الثلاثاء الماضى احتفت نخبة من الكتاب السوريين والمصريين، بإطلاق العدد الأول من مجلة «دمشق» الشهرية، التى أسسها مثقفون سوريون لتكون الصوت الثقافى المعارض لسوريى الداخل والمنفى، ويترأس تحريرها الشاعر السورى نورى الجراح. مفتتحا حديثه الذى تمازجت فيه الثقافة والسياسة، قال الجراح إن اختيار القاهرة لإطلاق المجلة جاء لأنها تقبلت السوريين منذ ما قبل اليوم الأول للثورة السورية، كما أنها عرفت الشوام عموما كمبدعين وأصدقاء، منذ نهايات القرن ال19 وبدايات القرن العشرين، كشعلة للثقافة الحرة والعمل الثقافى والإصلاحى، مثل عبد الرحمن الكوا كبى، وجورجى زيدان، وآل تكلا وغيرهم. وأضاف قائلا: عندما نتحدث عن مصر فنحن نتحدث عن أنفسنا وعندما نأتى إليها يأتى القسم الشمال إلى القسم الجنوبى والعكس»، مشبها العلاقة بين مصر وسوريا ب«طرفى قلب تحرك طاقة مبدعة وحرة أسست باستمرار لثقافة الحرية».
ووصف نورى «دمشق» بأنها مجلة للثقافة العربية، وأنها هدية سوريا الجديدة للثقافة العربية مؤكدا أنها مشروع ثقافى قام به مجموعة من المثقفين العرب والسوريين؛ ليكون منبرا ثقافيا عربيا حرا، يحمل اسم مدينة غُيِّبَت عن الثقافة العربية منذ عام، 1963، حيث منذ صادرت «عصابة آل الأسد» الثقافة السورية، كما صادرت الحياة المدنية، على يد نخبة من العسكريين الذين احتلوا سوريا وغيبوها بكل المعاني». وأكد نورى أن المجلة تصدر بشكل حر ولا تخضع لتمويل مؤسسات أو دول، وإنما يمولها كتابها ومثقفوها، معتبرا ذلك ضمانة لئلا يكون هناك أى سقف تعبيرى للمجلة. واستعرض نورى العدد الأول من المجلة، مشيرا إلى أنه شارك به طيف كبير من الكتاب السوريين والعرب، من بينهم كتاب إيرانيون، مثل عطاء الله مهاجرانى المنتمى إلى الحركة الخضراء، المعادية للنظام الشمولى الدينى المتطرف فى إيران، وكتاب من العرب الأهواز مثل يوسف عزيزى، وهو مقيم الآن فى لندن ومحكوم عليه بالإعدام، والكاتب سلامة كيلة الذى اعتقل وعذب ونفى من سوريا».
وقال نورى إن المجلة التى حررها كتاب من داخل سوريا وخارجها، حاول القائمون عليها هدم الجدران بين الأجيال، وكذلك بين الأسماء اللامعة الكبيرة، والأسماء المجهولة، على الأقل بالنسبة للعالم العربى، معربا عن طموحه لأن تصل المجلة إلى عددها المائة.
ومعتبرا أن الثورات العربية الآن هى ثورات ثقافية، ومشاريع ثقافية بالدرجة الأولى، أكد الجراح على ضرورة وجود منابر ثقافية تعبر عن الثورات العربية، وأنه يجدر بأبناء هذه الثورات إصدار عدد كبير من المجلات الثقافية، على أن تكون مهمتها الأساسية مقاومة الاستبداد.
وفى مداخلة له حول المجلة، وصف الكاتب سعد القرش مجلة «دمشق» بأنها تكاد تكون «كاملة الأوصاف» لولا مأخذين وقعت فيهما فى عددها الأول هما بحسبه ثقل الظل وشدة الدسامة بعض الشيء، فضلا عن استبعاد المجلة لبعض الكتاب المعارضين للثورة السورية كالكاتب السورى أدونيس، وبعض الكتاب العرب كسعدى يوسف الذين يعارضون ليس الثور السورية، وإنما «اللغوصة» التى تتمثل فى وجود احتلال إيرانى روسى من جهة، واحتلال ميليشاوى مدعوم من أطراف عربية وإخوانية من جه أخرى.
فيما اختلف الشاعر عبد المنعم رمضان، مع انتقادات القرش معتبرا أن الحكم على مجلة نشأت فى مثل هذه الظروف منذ عددها الأول، نوعا من التسرع، معربا عن أمله فى أن تستمر المجلة وتواصل صدورها.. وأعرب الشاعر محمد الحمامصى عن أمنيته بأن يكون للصوت الثقافى المصرى مجلة ثقافية تواكب الثورة المصرية وتقرأ أحداثها وتساند شبابها.