفزاته في الأسواق    رئيس العربية للتصنيع: اعتماد مصنع سيماف دوليا يزيد الاستثمارات    استقرار أسعار الأرز اليوم الأربعاء بالأسواق    وزير قطاع الأعمال العام يترأس الجمعية العامة للشركة القابضة للصناعات المعدنية    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    رويترز: اختطاف السفير الإسرائيلي في قبرص مع اثنين من مرافقيه    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    بفرمان من الخطيب، مهمة جديدة ل محمد رمضان مع الأهلي    قوة ناعمة جديدة    أيمن يونس: عمر جابر كان يستحق التواجد في منتخب مصر    الزمالك: نتمنى مواجهة ريال مدريد في لقاء سوبر أوروبي أفريقي    خناقة كولر ومحمد رمضان بسبب دكة الأهلي؟ (تفاصيل)    القبض على صاحب شركة تهرب من سداد مديونية مستحقة للدولة ب10 ملايين جنيه بالجيزة    «الداخلية» تواصل حملاتها لضبط الأسواق والتصدي للتلاعب بأسعار الخبز    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 7 عناصر أجنبية لقيامهم بغسل 120 مليون جنيه متحصلات الإتجار بالمخدرات    «الداخلية»: غلق كلي لشارع عزيز أباظة في الزمالك لمدة 10 أيام (التحويلات المرورية)    اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم إقليم أسيوط في الجبل الغربي    الليلة.. أوبريت «على أرض مصر» في افتتاح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    أوبريت «نعيش للأبد» يفتتح الدورة 40 من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي    عمل جديد يجمعهما بعد 19 عاما.. غادة عادل في المداح 5 مع حمادة هلال    إلهام شاهين عن الهجمات الإيرانية على إسرائيل: «أكره الحروب وأنادي بالسلام»    «الأعلى للثقافة»: جائزة المبدع الصغير تهتم باكتشاف المواهب حتى 18 عاما    توفير الاحتياجات الدوائية    نائب وزير الصحة: إضافة 227 سريرًا وحضانة لمنظومة الرعايات والحضانات    «المستشفيات والمعاهد التعليمية» تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى    تعرف على درجات الحرارة اليوم الأربعاء 2 أكتوبر    وزارة الداخلية تقرر رد الجنسية المصرية ل 24 مواطن    «الطفولة والأمومة» ينفذ ورشة عمل لرفع الوعي بقضايا العنف ضد الأطفال    رئيس هيئة سلامة الغذاء يبحث مع المسئولين العراقيين تعزيز التعاون المشترك    الأعلي للجامعات يعلن نتيجة اختبارات الدبلومات والمعاهد للقبول بكليات الزراعة    وزير الرى يلتقى سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون بين مصر وأمريكا    "ظهور محتمل لصلاح".. جدول مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة    الأهلي يصدم علي معلول بقرار مفاجئ بسبب الصفقات الجديدة    الحوثيون يستهدفون 3 مواقع إسرائيلية ويتوعدون باستهداف مصالح أمريكا وبريطانيا    مراسل «القاهرة الإخبارية»: غارات إسرائيلية مكثفة على معظم أنحاء قطاع غزة    تداول 58 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    برئاسة وزير قطاع الأعمال العام.. عمومية «القابضة للصناعات المعدنية» تعتمد موازنة 2024-2025    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مصر تمثل محورًا إقليميًا لتطوير خدمات الصحة    طريقة عمل كيكة البرتقال، باحترافية وبأقل التكاليف    «الإفتاء» توضح حكم الشرع في إهمال تعليم الأبناء    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446 هجريا.. اليوم    7 قتلى في إطلاق نار في مدينة يافا بإسرائيل    الجيش الأردني يغلق المجال الجوي للمملكة ويقول إن مئات الصواريخ الإيرانية تتجه إلى إسرائيل عبر الأردن    طريقة حل تقييم الأسبوع الثاني علوم للصف الرابع الابتدائي بعد قرار الوزير بمنع الطباعة    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    محمود فايز عن دوره في "انترفيو": "متعرفش تحدد هو كويس ولا وحش واتضربت كتير"    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    سلمى أبو ضيف تهدد بمقاضاة المتنمرين على حملها (تفاصيل)    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    خالد الجندى: من يؤمن بأن "السحر يضر" وقع فى الشرك بالله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دنجوان كارتون الأطفال
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 07 - 2009

حين أعلنت والدته عن وجود فأر فى المنزل تقمص كريم ابن السابعة دور القط رغم حبه الكبير لجيرى فى كارتون «توم وجيرى»، ورفع شبشبه وجلس بجانب والديه ليتربص بالفأر ويقتله. ثم قال: «بحب جيرى جدا، بيعمل مقالب فى القط ويضحكنى، بابا وماما يسمونى الفأر لحركاتى معهم». انبسط كريم حين شهد مقتل الفأر على النقيض من أخته نور (12سنة)، التى تراه حيوانا مقززا فى الحقيقة لا علاقة له ببطل الكارتون الذى تحبه، أغلقت غرفتها حتى تخلصوا من «الجثة» واكتفت بالتعليق: «الفأر دائما ينتصر على القطط ويهرب منها، أحبه لكن بقرف منه، شكله مقزز ويخرج من المجارى أمامى فى الشارع». نور وصلت لمرحلة تدرك فيها الفرق بين الكارتون والواقع، أما أخوها الأصغر فهو مغامر بحكم السن قد يفكر فى استئناس أى حيوان يراه فى الأفلام.
من فيلم Ratatouille المدبلج باللهجة المصرية تحت اسم «الفأر الطباخ» إلى أغنية «الفأر السندق» لحمادة هلال، ومن المعلم رشدان فى «سلاحف النينجا» إلى «توم وجيرى» و«ميكى ماوس».. ظل خيال المبدعين يلعب على تكوين هذا الحيوان الصغير، السريع الحركة، والقريب إلى قلوب الأطفال بمغامراته حتى صار يدمج فى أفلام الرسومات المتحركة الموجهة للكبار كما فى فيلم «ستيوارت الصغير»، الذى نال نجاحا كبيرا.
يعود الفضل إلى والت ديزنى فى لفت الأنظار لخرافية هذا الحيوان على الشاشة من خلال شخصيته العالمية الفأر ميكى، والذى استقاه من قصة حقيقة شخصية حدثت معه بالفعل أثناء وجوده بالسجن، كان يدخل عليه فأر صغير يسلى وحدته، فقرر أن يجعله محط تسلية المئات، ومن ثم كانت شخصيات ميكى ماوس وتوم وجيرى الكرتونية.
شعبية الفأر تنبع من كونه شخصية مزعجة ومناكفة تذكرنا باندفاع الطفولة، هذا بالإضافة لبساطة هيكله، الذى يجعل رسمه سهلا. عادل عوض المدير الفنى لشركة رسوم متحركة يوضح: «رغم انتشاره وتكراره فإن شعبيته لن تتراجع طالما هناك إبداع فى نقله حتى لو جسد دور الشر فشره محبب».
يلجأ رسام الكارتون إلى الحيوانات، التى يخدم جسدها طبيعة الشخصية، فلو الشخصية طيبة يختار حيوانا يعرف بالطيبة كالأرنب والفراشة وهكذا.. يضيف عادل عوض: «المهم أن يكون البطل هو الحيوان بعيدا عن البشر، فمثلا توم وجيرى لما أدخل الفرنسيون عليه بعض العناصر البشرية أفقدوه جماله، اللجوء إلى الحيوانات يجعل الكارتون حرا يداعب خيال الطفل بلا قيود».
عبقرية توظيف الفأر فى أفلام الرسومات المتحركة انتقدها بشدة الشيخ السعودى محمد صالح المنجد حين أفتى على قناة المجد فى أواخر شهر أغسطس الماضى بضرورة قتلها، فقد تحدث عن أن الأطفال أصبحوا ينظرون للفئران، التى يمقتها الإسلام على أنها حيوانات جميلة فى سياق تأثير برامج الأطفال. وقال المنجد إن الفأر حيوان «نجس» فى نظر الإسلام و«يجوز قتله شرعا»!
لا يعارض خبراء الإعلام فكرة توظيف الحيوان فى كارتون الأطفال، ولكن بشرط استخدامها بما يتوافق مع طبيعة هذا الحيوان والبيئة المحيطة، يقول هشام عطية أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: «فى مجتمعنا العربى هناك نوعان من الأطفال: نوع عاش فى بيئة راقية، وبالتالى لم يرى فأرا فى حياته، ونوع آخر يرى الفئران يوميا. الشريحة الأولى تتعامل مع الفأر ككائن أسطورى، وقد تقبل شكله الفنى المرح، أما الغالبية العظمى فستتعامل معه على أساس أنه عنصر خطر وغير مفضل، من هذا التناقض يتضح لنا كيف أننا قدمنا للطفل مفردات تتنافى مع عناصر تتواجد ببيئته، بل أضفنا بعدا إنسانيا لهذه الكائنات الكارتونية».
وفى دراسة أجراها المركز القومى لحقوق الإنسان حول مضمون الكتب المدرسية وطبيعة الإنتاج المعرفى، الذى تنقله للطفل اتضح أن هناك تكريسا لصورة الفأر كجزء من البيت الفلاحى المصرى وأن وظيفة الطفل هى ملاحقته وملاعبته. وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن منتج هذه الصورة تأثر منذ البداية بكارتون ميكى ماوس بل لم يلتفت إلى أن الفأر فى مصر هو واحد من الحيوانات، التى نقلت عددا كبيرا من الأوبئة على مر التاريخ.
يضيف الدكتور هشام عطية الذى شارك بهذه الدراسة: «تقديم الفأر القذر بصورة أفضل من القط الأليف والنظيف فى مفهومنا العربى لا يرتكز على قاعدة تربوية سليمة بل على المقالب والكمائن، نحن نختصر العلاقات فى العنف والرغبة فى الصراع والتلاعب بالحقائق بشكل مسلٍ وتجارى». تربع الفأر إذن على عرش الإيقونات المتحركة وانتشار الطاعون أو غيره لن يهز هذا العرش الافتراضى بالإحساس بآدمية هذه الحيوانات، لذا فالخطر ينبع من تقديم العنف فى سياق تقديم حياة الحيوانات بهذا الشكل للأطفال وتصوير أن العنف هو العلاقة الطبيعية فى تعاملات الطفل مع أقرانه، مثل توم وجيرى، التى تنقل أبرز صور العنف المبالغ فيه بالنية والممارسة والأدوات والتربص، والتى لا تقف على إيذاء بدنى حاد بل باستخدام أسلحة ومفرقعات خارج فكرة تقديم التسلية فقط، وهذا يبعد الأطفال عن الفكر البناء واختصار توم وجيرى إلى غرض تجارى بحت يحتل فيه الاكشن والعنف مساحة أكبر لجذب اهتمام الأطفال وليحقق مردودا إعلاميا كبيرا برغم سلبية هذا المنتج الفنى على قيم الطفل.
يختم عطية بقوله «الفكرة فى أمثال هذه الكرتونات هو التركيز على حيوان دوره سلبى أصلا وغير مرتبط بوضع صحى سليم فى المدينة لذا علينا كعرب بأن نوظف مفردات البيئة المحلية، والتى هى قريبة الصلة بحياة الناس ومؤثرة فى حياتهم، فمثلا فى مصر لدينا حيوان جميل «أبو قردان» وزمان كنا نقرأ عنه فى الكتب المدرسية أما الآن فإن الحديث عنه اختفى تماما أمام ميكى ماوس وأمثاله، فهناك حيوانات لديها قبول خاصة أنها من صلب المجتمع، الذى نعيش فيه مثل الخروف والفرخة فمشكلة مجتمعنا مع هذه الكرتونات الغربية تنبع من التلقى السلبى لهذه الأيقونات المتحركة وإعادة إنتاجها بلا تركيز ووعى لإبعادها رغم اختلاف بيئتنا وسياقنا، ومن هنا تنبع الخطورة، فكثرة التأكيد على حيوان بعينه وإعادة تكراره بأشكال مختلفة بالذات مع عدم اصطدام الطفل بتجربة حياتية معه وعدم تلقى تحذير منه فى الطبيعه لحقيقة دوره قد يجعله يستأنسه، وهذا أكدته دراسة قمنا بها فى المركز القومى لحقوق الإنسان حول مضمون الكتب المدرسية لدى الأطفال وطبيعة الإنتاج المعرفى، الذى تنقله للطفل فوجدنا مثلا أن هناك تكريس لصورة أن الفأر جزء من البيت الفلاحى المصرى ووظيفة الطفل ملاحقته وملاعبته وتحليلى لمثل هذه الصورة أن منتجها أصلا تأثر فى تقديمه لهذه الحالات بكارتون ميكى ماوس، ولم يلتفت إلى أن الفأر فى مصر واحد من أكثر الحيوانات، التى حملت أوبئة فى التاريخ المصرى على مدى سنوات، وما زال الخطر يؤثر على الإنتاج الزراعى للفلاح الفقير، وهذا المثل يجسد كيفية القفز على الواقع فى كرتون الأطفال، وهو ما يكرس مزيدا من الخطورة على فكر الطفل. والحل يتلخص فى التوظيف السليم لهذه الأعمال الموجهة لأطفال وإعادة إنتاج الشخصيات الكرتونية بما يتناسب مع مفردات البيئة مثل بكار ومعزته الحيوان النشيط بحيث يقدم إضافة للبشر كجزء من بيئتنا بشكل غير مضر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.